سياسة

جدل بمقاطعة سيدي بليوط بعد التصويت على الميزانية دون مناقشة

أثار قرار رئيسة مجلس مقاطعة سيدي بليوط بالدار البيضاء، القاضي بالتصويت المباشر على مشروع ميزانية المقاطعة خلال أشغال الدورة العادية، دون المرور إلى مرحلة المناقشة، جدلا واسعا بين أعضاء المجلس وأوساط المتتبعين للشأن المحلي.

فقد عبر عدد من الأعضاء عن استيائهم مما وصفوه بـ”تجاوز قانوني وإقصاء لحق المستشارين في مناقشة أهم وثيقة مالية تحدد أولويات المقاطعة”، معتبرين أن اعتماد آلية التصويت المباشر يضرب في العمق مبدأ التدبير التشاركي والشفافية الذي يفترض أن يطبع عمل المجالس المنتخبة.

وأكدت مصادر من داخل المجلس أن الخطوة خلّفت أجواء مشحونة داخل القاعة، حيث اعتبر بعض المستشارين أن ما وقع يشكل “سابقة خطيرة” قد تؤثر على مصداقية المؤسسة التمثيلية وعلى ثقة الساكنة في المنتخبين، بينما ذهب آخرون إلى اعتبارها محاولة لتمرير قرارات بشكل انفرادي دون إتاحة المجال للنقاش العمومي.

من جهتهم، شدد معارضو هذا الإجراء على أن الميزانية ليست مجرد وثيقة تقنية، بل هي ركيزة أساسية تحدد مجالات صرف المال العام في ما يخص البنية التحتية، والخدمات الاجتماعية، والمشاريع التنموية داخل تراب المقاطعة.

ويأتي هذا الخلاف في سياق أوسع من التوترات التي يعيشها مجلس مقاطعة سيدي بليوط منذ بداية الولاية الحالية، حيث تتكرر الانتقادات المرتبطة بغياب التوافق، واتهامات بخرق المساطر القانونية المعمول بها في تدبير الجلسات واتخاذ القرارات.

وقال موسى سراج الدين، عضو مجلس مقاطعة سيدي بليوط، إن ما جرى خلال أشغال الدورة العادية الأخيرة للمجلس يعدّ خرقا سافرا للقانون والمساطر المنظمة للعمل الجماعي، موضحا أن أول خرق يتمثل في إغلاق أبواب القاعة في وجه المواطنين، في وقت يفترض فيه أن تكون هذه الدورات مفتوحة أمام العموم باعتبارها محطة ديمقراطية لتتبع ومراقبة تدبير الشأن المحلي.

وأكد سراج الدين، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن “المنع المقصود” لم يكن مجرد صدفة، بل كان جزءا من سيناريو معدّ مسبقا لإخراج دورة عادية على المقاس، مضيفا أن الأحداث التي رافقت الجلسة أظهرت أن الهدف كان تمرير الميزانية بسرعة ودون نقاش، وهو ما يفقد العملية برمتها طابعها التمثيلي والتشاوري الذي يفرضه القانون.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن ما وقع لا يتوقف عند حدود حرمان الساكنة من حضور أشغال المجلس، بل يتعداه إلى خروقات قانونية واضحة في مسطرة التصويت، مبرزا أن رئيسة المقاطعة خرقت صراحة المادة 28 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية، التي تنص على ضرورة تمكين الأعضاء من مناقشة النقاط المدرجة في جدول الأعمال قبل التصويت عليها.

كما شدد سراج الدين على أن هذه الممارسات تشكل ضربا لمبدأ الشفافية والديمقراطية المحلية، وتكرس صورة سلبية عن المؤسسة التمثيلية التي يفترض أن تكون قريبة من المواطنين وخادمة لمصالحهم.

وقال: “ما حصل اليوم لا يمكن اعتباره سوى مخططا مدروسا، هدفه الالتفاف على القوانين، وإفراغ دورات المجلس من محتواها الحقيقي، وهو النقاش العمومي المسؤول والجاد حول قضايا الساكنة”.

وختم عضو المجلس بأن ما وقع خلق استياء واسعا بين مكونات المجلس، وأثار جدلا داخل الأوساط المدنية والسياسية، محذرا من أن استمرار مثل هذه الممارسات سيؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة ويضرب أسس الحكامة الجيدة التي نص عليها الدستور.