الواجهة صفيحة من معدنٍ مستورد التربية داخلها أشكال من بَشَر ، تناسلوا عن وراثة جاعلة الضمائر لديهم من حجر ، مدربين منذ مَراجِحَ المُهُودِ على نغمةٍ جالبةٍ في الخيال شياطين الغجر ، تتعوَّد عليها أسماع الذين مع ترعرعهم يُحاطون بعبيدٍ بيض البشرةِ زُرق المآقي يمارسون مذلة الانجرار ، خلف خُضْرِ الأوراقِ لتنفيذ ما يستحقون عليه الإنقهار ، من هؤلاء تتكوَّن القمَّة يطل منها الاستعلاء ولذة التملُّك المجاني والعيش بمحركٍ يجعل مِن جُل الضعفاء قطع غيار ، متى نفث دخان الغضب الشعبي إستَبْدَلَ جزء منه بتلك القِطع لتهدئة الوضع اتقاء أي انفجار .
ليس الشباب وحدهم من حمَّسهم القدر، آخذين عن مسؤولية هندسة مستقبلهم زمام الأمر ، بل هو الشعب الواصل درجة لا يستحملها حتى الصبر ، وقد اكتوى ببرودة جمدت حقوقه لدرجة لا يقيسها أي مِحْرَار ، أكثر من عقدين وهو صامت يردد غدا سيكون أخير ، حتى ملَّ غد الغد من عد التعلُّق بالسراب يتكرَّر ، القمة تمارس ما تشاء محققة لذاتها كل رفاهية وازدهار ، والقاعدة بكل حجمها يوما عن يوم تتقهقر ، فأي خلل ابعد العدالة عن مقامها وكأن العصر الحق فيه محكوم جورا بالاندثار ، والباطل مرحب به من لدن من وجدوها فرصة وكل القوي بين أيديهم من مهامها ترك هيمنة الشعور بالانكسار ، على رافعي الأيدي طالبين في الهواء الطلق الكلمة الخائف منها كل مستبدٍ لا يخشى الخالق القهَّار .
المسألة لن تستحملَ بقاءها جُملاً محفورة في صخرة ذِكرَى ، توضَع في متحف وقائع تشابهت في نفس المطلب مضموناً وشكلاً ، لن تستطيع ترقيعات كلامية تُلصَق على نفس الجلباب الذي بما تعرَّض اليه من مُعاوَدة نفس العملية فقدَ رمز اللباس التقليدي الوطني الأصيل ، بل مساحة من قماش عراه الزمن فلم تعد من ألوانه غير المولِّدة الأسى ، الداعية إما التَّغيير الحقيقي ، بقطع ذاك الخيط الباقي ، بين مناشدة الاستمرار على نفس الحال المرفوض جماهيريا بالإكثار من القمع ، المؤدي أساساً للتضحية المطلقة بالاستقرار ، وإما البدء من البداية بأسلوب الشعب به سيد كل سيد ، دون شروط أو قيد ، وله من العقول القادرة على كتابة الدستور من جديد ، دون فصول غلبة عمر على زيد ، لكل مكانته والحكم للقانون يحرِّم اتخاذ أغلبية المواطنين مجرَّد عبيد ، وقلة في فم أصحابها معالق من ذهب منذ مرحلة الازدياد ، متسلطة على ثروات الشعب إلى الأبد .
كان على الحكومة ترك التعليمات جانبا والتفكير في مصلحة الشعب التي لا تتعدى التأسيس لمجالي التعليم والصحة بما يليق ، وجعل ميزان العدالة بكفتي المساواة والإنصاف ، غير متأرجح لآي كان مهما علاَ شأنه ، إذ الذي جعل منها حكومة ذاك العدد البسيط من الشعب وليس أي طرف آخر ، ومع ذلك ضربت عرض الحائط بهذا التشريف وانصرفت خلف مَن إذا استغلَّها كمؤسسة دستورية في تنظيم مآربه التي لا تُحصَى ، رفعَ عنها اليد لتواجه مصيرها مع نفس الشعب .