بالرغم من كونها شابة ومتعلمة ومن أسرة ميسورة، إلا أنها أصرَّت على ألا تتجاوز قيمة صداقها 100 درهم فضلا عن حفلة صغيرة لا تخرج عن المقربين من عائلتها وعائلة عريسها.
هي الفاعلة الجمعوية، بشرى السعيدي البالغة من العمر 28 سنة، المنحدرة من قرية تيفيرت نايت حمزة والتي تزوجت قبل 3 سنوات، وبالضبط في شهر غشت من عام 2014، بقيمة صداق لا يتجاوز 100 درهم، مبلغ دفع “العدول” إلى إبداء استغرابه الشديد، خاصة وأنها ابنة مدللة داخل أسرة ميسورة والحاصلة على إجازة في شعبة الأدب العربي.
” انتقلت رفقة أسرتي صوب مدينة الدار البيضاء في عمر صغير بحكم عمل والدي، حيث ترعرعت ودرست، وتزوجت شهر غشت سنة 2014 والتحقت بزوجي الذي هو ابن القرية التي تنحدر منها عائلتي، بجزر الكناري بلاس بالماس في أبريل 2016″، تحكي السعيدي لجريدة “العمق”، مؤكدة أنها تُدرِّس اللغة العربية للأجانب في التعليم الخصوصي، بانتظار مطابقة شواهدها المغربية باسبانيا.
وتتابع بشرى كلامها بالقول ” لأننا كبرنا في المدينة بعيدا عن “البْلاد”، فكل ما تعلمناه من تقاليد وثقافة كان فقط حكايات يحكيها لنا الوالدان منذ الصغر، وحتى الأمازيغية تعلمناها من الوالد والوالدة، ومن هنا بدأت الفكرة تترسخ لدي وكلما كبرت أزداد يقينا بأننا فرطنا في تقاليد قيمة وبسيطة”.
“حتى بُحوثي الجامعية كانت تنصب في هذا الصدد، وعندما كنا نسافر لقريتي صيفا كنت أحاول الاندماج قدر المستطاع مع الساكنة لأكسر حاجز ابنة المدينة والفوارق الطبقية التي لا تغني ولا تسمن من جوع” تقول الشابة المقيمة حاليا بجزر الكناري.
بشرى التي تعرفت على زوجها في القرية كأخ وصديق قبل أن تتطور العلاقة إلى زواج، اصطدمت رُفقته أمام حاجز اختلاف ثقافة وطريقة العيش، متسائلة ” كيف يمكنني أن أعيش مع حماتي بالقرية وأقوم بأعمال كجلب الحطب والماء من البئر أو الساقية؟ كيف سيقبل والدي بزواجي من شاب بدون عمل قار وأتحول من خمسة وعشرين سنة من الترف في المدينة إلى قرية صغيرة وعيشة بسيطة؟”.
وتستطرد المتحدثة بنبرة متفائلة، “كان صعبا علي أن اقنع زوجي أكثر من عائلتي، بعدها كنت أحاول إقناع أمي لتمرر الفكرة لوالدي بحكم انحدارنا من مجتمع محافظ يمنع النقاش وإبداء الرأي في هذه المسائل”.
وتضيف بشرى ضمن حديثها مع “العمق”، ” عندما تأكَّد الشاب أني مصممة على قراري وعلى المغامرة، قرَّر هو أيضا أن يُغامر ويركب أمواج البحر في هجرة سرية من الداخلة صوب جزر الكناري، نجى من الموت وثابر وعمل بجد وسوى وضعيته ودخل للمغرب وقام بخطبتي لأكون تلك العروس التي اشترطت على خطيبها و أسرتها أن تكون مراسم خطبتها في القرية وزفافها بسيطا تقليديا”.
وأفادت المتحدثة، “والداي شخصان متفهمين، احترَما قراري ورغبتي ووافقا مادمت سأتحمل مسؤولية زواجي، كانت قيمة الصداق 100 درهم متفق عليها بيني وبين زوجي وكان أول شخص صُدم بقيمته هو العدول الذي صادق على زواجنا فقد تفاجئ بجوابي عندما سألني عن قيمة الصداق وعرف أني ابنة المدينة، وقال إن أرخص صداق في الجبال بناء على كل من زوجهم هو 2000 درهم حتى أن الزوج يكون بدون عمل أو راعيا للغنم”.
“كنت عازمة على عقد القران وإقامة حفلة بسيطة ووليمة لأهل، لكني فوجئت بأهالي القرية يقيمون لي عرسا بأهازيج أحيدوس من سكان القرية وبفنطازيا الخيول وبجو مليء بالفَرح والاحتفال”، تقول بشرى خاتمة كلامها لـ “العمق” بالقول: ” ما ندمت ولا لحظة على إحياء هذه التقاليد مبتعدة عن اقتراض المال والتكلف من أجل مراسيم الزفاف بوليمتها وعماريتها وسبع لبسات وغيرها”.