سياسة

أوزگيط: البام عازم على تشبيب الصفوف وشعار المؤتمر التزام حقيقي بالتجديد

أكد يوسف أوزگيط، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة ونائب رئيس مجلس جهة درعة تافيلات، أن شعار المؤتمر “شباب يقود، أمل يعود” يعكس استراتيجية الحزب لتشبيب الصفوف واستعادة ثقة الشباب، موضحا أن الحزب يسعى لمنح الشباب مواقع قيادية فعلية، وإعادة الأمل من خلال برامج ملموسة تعنى بقضاياهم الرئيسية، مثل التشغيل، وذلك بما يتوافق مع التوجيهات الملكية السامية.

وأوضح أوزگيط ضمن حوار مع جريدة “العمق”، أن شعار “شباب يقود” يعكس رغبة الحزب في تمكين الأجيال الجديدة وإشراكهم في صنع القرار، وذلك عبر مبادرات عملية مثل “جيل 2030” التي تهدف إلى دمج الشباب سياسيا وتنظيميا. كما أكد أن الحزب يسعى لإعادة الأمل عبر برامج اقتصادية واجتماعية ملموسة تعنى بالتعليم والتشغيل والسكن، مشددا على أن إشراك الشباب في الواجهة سيعزز الثقة بين المجتمع والسياسة ويبرهن على التزام الحزب بالتجديد.

وفيما يلي نص الحوار الكامل:

كيف يعكس شعار المؤتمر “شباب يقود، أمل يعود” رؤية الحزب للشباب ودوره في المرحلة المقبلة؟

الشعار في جوهره يشتغل كجسر بين بعدين أساسيين. أولهما بعد إعلاني وتنظيمي يعلن بوضوح عن إرادة الحزب في تشبيب الصفوف وتحويل موقع المبادرة إلى الشباب داخل بنيته التنظيمية. أما البعد الثاني فهو اصطلاحي ورشدي، يروم إعادة إنتاج خطاب الأمل الوطني لدى قواعد الشباب والناخبين بعد مرحلة من الاحتقان وفقدان الثقة في العمل السياسي.

في قراءته السياسية، يحمل عنصر “شباب يقود” دلالة إجرائية واضحة، فهو ليس مجرد شعار تجميلي، بل تعبير عن رغبة فعلية في دفع أجيال جديدة نحو مواقع صنع القرار، سواء عبر المؤتمرات المحلية والجهوية والوطنية، أو من خلال مراكز القرار داخل الشبيبة وآليات القيادة الجماعية. ويتقاطع هذا التوجه مع مبادرات الحزب مثل “جيل 2030″، التي تسعى إلى إدماج الشباب في هيكل الحزب تنظيمياً وسياسياً، بما يعكس تحولات حقيقية نحو تشبيب فعلي يتجاوز حدود الخطاب.

أما عبارة “أمل يعود” فهي تعكس استراتيجية أوسع لاستعادة الشرعية وتجديد المقترح السياسي. فهي جسر تواصلي موجه إلى جمهور أوسع من الشباب والمواطنين، يبشر بأمل مشبع بمضامين اقتصادية واجتماعية مثل التعليم والشغل والسكن والإدماج، إلى جانب أمل في مناخ سياسي متوازن. هذا الخطاب يسعى إلى بناء رواية جديدة مفادها أن تشبيب القيادة سيمكّن من ترجمة تطلعات الشباب إلى سياسات واقعية تعيد الثقة، على أن تُقاس جدية هذا الوعد ببرامج عملية ومواعيد قابلة للقياس.

هذا التوجه يندرج أيضاً في سياق الاستجابة للتعليمات الملكية السامية المؤطرة لعمل الحزب، وخاصة المقتطف الوارد في خطاب الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب سنة 2018، حين شدد جلالة الملك على أن الشباب يمثلون دائماً الثروة الحقيقية للبلاد ويجب أن يمنحوا المكانة التي يستحقونها في بناء المغرب الحديث.

ويأتي طرح هذا الشعار في لحظة سياسية وتنظيمية دقيقة يعيشها الحزب. فقد كشف انتخاب قيادة جماعية جديدة عن رغبة في تغيير أساليب التدبير والابتعاد عن الممارسات التقليدية، وهو ما يفتح نافذة لتجارب قيادة شبابية أو مشتركة. كما أن سلسلة اللقاءات والمؤتمرات الإقليمية والجهوية والوطنية، إلى جانب مبادرات مثل “جيل 2030″، تُؤسس لقاعدة تنظيمية صلبة لتجديد النخب وإبراز وجوه شابة. والمؤتمر الوطني الثاني للشبيبة المزمع عقده في 26 و27 شتنبر 2025 يأتي ليؤكد أن الحزب يريد إظهار التزام عملي وليس الاكتفاء بخطاب.

