حافظ المغرب على مكانته المتقدمة ضمن الاقتصادات الإفريقية الرائدة، حيث احتل المرتبة الثامنة في مؤشر “أبسا لأسواق المال الإفريقية 2025” (Absa Africa Financial Markets Index)، الذي يصدره سنويا مركز أبحاث المؤسسات المالية الدولية (OMFIF) بشراكة مع مجموعة أبسا البنكية.
وعلى الرغم من تراجع طفيف في نتيجته الإجمالية إلى 56 نقطة من أصل 100، مقارنة بـ 58 نقطة في تقرير عام 2024، فقد نجح المغرب في ترسيخ جاذبيته الاستثمارية بفضل نقاط قوة هيكلية، أبرزها عمق السوق المالي والالتزام بمعايير الشفافية الدولية.
وأبرز التقرير، الذي اطلعت عليه جريدة “العمق”، أن المغرب يواصل تعزيز مكانته كقطب إفريقي في مجال التمويل المستدام. ويأتي هذا الأداء المتميز مدعوما بإطلاق إطار جديد للسندات السيادية المرتبطة بالاستدامة، وهي خطوة استراتيجية تضعه في مصاف الدول القليلة في القارة التي تدمج الأهداف البيئية والاجتماعية في سياساتها التمويلية.
وأكد التقرير أن المغرب يعد واحدا من بين ثماني دول إفريقية فقط تمتلك منظومة متكاملة للتمويل المستدام، تشمل إصدار السندات الخضراء، وتطوير الأدوات الإسلامية (الصكوك)، بالإضافة إلى تطبيق سياسات متقدمة لاختبارات الإجهاد المناخي على نظامه البنكي، مما يعكس نضجا استباقيا في التعامل مع المخاطر المناخية.
نقاط القوة والتحديات
كشف المؤشر عن أداء متميز للمغرب في عدد من المحاور الرئيسية التي شكلت نقاط قوته الأساسية/ ويتجلى ذلك بوضوح في محور “عمق السوق المالي”، حيث سجلت المملكة أداء قويا بحصولها على 61 نقطة، مما بوأها المرتبة الثانية على مستوى القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا. ويُعزى هذا التفوق إلى التنوع الكبير الذي يشهده السوق في منتجاته المالية، والتي تشمل أدوات مبتكرة كالسندات الخضراء، والتمويل الإسلامي، والمنتجات التي تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).
وعلى صعيد موازٍ، برز المغرب بشكل لافت في محور “الشفافية والإطار التنظيمي”، محققا نتيجة شبه كاملة بلغت 85 نقطة، حيث تعكس هذه النتيجة العالية التزام المملكة الراسخ بتطبيق معايير التقارير المالية الدولية (IFRS)، بالإضافة إلى وجود إطار إشرافي وتنظيمي صارم يهدف إلى حماية المستثمرين وضمان استقرار السوق.
وتكتمل هذه الصورة الإيجابية من خلال الأداء القوي في محور “البيئة الماكرو اقتصادية”، الذي نال فيه المغرب 72 نقطة، مما يؤكد متانة واستقرار اقتصاده الكلي وقدرته على توفير بيئة آمنة وجاذبة لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية.
في المقابل، أشار التقرير إلى وجود مجالات تتطلب المزيد من التطوير، حيث حصل المغرب على نقاط متوسطة في محور تطوير صناديق التقاعد (37 نقطة)، ونقاط أقل في محور المعايير القانونية وقابلية التنفيذ (25 نقطة)، وهو ما يمثل تحديا لتحسين كفاءة الإطار القانوني المتعلق بالعقود المالية.
وعلى الصعيد الإقليمي، تفوق المغرب بشكل واضح على جيرانه في شمال إفريقيا، متقدما على مصر التي حلت في المرتبة العاشرة بـ 54 نقطة، وتونس التي جاءت في المرتبة 16 بـ 44 نقطة.
قاريا، تصدرت جنوب إفريقيا الترتيب العام بـ 86 نقطة، تلتها موريشيوس (76 نقطة)، ثم أوغندا التي حققت قفزة لافتة لتحتل المرتبة الثالثة بـ 66 نقطة.
وخلص معدو التقرير إلى أن استمرار المغرب في تطوير بنيته التحتية المالية، وتعميق أدوات السوق، وتنويع منتجاته الاستثمارية، يجعله واحدا من أكثر الاقتصادات استقرارا وجاذبية للاستثمار في القارة الإفريقية، مع توقعات إيجابية لمستقبل سوق المال المغربي.