سياسة

رفض تهم إثارة الفتنة.. بنعبد الله: الحكومة تتهرب من المسؤولية والدولة مطالبة بالإصغاء للشباب

دعا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، الحكومة لأن تكون لها الجرأة، وفق تعبيره، لتقديم استقالتها قبل انتخابات 2026، معبرا عن رفضه اتهام حزب “الكتاب” بتأجيج الأوضاع وإحداث الفتنة.

وقال بنعبد الله، في كلمة له على هامش الجامعة السنوية التي ينظمها الحزب، صباح السبت بالرباط: ” التجربة الحالية يتعين أن تقف، نحن مؤسساتيون، سنصبر إلى غاية سنة 2026 إن طُلب منا ذلك وإن اقتضى الأمر ذلك. لكن ربما قد يأتي الفرج من خلال بروز نظرة ناضجة لدى هذه الحكومة، بأن تنصت وتستمع، وأن تكون لها الجرأة لتقدم الحساب قبل الأوان، وربما أن تقدم استقالتها نزولاً عند رغبة مختلف مكونات الشعب”.

وأضاف: “نحن في حاجة إلى تغيير المسار، كما قلنا ذلك منذ أربع سنوات، غير أننا لم نجد سوى السب والشتم والاتهامات من الحكومة التي ترفض من يعارضها ويكشف ثغراتها، لكننا سنظل نؤكد أن الحل هو في بديل ديمقراطي تقدمي يعيد الثقة للمواطنين، ويجعل الشباب في قلب العمل السياسي، وينهي مظاهر الفساد والريع، ويفصل بين المال والسلطة”.

وعاد المتحدث ذاته بالذاكرة لفشل المعارضة في تقديم ملتمس للرقابة، وقال بهذا الخصوص: “حاولنا، في المعارضة أن نجرب ملتمس الرقابة، لكن “الله يهدي معارضتنا أيضاً” فبعض مكوناتها لم تكن في المستوى المطلوب، وأقدم التحية لباقي الأحزاب التي سارت في نفس اتجاهنا، ولم تكن لنا القدرة على الإطاحة بهذه الحكومة لأن الأرقام لا تساعدنا على ذلك، حتى وإن توفرت الإرادة السياسية”.

كن جهة ثانية، أوضح محمد نبيل بنعبد الله أن قيادة الحزب قررت أن تجعل من هذه السنة محطة لمناقشة “البديل الديمقراطي التقدمي”، في وقت يرى أن البلاد “في أمسّ الحاجة إلى توجه آخر يفتح أفقاً جديداً للنقاش العمومي”.

وأشار بنعبد الله أن هذا القرار “لم يكن مرتبطاً مباشرة بما تشهده البلاد اليوم من تعبيرات احتجاجية سلمية يقودها الشباب”، مشدداً في المقابل على أن الحزب “يؤكد تضامنه القوي معها على مستويات مختلفة”.

واعتبر أن هناك حاجة ملحّة، في أفق الاستحقاقات المقررة السنة المقبلة، إلى “نقاش حقيقي وإنصات متبادل وتبادل للرؤى”، مؤكداً أن هذا الإنصات “لا ينبغي أن يقتصر على الجانب المؤسساتي أو الحزبي أو المدني، بل لا بد أن يشمل فضاء أساسياً هو الشباب، هذه القيمة التي يحملها المجتمع المغربي، والتي من الضروري أن نصغي إليها”.

وأضاف بنعبد الله قائلاً: “أقول بكل تواضع إننا كنا واعين في الحزب بوجود طفرة وتحول مجتمعي عميق تشهده بلادنا، ولا يمكن فهمه إلا بالاستماع إلى من يجسده، أي الأجيال الجديدة. علينا أن نتحاور معهم حول مطالبهم ورؤاهم وطرق تعبيرهم الجديدة التي تختلف عن الوسائل التقليدية التي نمثلها نحن كحزب يساري تقدمي له قيم وتاريخ”.

ولم يفت الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الاعتراف بـ”النقائص والهفوات”، مؤكداً أن الحزب يدرك “ضرورة ربط الصلة ومواكبة هذا التحول المجتمعي”، وقال إن ما شهده افتتاح الجامعة، من حضور أجيال جديدة وطاقات شبابية، “يؤكد الاتجاه الذي بدأ الحزب العمل عليه خلال السنتين الأخيرتين من خلال إدماج هذه الطاقات ومنحها الإمكانيات لتفجير قدراتها”، لكنه استدرك بالقول إن هذا العمل “غير كافٍ بعد، ولا يعكس التناغم الكامل مع ما يجري في مختلف فضاءات المجتمع”.