على المستوى السياسي والاستراتيجي، يتيح هذا الشعار فرصا متعددة. فهو أولا يملك قدرة رمزية على اجتذاب قاعدة شبابية وناخبين متأرجحين قد يكونون في موقع الحيرة قبيل الاستحقاقات. وثانيا، يساعد على تفكيك صورة قديمة ارتبطت بالحزب، إذ يسهم التشبيب في تحديث العلامة السياسية وإظهار الحزب كفاعل قادر على التجديد. وثالثاً، يفتح المجال لإعادة ترتيب الأولويات السياسية، بحيث يصبح التركيز منصباً على قضايا الشغل وريادة الأعمال الرقمية والتعليم المهني، وهي ملفات تستجيب مباشرة لانتظارات الشباب وتطلعاتهم.

إلى أي مدى يشارك الشباب في اتخاذ القرارات وصياغة البرامج السياسية للحزب؟

هذا سؤال مهم، أشكركم على طرحه، لأنه يتيح التمييز بين الممارسة الفعلية والخطاب أو النوايا. يمكن استنتاج صورة تقريبية تعكس إشارات واعدة، لكنها لا تخلو من بعض التحديات والاختلالات.

تتجلى مشاركة الشباب الفعلية من خلال عدة مبادرات وبرامج. على سبيل المثال، أطلقت شبيبة حزب الأصالة والمعاصرة مبادرة “جيل 2030” بهدف إشراك الشباب في السياسات العمومية وتمكينهم من صياغة رؤية سياسية موجهة للشباب. وشملت المبادرة جمع اقتراحاتهم، الاستماع إلى مقترحاتهم، وتنظيم ورشات جهوية لتسهيل الحوار المباشر بينهم وبين قيادة الحزب.

كما تتوفر فضاءات لتكوين وتأطير الشباب، من أبرزها “أكاديمية البام” والجامعة الصيفية للشبيبة، التي توفر برامج تدريبية وتأهيلية للأطر الشابة على المستويين السياسي والتنظيمي. إضافة إلى ذلك، تنظم الشبيبة والهيئات الحزبية لقاءات جهوية ونقاشات حول قضايا الشباب، بهدف تبادل الآراء وتحديد التطلعات والتحديات.

أما على المستوى التنظيمي داخل الحزب، فقد تم تحديد سن الانتماء إلى الشبيبة كمعيار رسمي لفتح المجال أمام الشباب للمشاركة في أنشطة المنظمة. كما تشير المبادرات والخطابات إلى رغبة الحزب في تمكين الشباب من مراكز القرار، وإن كانت هذه الرغبة لا تزال تظهر في إطار الخطاب أو المبادرات الأولية.

وفي هذا الإطار، شهد إقليم تنغير إشعاعا كبيرا للشباب، حيث التحق عدد من الكفاءات الشابة التي حافظت على تواصل دائم مع المواطنين وحضور فعلي في الميدان، مما يعكس انخراطاً حقيقيا وملموسا في الشأن السياسي المحلي.

ما هي الإستراتيجيات الفعلية للحزب لتعزيز الثقة بين الشباب والعمل السياسي؟

تسعى استراتيجيات حزب الأصالة والمعاصرة إلى إشراك الشباب وتفعيل دورهم في المجتمع، ويأتي على رأسها مبادرة “جيل 2030″، إلى جانب التركيز على أدبيات الحزب والفعاليات التي تبرز الدور المحوري للشباب.

تشمل هذه الاستراتيجيات تمكين الشباب من المشاركة الفعلية في صنع القرار المحلي والحزبي، من خلال ندوات محلية وجهوية وجهود داخل منظمة الشبيبة، مع التأكيد على أن تمثيل الشباب يجب أن يكون فعليا وليس اسما فقط. كما يسعى الحزب إلى تعزيز فرص التشغيل عبر الشراكة مع المؤسسات والقطاعين العام والخاص، ودعم المبادرات الحكومية مثل برامج التكوين المهني ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى مشاريع الشغل في العالم القروي.

كما تركز المبادرة على تأطير الشباب وتنمية قدراتهم السياسية والمدنية ومهارات الترافع، من خلال اللقاءات الجهوية والنقاشات التي تتيح تبادل الأفكار وفهم السياسات العمومية.

فيما يخص دفع الكفاءات الشابة للترشح في الانتخابات المقبلة، بدأ الحزب الإعلان عن نوايا ومبادرات تشجع ذلك، مع الإشارة إلى أن التنفيذ الكامل يعتمد على إرادة القيادة المركزية والمحلية لتفعيل “دمقرطة الترشيحات” وتوفير الدعم اللازم من تمويل وتدريب وإتاحة الفرص. ويعكس حضور الكفاءات الشابة المتمكنة في قيادة الحزب التزامه بإعداد نموذج يحتذى به في التجربة المغربية.

