يستيقظ متأخرا كالعادة, يتناول وجبة الفطور حوالي الساعة الحادية عشر,يرتدي ثيابه ويقف امام المرآة لمدة طويلة كما العروس ليلة العرس .يخرج مسرعا الى المقهى بعد ان اخذ بعض الدنانير من اخته دون ان يسال عن مصدر المال ,مايهمه حقا هو الدنانير لا مصدرها …يخرج الى المقهى وعيناه مازالت منتفخة بالنعاس , بصوت مبحوح يطلب قهوته السادة وخمسة سجائر ,يحب القهوة السادة ليوهم نفسه انه ايضا من السادة المحترمين .. يدخن بشراهة وعينه على الشاشة المسطحة للهاتف النقال,يتسكع بين الصفحات كما يتسكع ليلا بين الحارات ..يعاكس هذه ويرسل طلب صداقة الى تلك.,يختار صور البروفايل الخاص به بعناية , يختار من الاسماء ما يثير الاعجاب ,كل مرة يمتهن وظيفة معينة ,احيانا طبيب واخرى استاذ ,ومرة العاشق الولهان ,لكل دور اسم ووظيفة.. اغلب معارفه على النت اشخاص وهميين تماما كما هو وهم في وهم.
يعود ادراجه الى بيت الاسرة بعدما انهكه الجوع ,يعرف ان حقوقه مصونة مادامت السيدة الوالدة على قيد الحياة ,يستغل كرمها ويطلب المزيد من المال تمده الوالدة بما تيسر من دراهم معدودات,يغادر مجددا الى شاطئ البحر ليس حبا في الهدوء والاستجمام وانما بحثا عن فتاة ليمثل دور العاشق المتيم ,يراود هذه عن نفسها وتلك يعدها بالزواج ..يقسم باغلظ الايمان انه انسان جاد وملتزم ,يحاول اقناعها بانه مستعد ان يقطع البحار والمحيطات لاجل سواد عيونها ,ان يشتغل بالليل والنهار لتكون من نصيبه ,يعرف انه كاذب لكن ما لا يعرفه انها ايضا كاذبة ,اذ تتظاهر بتصديق كلامه ,وان السماء اخيرا جادت عليها بابن الحلال ,تتظاهر بالجوع ,يعزمها على العشاء ,تأكل ما لذ وطاب تنظر الى الساعة ثم تستعجله بالرحيل مخافة اسرتها الملتزمة ,يمسك بيدها وهو منتفخ الاوداج كالطاووس ,يسترق منها قبلة او قبلتين ,هي تدعي الخجل وتتصنع الوقار ,يطلب المزيد فتصده بادب ,تقول في تغنج : اريدك في الحلال , باشارة واحدة من يده يستوقف سائق “تاكسي “ويوصيه خيرا بها يقف مكانه ينظر الى التاكسي وهي تنخر الطريق مخلفة خلفها الكثير من الدخان يستنشقه دون تأفف , يدخل يده في جيب سرواله دون ان يجد سنتيما واحدا , يغادر الى البيت مشيا على قدميه وهو يلتفت الى الخلف عل احدهم يرأف لحاله ويعمل على نقله الى وجهته … تمر السيارات مسرعة امامه كالبرق الخاطف ,فلا احد يتوقف ليقل نصف رجل ونصف عاقل .
بقلم عبدالرحيم ابحيحي