سياسة

الحريف يهاجم النظام الملكي ويصفه بـ “رأس الاستبداد” في المغرب

بلغة قاسية للغاية، هاجم القيادي والكاتب الوطني السابق لحزب النهج الديمقراطي عبد الله الحريف، النظام الملكي بالمغرب واصفا إياه بأنه “رأس الاستبداد”، وأنه يستغل مؤسسات عصرية “منتخبة” (البرلمان والجماعات المحلية) لا تتمتع بسلطات فعلية دورها توفير واجهة “ديمقراطية” مزيفة للتمويه على الاستبداد المخزني والحكم الفردي المطلق للملك.

وقال الحريف الذي كان يتحدث، السبت، في إطار الجلسة الافتتاحية للذكرى الخامسة لوفاة الشيخ عبد السلام ياسين، والتي نظمتها جماعة العدل والإحسان بمقرها المركزي في سلا، إن المؤسسة الملكية تعتمد في احتكار السلطة على مؤسسات غير منتخبة تتمتع بصلاحيات وسلطات حقيقية وواسعة، وغير خاضعة للمحاسبة الشعبية، ممثلا لذلك بالملك بصفته أميرا للمؤمنين ووزارة الداخلية والجيش.

وأضاف أن النظام الملكي “يشرعن استبداده” بواسطة قوانين رجعية وظالمة، على رأسها الدستور الممنوح، ومن ضمنها القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الشغل وقانون الصحافة ومدونة الأسرة، مشيرا أن “تلك القوانين يطبقها أو يخرقها إذا تناقضت مع التعليمات أو مقابل رشاوى قضاء غير مستقل وأغلبه مرتش”.

وأوضح أن الاستبداد يتم فرضه بواسطة جهاز قمعي متعدد الأوجه له اليد الطولى في ظل سيادة دولة اللا قانون، مبرزا أن القاعدة الاجتماعية للاستبداد تتشكل من الكتلة الطبقية السائدة التي تتكون من ملاكي الأراضي الكبار والبرجوازية الكبرى وكيلة الإمبريالية وكذا من الفئات العليا من الطبقات الوسطى.

وأبرز الاستبداد بالمغرب يعتمد على “بنية النظام الملكي المخزني من أجل إحكام قبضته واستمرار وتوسيع مصالحه وهي بنية رجعية متخلفة، أما المؤسسات الأخرى فدورها تكريس الاستبداد بواسطة زرع الأوهام وتقديم واجهة “ديمقراطية” مزعومة للخارج”.

وأشار أن بنية الاستبداد تتشكل من النظام الملكي كنظام للحكم الفردي المطلق، يقوم على استغلال الدين لتبرير وتعزيز شرعيته، ويعتبر المحكومين مجرد رعايا وليسوا مواطنين، ومن تم فهم ملزمون بالسمع والطاعة ولا أحقية لهم في مراقبته ومحاسبته لأنهم في نظره ليسوا مصدرا لشرعية نظام يعتمد لترسيخ هيبته على طقوس مهينة ومبنية على الأبهة والإبهار”.

واتهم النظام الملكي بأنه يرفض أية تعددية سياسية حقيقية لأنه لا يقبل بتواجد أية مشاريع سياسية خارج مشاريعه، مضيفا أنه “نظام يشجع الانتهازية والزبونية والوصولية، ويعتمد على إفساد النخب واستقطابها لإدماجها في نظامه الإداري والسياسي، ويعتبر أية معارضة حقيقية مثارا للفتنة ومن فهو تم يعتمد القمع والتسرب والاختراق والتلغيم وتقسيم الأحزاب والهيئات المعارضة”.

كما اتهم الحريف المؤسسة الملكية بأنها تخلق الأحزاب والهيئات الموالية وتدفع بها لتصدر المشهد السياسي، معتبرا أنها نظام للتحكم في آليات السلطة، عبر توظيف الإدارة للقهر والتركيع، واستخدام الأعيان لبسط سيطرتها ونفوذها ولمواجهة خصومها وأعدائها السياسيين، وتأثيث المشهد السياسي بلعبة سياسية تتحكم فيها، مضيفة أن مؤسسة القصر هي “نظام لديمقراطية الواجهة وديمقراطية الأسياد”.

