أطلق الرئيس البوركينابي إبراهيم تراوري إصلاحاً غير مسبوق في نظام السجون، يقوم على تحويل السجناء إلى مزارعين منتجين، حيث يُكافأ السجين الذي يشارك في العمل الفلاحي بتقليص مدة عقوبته. خطوة لاقت ترحيباً واسعاً داخلياً وخارجياً، باعتبارها رؤية جديدة تجعل من السجين طاقة بناء بدل أن يبقى عبئاً على الدولة.
في المغرب، يظل موضوع العقوبات البديلة مطروحاً منذ سنوات، لكن دون تفعيل حقيقي. تقارير المندوبية العامة لإدارة السجون تشير بوضوح إلى أن الاكتظاظ أصبح معضلة، فيما تلتهم ميزانية التغذية والرعاية الصحية للسجناء جزءاً مهماً من المال العام.
العقوبات البديلة المقترحة في المغرب تتمحور حول ثلاث آليات رئيسية:
- الخدمة المجتمعية كتنظيف الشوارع، صيانة المرافق العامة، أو العمل في مجالات الفلاحة والتشجير.
- الغرامات المالية كتعويض عن بعض المخالفات البسيطة بدل السجن.
- المراقبة الإلكترونية عبر الأساور الذكية لتفادي إيداع آلاف الأشخاص في السجون.
لكن السؤال الأهم: لماذا لم يُفعّل هذا الورش بعد بالشكل المطلوب؟ الجواب يكمن في تردد سياسي وإداري، حيث يظل النقاش أسير تصور تقليدي للسجن بوصفه عقوبة في حد ذاته، بدل أن يكون وسيلة للإصلاح وإعادة الإدماج.
تجربة بوركينا فاسو تقدّم لنا درساً عملياً: السجين ليس رقماً، بل طاقة معطلة يمكن أن تتحول إلى قوة منتجة، تساهم في الأمن الغذائي، وتكتسب مهارات عملية، وتخفف من عبء الدولة المالي. وفي السياق المغربي، فإن دمج السجناء في مشاريع فلاحية أو ورشات صناعية قد يكون حلاً ذكياً لتقليص الاكتظاظ، تقوية الاقتصاد المحلي، وإعادة الاعتبار لفكرة أن العقوبة ليست نهاية المطاف بل بداية جديدة.
يبقى السؤال مفتوحاً: هل سيجرؤ المغرب على الانتقال من منطق العقوبة السالبة للحرية إلى منطق العقوبة المنتجة، حيث يصبح السجين جزءاً من التنمية بدل أن يكون رقماً في معادلة الاكتظاظ؟