وأبرز بنعبد الله أنه “لا ينبغي الاستغراب من التعبيرات السلمية التي ظهرت منذ نهاية الأسبوع الماضي”، معتبراً أن المطالب التي رفعتها فئات واسعة من الشباب “مطالب مشروعة وصافية، تعبر عن إرادة حقيقية في الحصول على خدمات صحية وتعليمية جيدة، وعن رغبة في مغرب خالٍ من الفساد وتضارب المصالح والممارسات التي تفسد الفضاء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي”.

وشدد على أن هذه المطالب هي في جوهرها “مطالب بالكرامة، التي يتعين أن ينعم بها كل مواطن مغربي، وبالخصوص الشباب، وأن تتحول إلى فعل وسياسات عمومية ملموسة”.

وتابع الأمين العام قائلاً: “قد تكون لهذه الحكومة، التي توجد منذ أربع سنوات، بعض الإنجازات. ولسنا هنا لننكر، بل نحن موضوعيون، وربما لها إنجازات عليها أن تشرحها بنفسها للمغاربة: ما هي؟ وهل تتفاعل فعلاً مع واقع الحال؟”، مضيفاً أن حزبه تعامل منذ البداية مع الحكومة بـ”الموضوعية والنقد البناء، وساند كل ما اعتبره مفيداً للسياسات العمومية، بل وصوت، رغم وجوده في المعارضة، على قوانين أساسية مثل القانون الإطار للتعليم وقوانين في قطاع الصحة، وأيد إحداث هيئات جديدة، وكل ذلك من منطلق قناعة وطنية ديمقراطية تقدمية”.

واستدرك بنعبد الله قائلاً: “لكننا، ومع ذلك، لم نجد سوى آذان صماء من الحكومة”، مضيفا أن “الحكومة فشلت، ليس فقط لأن الشباب خرجوا للاحتجاج، بل لأنها حكومة لا تريد أن تستمع، ولا تتجاوز الشعارات الفارغة”، مشيراً إلى أن “النموذج التنموي الجديد، الذي أقرّ في البرلمان، تم إهماله بالكامل، وأن شعار الدولة الاجتماعية بقي فارغاً من أي مضمون”.

وأكد الأمين العام للتقدم والاشتراكية أن الحقائق “تكشف عمق الأزمة”، قائلاً: “هناك 8.5 مليون شخص خارج التغطية الاجتماعية، والبطالة في صفوف الشباب الحضري تصل إلى 47% حسب والي بنك المغرب، والمستشفى العمومي يتراجع لصالح القطاع الخاص الذي يستحوذ على أكثر من 80% من موارد التغطية الصحية، أما المدرسة والجامعة العمومية فوضعيتهما تتدهور يوماً بعد آخر”.

وانتقد بشدة ما وصفه بـ”تضارب المصالح غير المسبوق”، وملفات مثل محطة تحلية المياه وملف ‘الفراقشية’، معتبراً أن الحكومة “وجهت الدعم إلى فئات بعينها مرتبطة انتخابياً بالحزب الذي يقودها”.

أما على المستوى الديمقراطي، فالأمر أخطر، بحسب بنعبد الله، الذي قال: “هذه حكومة هاربة من الشأن السياسي، لم تحقق أي تقدم في توسيع المشاركة أو تحسين مناخ الديمقراطية. على العكس، شهدنا تراجعات واعتقالات واحتقاناً”.

وأضاف أن الحكومة “أعدت قانوناً جديداً للصحافة بشكل رجعي، يهدف إلى السيطرة على المجال الإعلامي عوض الارتقاء به، وامتنعت عن الحوار مع وسائل الإعلام، وحتى عن الحضور في البرامج التلفزيونية لمناقشة خصومها”، معتبراً أن هذا السلوك “يعبر عن فراغ سياسي خطير، بل عن خواء سياسي كامل”.

وختم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بالتأكيد أن “البلاد اليوم في حاجة إلى تغيير المسار، وإلى تبني بديل ديمقراطي تقدمي يعيد الثقة للمواطنين، ويضع الشباب في قلب العمل السياسي، وينهي مظاهر الفساد والريع، ويفصل بين المال والسلطة”.