وأكد أن “المخزن هو الأداة الأساسية للنظام الملكي لفرض سلطته وتطبيق سياساته. وتتشكل نواته الصلبة (المافيا المخزنية) من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين والقضائيين والإداريين والدينيين وأغلب المسئولين السياسيين وعدد من رجال الأعمال والإعلام وكبار مقاولي “المجتمع المدني” الرسمي وبعض كبار المسؤولين النقابيين وغيرهم.. ممن لهم نفوذ وسلطة أو قرب منها”.

وسجل أن “استمرار ونمو المصالح الاقتصادية لهذه البنية الاستبدادية يتم على حساب الأغلبية الساحقة للشعب المغربي، بما في ذلك البرجوازية الكبيرة غير المندمجة في هذه البنية”، معتبرا أن “الكلام عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجالية مجرد كلام فارغ في ظل هيمنتها. وبسبب مراكمة هذه البنية للثروة، بفضل مواقعها في السلطة وبشكل لا شرعي ولا مشروع، فإنها ستدافع حتى آخر رمق على نفوذها وامتيازاتها الضخمة”.

تشرذم قوى المعارضة

وعن أسباب استمرار وتغول الاستبداد بالمغرب، قال عبد الله الحريف، إن أهم سبب في ذلك هو تشرذم القوى المناهضة له، ملفتا إلى أنه “من البديهي أن تسعى بنية الاستبداد بكل ما أوتيت من قوة إلى شرذمة القوى المناهضة لها. لكن هذه القوى تتحمل المسئولية الأولى في أوضاعها المزرية”، مشيرا أنه “عوض أن تتوحد هذه القوى، أيا كانت مرجعيتها الأيديولوجية ومواقعها الطبقية، ضد الاستبداد، نراها تسقط في فخ سياسة فرق تسد التي يتقنها النظام”.

وأكد أن “حزب النهج الديمقراطي لا يتوقف عن دعوة كل القوى الحية لتشكيل جبهة ميدانية ولحوار عمومي بينها من أجل بلورة مشروع بديل للوضع القائم”، مضيفا أن “ضعف تجذر أغلب القوى المناهضة للاستبداد في الطبقات والفئات الاجتماعية المستعدة لمناهضة الاستبداد حتى النهاية (الطبقة العاملة وعموم الكادحين والفئات الدنيا من الطبقات الوسطى) يمثل أحد أسباب استمرار الاستبداد”.

وأشار أن بنية الاستبداد بالمغرب، “تتلقى الدعم من طرف الإمبريالية الغربية، وخاصة الأوروبية وبالأخص الفرنسية، بالرغم من كل كلامها المنافق حول الديمقراطية وحقوق الإنسان”، مشيرا أن “مخطئ من يظن أن الامبريالية يمكن أن تكون حليفة الشعوب في نضالها ضد الاستبداد، فالإمبريالية الغربية تساند الأنظمة الأكثر استبدادا ودكتاتورية ووحشية من أجل مصالحها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية، وتحارب الأنظمة المتحررة من هيمنتها ولو كانت أكثر ديمقراطية بكثير من الأنظمة التابعة لها.

واختتم حديثه بالقول إن الأوهام التي تنشرها، عن حسن نية أو بوعي تام، القوى التي تراهن للقضاء على الاستبداد من داخل مؤسساته “الديمقراطية”، تشكل أحد أهم الأسباب التي تزيد من استمرار الاستبداد، مضيفا أن “فكرة أن الاستقرار في ظل الاستبداد أحسن من التغيير المجهول النتائج تلعب دورا معرقلا لتوحيد النضال ضد الاستبداد”.

تعليقات الزوار