يشهد مجلس جهة الدار البيضاء سطات في الآونة الأخيرة تناميا للانتقادات الموجهة إلى طريقة تدبيره وتعامله مع مبدأ الحق في المعلومة، وهو ما أفرز حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية والجهوية، بعد توالي الشكاوى من غياب الشفافية وضعف التواصل الداخلي بين مكونات المجلس.
فمنذ بداية الولاية الحالية، يواجه المجلس اتهامات متكررة تتعلق بـ”احتكار المعلومة” وعدم تمكين الأعضاء والمستشارين من الاطلاع على المعطيات المالية والتقارير التقنية المرتبطة بالمشاريع الكبرى والميزانية السنوية.
ويعتبر متتبعون أن هذا الوضع يتعارض مع مبادئ الحكامة الجيدة التي نص عليها الدستور والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، والتي تؤكد على ضرورة إشراك جميع الفاعلين في اتخاذ القرار الجهوي على أساس معطيات دقيقة وواضحة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن عددا من الاجتماعات الرسمية للمجلس تعقد في ظل غياب تام للوثائق التوضيحية، مما يجعل عملية النقاش والتصويت على القرارات المالية والتنموية صعبة، بل ويخلق نوعا من التوجس من صحة الأرقام والتقارير المعروضة.
هذا الغموض ينعكس سلبا على جودة القرارات المتخذة، ويحد من قدرة المنتخبين على ممارسة دورهم الرقابي الذي يضمن توازن السلط داخل المجلس.
كما يطالب بعض المستشارين الجهويين بضرورة تمكينهم من تقرير التدقيق السنوي الذي تنجزه المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، باعتباره وثيقة مرجعية أساسية لتقييم الأداء المالي والإداري للمجلس.
ويرى هؤلاء أن حجب مثل هذه التقارير يضعف آليات المحاسبة ويكرس انطباعا بعدم الوضوح في تدبير الموارد المالية الضخمة التي تتصرف فيها الجهة.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج في التسيير قد يفقد المؤسسة الجهوية ثقة المواطنين، خصوصا أن جهة الدار البيضاء سطات تعد الأكبر على المستوى الاقتصادي والسكاني في المملكة، وتُناط بها مسؤولية قيادة مشاريع تنموية كبرى تهم مختلف القطاعات.
وقال سفيان إنشاء الله، مستشار بمجلس جهة الدار البيضاء سطات، إن غياب الشفافية وتداول المعلومة داخل مجلس الجهة أصبح من أبرز الملامح التي تميز طريقة تدبير الشأن الجهوي منذ تولي عبد اللطيف معزوز رئاسة المجلس، مبرزا أن هذا الوضع “لم يعد مجرد ملاحظة عابرة، بل تحول إلى سلوك مؤسساتي يعمق حالة الغموض ويفتح الباب أمام الشكوك والتأويلات”.
وأوضح إنشاء الله، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن “المشكل لا يتعلق فقط بعدم نشر الوثائق أو التقارير، بل يمتد إلى الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، حيث يغيب التواصل الفعلي مع الأعضاء والمستشارين، ويكتفى بعرض أرقام ومعطيات دون توضيح خلفياتها أو مصادرها”.
وأضاف أن هذا النمط من التسيير “يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصداقية المعطيات المالية التي تدرج في الميزانية أو تعرض خلال دورات المجلس”.
وأشار المستشار إلى أن غياب المعلومة الدقيقة “يمس جوهر العمل الديمقراطي المحلي، ويقوض مبدأ الشفافية الذي يفترض أن يكون أساس الحكامة الجيدة”، مذكرا بأن المستشارين يحتاجون إلى الاطلاع على كل التفاصيل المرتبطة بتدبير المشاريع والصفقات والاعتمادات المالية من أجل أداء دورهم الرقابي والتقييمي على الوجه المطلوب.
وكشف إنشاء الله أن المعارضة داخل المجلس سبق أن طالبت، في أكثر من مناسبة، بتمكين الأعضاء من تقرير التدقيق السنوي الذي تنجزه المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، باعتباره وثيقة أساسية لتتبع مدى احترام القوانين وتقييم أداء المجلس في تسيير شؤونه المالية والإدارية.
وختم المتحدث بالتأكيد على أن استمرار هذا النهج في حجب المعلومة “لا يخدم لا مصلحة الجهة ولا المواطنين”، داعيا رئاسة المجلس إلى تبني مقاربة جديدة قوامها الوضوح والانفتاح، حتى يتمكن كل الفاعلين داخل المؤسسة من المساهمة الفعلية في تطوير أداء الجهة وتجويد خدماتها.