أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، أن ظاهرة الهدر المدرسي تشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية الوطنية، خصوصا في التعليم الإعدادي، مشيرا إلى أن أكثر من 280 ألف تلميذ يغادرون الفصول الدراسية سنويًا، أكثر من نصفهم من مستوى الإعدادي.
وأوضح الوزير خلال عرض حول الدخول المدرسي 2022-2023، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الثلاثاء، أن من بين الأسباب الرئيسية للهدر المدرسي، افتقار العديد من المؤسسات التعليمية للبنيات الأساسية الضرورية، مثل المراحيض والماء الصالح للشرب، إضافة إلى بعد المدارس عن أماكن سكنى التلاميذ، وضعف خدمات النقل المدرسي، ونقص الداخليات.
وقال برادة إن الحكومة تعمل على معالجة هذه الإشكاليات، حيث تم تأهيل حوالي 4600 مؤسسة تعليمية، مؤكدا أنه مع نهاية الولاية الحكومية، سيتم تأهيل 70% من مدارس التعليم الابتدائي و50% من مدارس الإعدادي، مع التركيز على تحسين ظروف التمدرس في العالم القروي، الذي يستحوذ على نسب كبيرة من الهدر.
وأضاف الوزير: “الهدر المدرسي مسؤولية جماعية، تتقاطع فيها مسؤوليات الدولة، والجماعات الترابية، والمجتمع المدني، والأسر. نحن نفتح أبوابنا للشفافية ونقدم الأرقام بوضوح: المشاكل التي واجهتنا، وكيف عالجناها، وما الذي لا يزال قيد الإنجاز”.
وأشار برادة إلى أن تجربة “مدارس الفرصة الثانية”، التي تستهدف الأطفال المنقطعين عن الدراسة، تسعى إلى إعادة إدماج 35 ألف تلميذ هذه السنة، مقابل 22 ألف في السنة الماضية، مع برامج تأهيل مهني مبسطة لفائدة الأطفال الذين يصعب إدماجهم مجددًا في النظام التعليمي العادي.
واعترف الوزير ضمنيا بالنقص في المرافق الصحية والذي يساهم في عزوف التلميذات بشكل خاص في الاستمرار في الدراسة، مؤكدًا: “راه ما يمكنش نقولو راه كلشي مهيأ، ولكن كاين مجهود كبير. كاين مدارس بلا مراحيض، وكاين مدارس بعيدة بزاف، وحنا كنخدمو على هاد الشي مع الجماعات باش نوصلو الحلول”.
وشدد المسؤول الحكومي على أن الحلول الترقيعية لم تعد مجدية، داعيا إلى اعتماد مقاربة شمولية تربط بين التعليم والخدمات الاجتماعية، خصوصا في المناطق القروية والنائية، مشددا على أن الوزارة تعمل بتنسيق مع وزارة الداخلية والمجالس الإقليمية لحل الإشكالات المرتبطة بالبنية التحتية، خاصة ما يتعلق بغياب المرافق الصحية في عدد من المؤسسات، موضحا أن هناك أزيد من 4000 قسم في المناطق الجبلية ما زالت تفتقر إلى التجهيزات الأساسية، وهو ما تعمل الوزارة على معالجته تدريجياً.
ولفت المتحدث، أن الدعم الاجتماعي ارتفع إلى 3.2 مليون مستفيد من منحة “تيسير”، إضافة إلى تحسين خدمات الإطعام والنقل المدرسي، مسجلا أن من بين المستفيدين من تلقّوا 500 درهم في الابتدائي والإعدادي، و300 درهم في الثانوي التأهيلي. كما استفاد 216 ألف تلميذ من الداخليات، و680 ألف تلميذ من خدمات النقل المدرسي، إضافة إلى 80 ألف مستفيد من الإطعام المدرسي.
وأكد برادة أن نسبة المستفيدين في الوسط القروي بلغت 20% في المتوسط، مع ارتفاعها إلى 50% في بعض الأقاليم، مشيراً إلى أن الطلب على النقل المدرسي والمرافق الاجتماعية في تزايد مستمر.
وشدد المتحدث على أن الوزارة تشتغل على تقليص الهدر المدرسي بنسبة 50% في المستوى الإعدادي خلال العام الجاري، مبرزًا أهمية التقييم المستمر والانفتاح على جميع الفاعلين لمواجهة هذا “النزيف التعليمي”.