مجتمع

أكثر من 1500 فلاح و140 تعاونية.. القنب الهندي يتوسع بالحسيمة بعد التقنين

شهد إقليم الحسيمة توسعاً لافتاً في مساحة القنب الهندي القانوني، التي تجاوزت 1300 هكتار هذا الموسم، بمشاركة ما يفوق 1500 فلاح منخرطين في أزيد من 140 تعاونية، ما يعكس دينامية قوية يعرفها الإقليم في إطار تفعيل القانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية.

وارتفعت المساحة المزروعة إلى 1359 هكتاراً مقابل 459 هكتاراً العام الماضي، فيما قفز عدد المزارعين إلى 1504 فلاحين منظمين في 148 تعاونية، بعد أن كان العدد لا يتجاوز 460 مزارعاً موزعين على 61 تعاونية خلال الموسم الماضي.

هذا التوسع لم يتوقف عند ضبط نشاط فلاحي تقليدي ارتبط بالمنطقة لعقود، بل امتد إلى إطلاق مشاريع متكاملة تشمل مختلف حلقات السلسلة، من الزراعة إلى الإنتاج والتصنيع والتحويل والتسويق والتصدير، بما يعكس رهانا اقتصاديا واجتماعيا موجها نحو التنمية المحلية.

وعرف الإقليم إحداث مشاتل متخصصة ووحدات لتجفيف القنب الهندي، إلى جانب إطلاق وحدات للتحويل والإنتاج، في خطوة تروم تعزيز سلاسل القيمة وتحسين مردودية هذا النشاط الفلاحي، بما يسهم في خلق دينامية اقتصادية محلية ويدعم إدماج المنطقة في سوق واعدة ذات أبعاد وطنية ودولية. وينتظر أن تشكل هذه المشاريع قاعدة صلبة لتشجيع الاستثمار وفتح آفاق جديدة للتنمية القروية.

فؤاد بنعلي، رئيس تعاونية “بوصمادة” بجماعة الرواضي، أوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن “تقنين القنب الهندي حفز إحدى عشر مزارعا على الانخراط في التعاونية التي تعمل على زراعة البذور المقدمة وفق معايير دولية تمليها شروط التسويق والتصدير”، مضيفاً أن “هذه العملية تتم بإشراف من الشركة التي يوجه إليها الإنتاج، حيث تتابع المشروع مع الفلاحين وفق شروط قانونية تربطها بهم”، معبرا عن سعادته بممارسة هذا النشاط الزراعي الواعد في ظروف قانونية، والمساهمة في دعم الاقتصاد الاجتماعي المحلي، مما يتيح تحريك عجلة التنمية بالمنطقة، في احترام تام لمعايير السوق الدولية.

من جانبه، أبرز عبد المنعم بلعتيق، مسؤول تقني بشركة “نافيتاس كروب”، أنه يتابع مع المزارعين كل مراحل الإنتاج، بإشراف من مهندسي الشركة، حتى تتوفر مردودية جيدة في المحاصيل، ووفق معايير الممارسات الجيدة أثناء الزراعة والحصاد. وأوضح أنه مباشرة بعد عملية حصاد المحصول الزراعي، يتم المرور إلى عملية تجفيف المنتوج، قبل تحويله حسب الغرض المخصص له، سواء للاستعمالات الطبية أو التجميلية أو الغذائية، حيث يخضع المنتوج لمجموعة من المعايير، من بينها أن يكون خالياً من البكتيريا والسموم، لتأتي مرحلة التخزين التي تتم وفق المعايير المطلوبة، قبل أن يتم تحويل المحصول مباشرة نحو الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.

ولتنويع الإنتاج، حرص القائمون على تأطير هذه الزراعة على تنويع البذور المستعملة، حيث تم خلال هذا الموسم زراعة 1289 هكتاراً من صنف “البلدية” المحلي، مقابل 70 هكتاراً من الأصناف المستوردة من القنب الهندي.

في السياق ذاته، نوه يونس شعوان، مسير جمعية “ميديكناب تسكيت” بجماعة كتامة، بالمجهودات المبذولة لتوفير الظروف المناسبة لعمل المزارعين، مضيفاً أن التعاونية أصبحت تتوفر على وحدة للتجفيف، وبات بإمكانها تسويق منتوجها، كما تمكنت من اقتناء وعاء عقاري لبناء مصنع لتحويل القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية.

وفي تصريح مماثل، أكد محمد الخمليشي، مسير تعاونية التحويل “الحانوت بيو” بدوار الحانوت بجماعة مولاي أحمد الشريف، أن نشاط التعاونية يستمر للسنة الثانية، مع تسجيل تقدم ملموس في الإنتاج هذا الموسم، بفضل المواكبة التقنية الشاملة للمزارعين الذين أصبحوا يستعملون طرقاً مبتكرة لتحسين المنتوج، كما حازت التعاونية على شهادة الجودة. واعتبر أن سلسلة القنب الهندي يمكن أن تشكل رافعة للتنمية المحلية لفائدة شباب المنطقة، ومجالا للاستثمار، إذ فتحت أمامهم باب الاستثمار وتسويق المنتوجات المحلية.

وفي سياق هذه الدينامية، يستعد إقليم الحسيمة لولوج عالم صناعة القنب الهندي، بمشروع بناء أول وحدة تحويلية بمنطقة أمريقة بجماعة الرواضي، والتي ستفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد المحلي، ويأتي بناء هذه الوحدة في إطار تنفيذ القانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، ولتعزيز العرض الصناعي بالإقليم، والتشجيع على الاستثمار والمساهمة في التنمية المحلية، لاسيما من خلال خلق فرص الشغل، وتطوير سلسلة بجودة عالية تروم تطوير الاقتصاد المحلي، بصناعة مسؤولة وتتسم بالجودة.

وتجسد هذه المشاريع حرص الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي بإقليم الحسيمة على ضمان تكامل سلسلة الإنتاج، من الزراعة إلى التسويق، مع تقديم الدعم الفني والتقني والمواكبة القانونية للمزارعين والمستثمرين. كما تشمل هذه الجهود المواكبة والتكوين والتأطير لضمان جودة المنتوج، وحسن استغلال الموارد الطبيعية للمنطقة.