تصوير الأعمال السينمائية
أدب وفنون

تجاوزت أرباحها مليار درهم.. هل تتأثر الصناعة السينمائية المغربية بتهديدات ترامب لهوليوود

أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب النقاش داخل أوساط السينما العالمية بعدما أعلن عن عزمه فرض رسوم بنسبة 100% على جميع الأفلام الأجنبية المعروضة في الولايات المتحدة.

وكتب ترامب على منصته “تروث سوشيال” قائلا: “إن صناعتنا السينمائية سرقت من قبل دول أخرى، ولحل هذه المشكلة المستمرة، سأفرض رسوما بنسبة 100% على جميع الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة”.

وانتقد ترامب بشدة ما وصفه بـ“الحوافز السخية” التي تقدمها دول أجنبية لصناع السينما الأميركيين، من أجل جذبهم للتصوير خارج الولايات المتحدة، معتبرا أن هذه السياسة أضعفت هوليوود وقللت من الوظائف داخلها.

ويثير تهديد ترامب تساؤلات حول مدى تأثير القرار على الصناعة السينمائية الوطنية، التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى وجهة مفضلة لأضخم الإنتاجات العالمية.

ونجح المغرب خلال العقدين الأخيرين في فرض نفسه كمنصة تصوير عالمية بفضل تنوع مناظره الطبيعية، بنياته التحتية، والأهم من ذلك، الحوافز المالية التي يقدمها المركز السينمائي المغربي لجذب الإنتاجات الأجنبية.

وشهدت المملكة بين يونيو وشتنبر 2025 فقط، تصوير عدد من الأعمال الهوليوودية الكبرى. من أبرزها الموسم الثاني من المسلسل الأمريكي الشهير “The Terminal List” من إنتاج منصة “أمازون برايم”، حيث جرى تصوير مشاهده في ثلاث مدن مغربية، استُخدمت كبدائل لتجسيد مواقع في ست دول مختلفة هي: العراق، سوريا، تركيا، لبنان، أوكرانيا واليونان.

كما استضاف المغرب تصوير فيلم “الأوديسة” للمخرج العالمي كريستوفر نولان، إضافة إلى مسلسل التجسس “The Agency” من بطولة مايكل فاسبندر وإنتاج جورج كلوني، وهو عمل ضخم رصدت له ميزانية عالية.

وحل الممثل الأمريكي وبطل المصارعة الشهير جون سينا بالمغرب لتصوير مشاهد فيلمه الجديد “Convoi” بكل من الدار البيضاء وأرفود ومرزوكة، بميزانية بلغت 75 مليون دولار، خصص منها 15 مليونا للتصوير داخل المغرب.

وفي هذا السياق، استبعد الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم، في تصريح لـ”العمق”، أن يُقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تنفيذ تهديداته بفرض رسوم إضافية على الأفلام الأجنبية، معتبرا أن “ترامب معروف بإطلاقه لتهديدات وتعليمات بشكل جزافي، قبل أن يتراجع عنها لاحقا مكتفيا بما يتحقق منها ولو جزئيا، بمنطق التاجر ورجل الأعمال لا بمنطق السياسي”.

وأشار واكريم، إلى أن هذا الموقف تؤكده تصريحات السفير الخاص لترامب في هوليوود، الممثل جون فويت، والد الممثلة أنجلينا جولي، الذي أوضح أن الرسوم “ستُطبق في ظروف محدودة”، وأن الإدارة الأميركية تدرس بالموازاة حزمة من الإجراءات التحفيزية، من بينها حوافز ضريبية فيدرالية، وتعديلات ضريبية، إضافة إلى توقيع اتفاقيات إنتاج مشترك مع دول أخرى.

وبخصوص تأثير أي خطوة أميركية محتملة على عدد الأعمال السينمائية والتلفزيونية المصورة في المغرب، أو على العائدات المالية التي تحققها المملكة من هذه الإنتاجات، شدد واكريم على أن التأثير لن يكون كبيرا حتى في حال تنفيذ القرار، “لأن المغرب لا يحتضن فقط تصوير أعمال أميركية، بل إنتاجات من مختلف أنحاء العالم، تبحث عن مواقع تصوير ملائمة وظروف عمل جيدة، إلى جانب الحوافز المالية والضريبية التي يوفرها المغرب”.

وختم الناقد السينمائي تصريحه بالتأكيد على أن شركات هوليوود نفسها “لن تستسلم بسهولة لابتزازات ترامب”، في إشارة إلى أن هذه الشركات تفضل الحفاظ على شبكة مواقع التصوير العالمية التي تتيح لها مرونة إنتاجية أكبر.

وشهدت عائدات تصوير الأفلام الأجنبية في المغرب حسب تقرير للمركز السينمائي المغربي ارتفاعا ملحوظا خلال سنة 2024، حيث بلغت مليارا و198 مليون و863 ألف درهم، مقابل مليار و109 ملايين و800 ألف درهم سنة 2023، أي بزيادة تقدر بنحو 89 مليونا و63 ألف درهم.

واستقطبت المملكة عددا من الإنتاجات الأجنبية الكبرى، حيث تصدرت السلسلة التلفزية الإنجليزية “Atomic” قائمة الأعمال الأعلى استثمارا في المغرب بميزانية بلغت 180 مليون و921 ألف درهم. وجاء الفيلم الألماني “Convoy” في المرتبة الثانية بـ 150 مليون و158 ألف درهم، يليه فيلم “The New Eve” من ألمانيا أيضا بـ 140 مليون درهم.

وفي المرتبة الرابعة حل الفيلم الإنجليزي “Lords Of War” بـ 100 مليون درهم، متبوعاً بالفيلم الفرنسي “13 Jours 13 Nuits” بـ83 مليونا و646 ألف درهم، ثم الموسم الثاني من السلسلة التلفزية الفرنسية “Cœurs Noirs” بـ 43 مليونا و475 ألف درهم.

وتوزعت باقي المراكز بين الفيلم الفرنسي “Le Livre du Désert” بميزانية 37 مليونا و21 ألف درهم، والفيلم  الفرنسي Les Damnés de la Terre الذي خُصص له غلاف مالي بلغ 35 مليون درهم.

ويعكس الزخم في الاستثمارات الثقة المتزايدة للمنتجين العالميين في قدرات المغرب التنافسية، ودوره المتنامي على الصعيد الدولي في الصناعة السينمائية.