سياسة

جبرون: احتجاجات “جيل زيد” تعكس أزمة ثقة وعلى المسؤولين الإنصات والتواصل بدل التعتيم

شهدت مدن مغربية عدة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة موجة احتجاجات واسعة، شارك فيها آلاف الشباب ضمن ما بات يعرف بـ”جيل Z”، رافعين شعارات تطالب بتحسين أوضاع الصحة والتعليم، ومحاربة الفساد، وصون كرامة المواطنين. وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد التوتر الاجتماعي وعجز الحكومة عن تقديم إجابات مقنعة.

وفي هذا السياق، اعتبر المؤرخ والأستاذ الجامعي محمد جبرون، في تعليق له على الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن مغربية ضمنها العاصمة الرباط، أن هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات، والتي دخلها المغرب دون مقدمات واضحة، تفرض على “أصحاب القرار” اتخاذ خطوات شجاعة وعملية لاحتواء الاحتقان وإعادة الطمأنينة إلى نفوس الشباب.

وأوضح جبرون أن أحد الأسباب الجوهرية وراء هذه التعبئة الشعبية يعود إلى طبيعة النظام السياسي، الذي يكرس، حسب تعبيره، “فكرة أن المواطن في خدمة الدولة وليس العكس”. وأكد أن هذا التصور يؤدي في كثير من الأحيان إلى انزلاق الاحتجاجات بسرعة نحو استهداف الدولة كمؤسسة، والتشكيك في مشروعيتها باعتبارها ملكا عاما.

وانتقد جبرون أداء الحكومة، معتبرا أنها المسؤولة سياسيا عما يحدث، قائلا إنها “لا تبذل أي جهد للتواصل، وكأنها غائبة تماما عن الساحة”، مضيفا أن التعتيم الإعلامي أصبح سياسة ممنهجة، حيث يعقد الناطق الرسمي باسم الحكومة ندوات لا يكاد يحضرها أحد، مما يعكس غياب الإرادة في التواصل مع الرأي العام.

وفي السياق ذاته، نبه المتحدث إلى ما وصفه بـ”تأميم الإعلام”، الذي فتح المجال أمام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار الزائفة والدعاية، مشيرا إلى أن الشباب يعيشون يوميا حالة من التناقض. فهم مطالبون بالإيمان بالعدالة الاجتماعية، في حين تتناقل وسائل الإعلام أخبارا عن شبهات فساد تطال مسؤولين كبار دون أي توضيحات رسمية، إلى جانب تراجع الدولة عن قوانين ذات طابع أخلاقي، مثل تجريم الإثراء غير المشروع، وعدم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأكد جبرون أن الشباب لا يطلبون الكثير، بل فقط “من يمنحهم الأمل، ويمنحهم الإحساس بالأمان في حضن وطنهم”. وشدد على أن الطريق نحو ذلك واضح، ويبدأ بشجاعة الفعل السياسي، والإنصات الحقيقي، والتواصل الفعال. وحذر في ختام حديثه من أن الدفع بالقوى الأمنية إلى الشارع لن يكون حلا، بل سيزيد الوضع تعقيدا.