سياسة

الداخلية تستثمر 3.3 مليار في مشروع “درع سيبراني” لتأمين بياناتها عبر التراب الوطني

أعلنت وزارة الداخلية عن إطلاق مشروع استراتيجي ضخم في مجال الأمن السيبراني، يهدف إلى تعزيز حماية بنياتها المعلوماتية على المستويين المركزي والترابي، من خلال طلب عروض دولي مفتوح رقم 30/2025، تبلغ قيمته التقديرية الإجمالية حوالي 33.6 مليون درهم.

ووفقا لوثائق الصفقة التي اطلعت عليها جريدة “العمق”، فإن هذا المشروع يأتي في سياق التحديات المتزايدة المرتبطة بالتهديدات السيبرانية، التي تستهدف الأنظمة الحكومية الحساسة، حيث تسعى الوزارة إلى تحصين قيادتها المركزية و83 عمالة وإقليما من أي اختراق أو هجوم محتمل.

وبحسب المصدر ذاته، فإن هذا المشروع يعد خطوة نوعية نحو إعادة هيكلة شاملة للبنية التحتية للأمن المعلوماتي داخل الوزارة، من خلال اعتماد حلول تكنولوجية متقدمة ومقاربات متكاملة في الحماية، المراقبة، والاستجابة للتهديدات.

وينقسم المشروع إلى ثلاث حصص تقنية رئيسية، تشمل جوانب الحماية المحيطية، ومكافحة الثغرات، وتأمين المراسلات. وتشمل الحصة الأولى، التي تقدر كلفتها بنحو 11.95 مليون درهم، توفير وتركيب 91 جدار حماية من الجيل الجديد (NGFW) لتأمين جميع العمالات والأقاليم.

كما تتضمن هذه المرحلة إعادة هيكلة شبكات الاتصال المحلية (LAN) في عدد من المقرات التي لا تزال تعتمد على بنيات غير مقسمة، إضافة إلى اعتماد حلول SDWAN لتوجيه ذكي وآمن لحركة البيانات. وتشترط الوزارة أداء تقنيا عاليا، بحيث تصل سرعة جدار الحماية المركزي إلى 10 جيجابت في الثانية، مع قدرته على إدارة ملايين الجلسات المتزامنة، وتوفير حماية شاملة ضد التهديدات الرقمية المعقدة.

أما الحصة الثانية، التي تبلغ قيمتها 14.38 مليون درهم، فتركز على تطوير منظومة استخبارات أمنية متكاملة للكشف المبكر عن الثغرات، والاستجابة السريعة لأي تهديد. وتشمل هذه المرحلة اعتماد منصة متقدمة لإدارة الثغرات، وحلول حماية نقاط النهاية (EDR) لمراقبة الأجهزة والشبكات في الزمن الحقيقي، إلى جانب نظام ICAP لتعقيم الملفات المرسلة عبر تطبيقات الوزارة.

كما تنص المواصفات التقنية على اعتماد نظام محلي لإدارة السجلات (Logs) قادر على معالجة ما يفوق 500 جيجابايت يوميًا، مع إمكانية التكامل مع أنظمة المعلومات الأمنية (SIEM) العالمية.

وتتعلق الحصة الثالثة، التي خصصت لها ميزانية قدرها 7.28 مليون درهم، بتأمين منظومة المراسلات الإلكترونية داخل الوزارة، من خلال تركيب بوابات حماية متقدمة للبريد الإلكتروني، واعتماد أنظمة ذكية لمكافحة الفيروسات والرسائل الخبيثة، بما يعزز أمن الاتصالات بين المصالح المركزية والجهوية.

وأكدت الوزارة في دفتر التحملات أن المشروع لا يقتصر على التزويد بالمعدات والبرمجيات فحسب، بل يشمل أيضًا جانبًا مهمًا يتعلق بنقل المعرفة وبناء القدرات الداخلية. وستلتزم الشركة الفائزة بتنظيم دورات تدريبية متخصصة لفائدة مسؤولي النظم والمعلوميات بالوزارة، تحت إشراف مهندسين معتمدين، لتمكينهم من إدارة الأنظمة الجديدة وحل الأعطال التقنية بصفة مستقلة.

كما اشترطت الوزارة أن يشرف على تنفيذ المشروع مهندس ذو خبرة معترف بها، حاصل على شهادة PMP أو Prince2، ولديه تجربة لا تقل عن ثلاث سنوات في إدارة مشاريع مماثلة.

ويجسد هذا المشروع توجه وزارة الداخلية نحو تحديث منظومتها الرقمية وتأمين فضائها السيبراني بشكل متكامل، في إطار رؤية شاملة لحماية البيانات الحساسة وضمان استمرارية الخدمات العمومية الحيوية في مواجهة التهديدات الإلكترونية المتصاعدة.