مجتمع

نجت من الموت وفقدت ملامحها.. شهادة مروعة من ضحية تشرميل على يد طليقها (فيديو)

تصوير ومونتاج: سليم الحسوني

في واحدة من أبشع قصص العنف الأسري التي هزت الرأي العام، كشفت شابة مغربية عن تفاصيل مأساوية عاشتها على يد طليقها، في واقعة تعكس تصاعد ظاهرة الاعتداءات الجسدية والنفسية ضد النساء، خاصة مع ما يعرف شعبيا بـ”التشرميل” أو الاعتداء بالسلاح الأبيض لتشويه الضحايا.

إيمان، شابة في الخامسة والعشرين من عمرها وأم لطفل يبلغ أربع سنوات ونصف من مدينة تازة، روت لجريدة “العمق المغربي” تفاصيل الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له من طرف طليقها، والذي انتهى بوجه مشوه وحالة نفسية مأساوية.

تقول إيمان إن قصتها مع المعتدي بدأت قبل سنوات، حين اعتدى عليها لأول مرة ما أدى إلى توقيفه قضائيا. لكن رغبتها في تسوية الوضعية القانونية لابنها دفعتها إلى التنازل عن المتابعة والزواج منه رسميا داخل المحكمة. ورغم صدور حكم ابتدائي بسجنه خمس سنوات، تم تخفيف العقوبة إلى سنة واحدة بعد تنازلها.

غير أن العنف لم يتوقف، بل أصبح جزءا من حياتها اليومية، إذ كان طليقها يهددها باستمرار بالقتل. وفي ليلة الواقعة، تضيف إيمان، اقتحم منزلها ليلا وأخذ هاتفها وأجبرها على مرافقته رفقة ابنها إلى منزل مهجور بلا ماء أو كهرباء، حيث قضيا ليلة كاملة في الجوع والخوف قبل أن تتعرض لضرب مبرح.

في الصباح تمكنت من الهروب إلى منزل والدتها، وقدمت شكاية رسمية إلى وكيل الملك مرفوقة بشهادة طبية تثبت مدة عجز تصل إلى 19 يوما. غير أن المعتدي علم بخطوتها القانونية فاتصل بها طالبا منها التراجع عن الشكاية ومنح “تبرئة”، فوافقت ظاهريا للتخلص منه، ورافقت الشرطة لإبلاغهم بما حدث. لكن السلطات لم تكن قد توصلت بعد بالأمر القضائي لاعتقاله، فطُلب منهما المغادرة بشكل منفصل.

بعد دقائق، هاجمها المعتدي مجددا في الشارع العام. وحين حاولت الهرب، لحق بها إلى مركز الشرطة حيث نصحوها بالعودة إلى المداومة لتحرير محضر جديد. وبينما كانت في طريق العودة إلى بيتها، واجهها من جديد مهددا بسكين، قائلا إنها ستكون السبب في دخوله السجن إن لم تتراجع. ثم شرع في تمزيق وجهها من الفم إلى الأذنين، محاولا اقتلاع عينها قبل أن تتصدى له بذراعها، ما تسبب في إصابات خطيرة بيديها وذراعيها أفقدتها القدرة على تحريكهما.

الاعتداء وقع في شارع عام على الساعة الثامنة مساء وسط ذهول المارة وصراخ والدتها، قبل أن تصل فرق الإسعاف وتنقلها إلى المستشفى حيث أجريت لها عملية جراحية دقيقة على يد أطباء صينيين، وجهت لهم الشكر لإنقاذ حياتها.

تقول إيمان إنها اليوم تعاني من أزمة نفسية حادة، إذ يخاف منها طفلها، وترفض النظر إلى نفسها في المرآة، وتفكر في الانتحار بسبب ما آلت إليه حياتها. وتروي أنها عندما ذهبت إلى الرباط لإجراء مقابلة وحاولت سؤال سيدة عن مطعم، هربت منها، وأن ابنها نفسه يرفض النوم بجانبها.

الضحية وجهت نداء إلى العدالة والجمعيات الحقوقية للتصدي لظاهرة “التشرميل”، مؤكدة أن كل فتاة تحاول إنهاء علاقة مع رجل عنيف تواجه التهديد بالسلاح الأبيض. وتابعت أن المعتدي كان يهددها ويهدد والدتها بإحضار ماء القاطع من فاس ليمحو وجهها. وطالبت بإنزال أقسى العقوبات عليه، مشيرة إلى أنه ما زال يتصل بها من داخل السجن طالبا منها التنازل مجددا رغم أن حياتها دمرت بالكامل.

وفي نداء مؤثر، خاطبت إيمان الملك محمد السادس والشعب المغربي والجمعيات المدنية قائلة إنها لا تطلب مالا، بل فقط أن يعود وجهها كما كان، ولو قليلا.

هذه الحادثة تفتح مجددا النقاش حول العنف الأسري بالمغرب، وحول مدى فعالية القوانين الحالية في حماية النساء من الاعتداءات الخطيرة، خاصة مع انتشار أساليب “التشرميل” التي تستهدف تشويه الضحايا لإرهابهن ومنعهن من التبليغ أو الانفصال.

تأتي هذه الجريمة في سياق يتسم بتصاعد القلق المجتمعي إزاء استمرار العنف الموجه ضد النساء، رغم الترسانة القانونية التي تم تعزيزها خلال السنوات الأخيرة، وعلى رأسها قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2018.

ويعاقب القانون بالحبس من سنة إلى عشر سنوات كل من تعمد تشويه وجه أو جسد الغير بسلاح أبيض، خاصة إذا كان الفعل مقترنا بسبق الإصرار أو مرتبطا بعلاقة زوجية أو قرابة، كما ينص على تشديد العقوبات في حالة العود أو وجود أطفال ضمن الضحايا.

ورغم ذلك، تشير المعطيات الرسمية إلى أن تطبيق القانون يواجه تحديات كبيرة، أبرزها بطء المساطر، والخوف من الوصم الاجتماعي، وغياب الحماية الفعلية للضحايا.

ووفقا لإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن أكثر من 54% من النساء المغربيات ما بين 18 و64 سنة تعرضن لشكل من أشكال العنف، وتظل النسبة الأعلى داخل الوسط الزوجي. كما كشفت رئاسة النيابة العامة في تقريرها السنوي الأخير عن تسجيل أزيد من 20 ألف قضية عنف ضد النساء خلال عام واحد، تتراوح بين العنف الجسدي، النفسي، الاقتصادي والجنسي.

وتطالب جمعيات حقوقية منذ سنوات بإحداث خلايا مستعجلة لحماية النساء في وضعيات الخطر، وتشديد المراقبة على المفرج عنهم في قضايا عنف أسري، خصوصا أولئك الذين يواصلون تهديد الضحايا من داخل السجون أو بعد الإفراج.