كيف يعمل الحزب على تطوير قدرات الشباب وتأهيلهم سياسيا وإداريا؟

هذا السؤال يذهب إلى جوهر العمل على إشراك الشباب، ليس بشكل شكلي فقط، بل عبر تحويل شابات وشبان إلى فاعلين سياسيين وإداريين حقيقيين. وللحزب استراتيجية منهجية تهدف إلى تمكين الشباب من خلال عدة محاور واضحة:

التكوين والتأطير السياسي والفكري:
ينظم الحزب على المستوى الوطني والجهوي أكاديميات ودورات تدريبية للشباب حول التدبير السياسي، آليات الترافع، وأساليب المشاركة الديمقراطية. كما توفر الجامعات السياسية للشباب فضاءات حوارية لتعريفهم بمؤسسات الدولة والدستور والآليات القانونية للتأثير في القرار. إضافة إلى ذلك، تهدف ورشات القيادة ضمن برامج مثل “جيل 2030” إلى تقوية مهارات الشباب في الخطابة، التسيير، والتواصل السياسي.

إشراك الشباب في صياغة البرامج والقرارات:
تمثل منظمة شباب البام قناة رسمية للشباب داخل الحزب، تُتيح لهم المساهمة في النقاش حول البرامج والسياسات. ويجري إدماج مقترحاتهم في القضايا الحيوية مثل التشغيل، الرقمنة، البيئة، والعدالة الاجتماعية، مع خلق فضاءات استماع ومشاورات محلية وجهوية لعرض تصوراتهم ورؤية تأثير مبادراتهم عملياً.

التمكين الإداري والتنظيمي:
يُسند الحزب مسؤوليات تنظيمية للشباب على المستوى المحلي والجهوي، ويشركهم في الهياكل الوطنية، بما في ذلك المكتب السياسي واللجان، ما يمنحهم خبرة مباشرة في صناعة القرار. كما توجد برامج لإعداد الشباب لتولي مناصب تسيير في الجماعات الترابية، لتكون بمثابة مدرسة عملية للتدبير الإداري والسياسي.

التمكين عبر الانتخابات والتمثيلية:
يوفر الحزب فرصاً للشباب في اللوائح الانتخابية الوطنية والجهوية والمحلية، مع تشجيع الكفاءات المحلية من مختلف المهن لإعدادهم كوجوه انتخابية مستقبلية. كما يقدم الدعم اللازم من تدريب انتخابي، لوجستيك، وأدوات تواصل لضمان مشاركتهم الفعالة.

ما الدور المتوقع للشباب في تعزيز حضور الحزب ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الوطني؟

الدور المنتظر من الشباب داخل الحزب يتجاوز المشاركة الشكلية ليكون


قاطرة للتجديد وجسر ثقة بين الحزب والمجتمع، خاصة فئة الشباب، من خلال تقديم أفكار ومشاريع عملية لمواجهة تحديات التشغيل والفوارق الاجتماعية، والمساهمة في التحول الاقتصادي نحو الرقمنة والاستدامة. هذا الدور يمثل تحدياً أساسياً أمام الأحزاب في المغرب، إذ يضع الشباب في قلب الرهان الوطني وليس فقط الحزبي.

على مستوى الخطاب السياسي، يملك الشباب القدرة على إدخال لغة جديدة تعكس هموم المواطن اليومية، مثل التعليم، التشغيل، السكن، الصحة، والبيئة. كما يمكنهم تقديم بدائل واقعية تتجاوز الشعارات العامة، ما يرفع من مصداقية الخطاب الحزبي ويجعله أكثر قرباً من الناس.

في المجال الاقتصادي، يسهم الشباب في الدفع نحو الاقتصاد الرقمي والابتكار، عبر دعم المقاولات الناشئة والمنصات الرقمية وحلول التشغيل الذاتي. كما يمكنهم تقديم مقترحات لمراكز تكوين وتأهيل مرتبطة بسوق الشغل، والمساهمة في مشاريع الاقتصاد الأخضر كالطاقات المتجددة والفلاحة المستدامة، ما يفتح آفاقا واعدة للوظائف وفرص الاستثمار المحلي.

أما على مستوى العدالة الاجتماعية، فإن الشباب، بحكم قربهم من واقع البطالة وصعوبة الوصول إلى السكن والخدمات، يمثلون قوة فاعلة لدفع سياسات حماية اجتماعية أكثر جرأة، والعمل على تطوير برامج دعم للفئات الوسطى والفقيرة، بما يعزز التوازن الاجتماعي ويسهم في الحد من الفوارق.

إشراك الشباب في النخب السياسية والإدارية، سواء في الجماعات الترابية أو في البرلمان، يساهم في خلق جيل جديد قادر على التدبير المحلي والوطني المبتكر، ويؤسس لرأسمال بشري مستدام للحزب على المدى الطويل، بدلاً من إعادة تدوير نفس الوجوه التقليدية.

وأخيرا، وجود الشباب في الواجهة يعزز الثقة بين المجتمع والسياسة، إذ يظهر أن الحزب منفتح ومتواصل مع قاعدة المجتمع، خصوصا إذا رافق ذلك إنجازات عملية ملموسة. هذا التوازن بين التجديد السياسي والفاعلية الاقتصادية والاجتماعية يجعل من الشباب قوة حقيقية للتغيير والمسؤولية داخل الحزب والمجتمع على حد سواء.