لجأ التنسيق النقابي الموحد لقطاع التشغيل إلى مؤسسة الوسيط، من أجل كبح حالة من “الاحتقان غير المسبوق” تهدد القطاع إثر تعثر الحوار الاجتماعي و”عدم وفاء الحكومة الالتزمات الوطنية والقطاعية”، وكذا أملا في حث الوزارة على التجاوب مع “الملف المطلبي لهيئة تفتيش الشغل المتمحور أساساً حول المراجعة الجذرية لمرسوم النظام الأساسي الخاص بها بهدف إقرار تحفيزات مادية ومعنوية اعتباراً لخصوصية المهنة وطبيعة تحدياتها”.
وأبرز التنسيق النقابي المشكل أساسا من “الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة” و”النقابة الوطنية المستقلة لهيئة تفتيش الشغل”، أن “الوضعية المادية المزرية والهشاشة المهنية التي تعيشها هيئة تفتيش الشغل لا تشرف بلادنا التي صادقت على الإطارات المرجعية القانونية الدولية والإقليمية، التي تشكل دستوراً لنظام تفتيش الشغل على الصعيد الكوني”.
وشدد على أنه “ليس مستساغاً أن تبقى الحكومة مدينة لجهاز تفتيش الشغل بمجموع من الالتزامات المضمنة بتلك الاتفاقيات منذ أكثر من 67 سنة كما أن خروج مكونات جهاز تفتيش الشغل للاحتجاج بالشارع العام للمطالبة بحقوقهم العادلة والمشروعة بسبب تبخيس دورهم وغياب التعاطي الجاد مع مطالبهم يخدش هو الآخر صورة الحكومة أمام الرأي العام الوطني والدولي”.
وأردف أن الوضع “من شأنه أن يخلف استياءً و عدم اطمئنان وتوجس في جميع الأوساط لاسيما في صفوف طرفي علاقة الشغل وما سيكون لذلك من آثار سلبية على الاستثمار والسلم الاجتماعي داخل المقاولة وعلى نجاعة الأداء إذ كيف يعقل لآلية مؤسساتية تسهر على إنفاذ القانون والانتصاف أن تصبح مهضومة الحقوق وتحتج بالشارع العام بسبب عدم وفاء الحكومة بتعهداتها الدولية والإقليمية ذات الصلة بتفتيش الشغل”.
وأوضح التنسيق في مراسلته أن جهاز تفتيش الشغل يضطلع بأدوار “طلائعية” في بناء الدولة الاجتماعية والحفاظ على النظام العام الاجتماعي والاقتصادي، والسهر على احترام معايير الصحة والسلامة المهنية، غير أن ظروف عمله “تطبعها اختلالات بسبب غياب العناية بالرأسمال البشري وتأهيل المرفق العام”، رغم مصادقة المغرب منذ عقود على اتفاقيات دولية وعربية في هذا المجال، منها الاتفاقيات رقم 81 و129 و150 الصادرة عن منظمة العمل الدولية، والاتفاقية رقم 19 لمنظمة العمل العربية.
وسجل مفتشو الشغل أن تأخر تنفيذ الالتزامات الحكومية والقطاعية، المعلن عنها عقب جولة أبريل للحوار الاجتماعي وضمن محضري 28 ماي و9 يوليوز 2025، زاد من تعميق الأزمة، مؤكدين أن مطالبهم تتركز أساساً حول مراجعة النظام الأساسي الخاص بالهيئة وتعديل مرسوم التعويض عن الجولات، الذي لم يعد يواكب ارتفاع تكاليف المعيشة ولا يضمن المساواة بين مختلف درجات التفتيش، خصوصاً المهندسين والأطباء المكلفين بتفتيش الشغل.
وأضافت المراسلة أن مأسسة الحوار الاجتماعي داخل وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات “مازالت متعثرة” رغم مرور ثلاث سنوات على صدور الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي، معتبرة أن الوزارة التي تشرف على تفتيش الشغل كان يفترض أن تكون “رائدة في المفاوضة القطاعية”، غير أن غياب الجدية والعرض المالي الحكومي جعلا الحوار “حبراً على ورق”.
وأكد التنسيق أن استمرار هذه الأوضاع “لا يشرف المغرب” الذي صادق على المواثيق المرجعية لتفتيش الشغل منذ أكثر من 67 سنة، مشيراً إلى أن خروج المفتشين للاحتجاج في الشارع “يخدش صورة الحكومة أمام الرأي العام الوطني والدولي” ويهدد الاستثمار والسلم الاجتماعي داخل المقاولات.
وطالب مفتشو الشغل وسيط المملكة بالتدخل لدى كل من وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، والوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، قصد الإسراع بإخراج النظام الأساسي الجديد ومراجعة التعويض عن الجولات، مؤكدين أن هذا الإصلاح “لن يشكل عبئاً على ميزانية الدولة بالنظر إلى العدد المحدود لأطر الجهاز”.
وذكّر التنسيق بموقف الوزير الأول الأسبق إدريس جطو سنة 2005 حين شدد على أن هيئة تفتيش الشغل، التي تساهم في تسوية نزاعات الشغل وتفادي الإضرابات، “لا يمكن أن تكون في حالة احتجاج أو إضراب”، وأنه “من الواجب أن تحظى بوضع مادي ومهني خاص”.
وختمت المراسلة بالتنويه بدور مفتشي الشغل خلال جائحة كوفيد 19، حيث “كانوا في الصفوف الأمامية” لضمان استمرار النشاط الاقتصادي وحماية العمال، معتبرة أن تثمين هذا المورد البشري سيكون مدخلاً لإصلاح شامل لنظام تفتيش الشغل، الذي سيحتفل بمئويته في 13 يوليوز 2026.