استبعد المعهد المغربي لتحليل السياسات أن ينجح “قانون الخدمة العسكرية” من امتصاص غضب الشباب العاطل والمهمش على المدى البعيد، مرجحا أن ينجح على المدى المنظور، في تحييد جزء من الشباب الناشطين في الاحتجاجات الاجتماعية، لكن ذلك سيكون نسبيا ومحدود النطاق.
وأكدت ورقة بحثية للمعهد حول “العودة إلى الخدمة العسكرية: الدواعي والتحديات”، أن سبب عدم تمكن الخدمة العسكرية من امتصاص الغضب راجع لكون الشباب الذين يلجون إلى سوق الشغل سنويا يقدرون بمئات الآلاف، وهو ما يقتضي إيجاد حلول عميقة لمعضلة إدماج الشباب.
وقالت الورقة البحثية “إن النظرة المعمقة لدوافع إعادة العمل بنظام الخدمة العسكرية الإجبارية تحيل على أسباب مختلفة؛ فبناء قوة احتياط عسكرية لا تبدو أولوية ملحة للمغرب، ومن هنا فالسياق الداخلي قد يمنح معنى أقوى لمشروع القانون، الذي لم يكن مدرجا في البرنامج الحكومي، وتم الإعلان عنه بشكل مفاجئ للرأي العام خلال صيف 2018”.
وزادت “من هنا تبدو الدوافع الرئيسية وراء هذا القرار ذات طبيعة سياسية واجتماعية أساسا. فمن الناحية السياسية، أتى القرار في ظل تنامي الاحتجاجات الاجتماعية، التي يُعتبر الشباب وقودها الرئيسي.. وأما من الناحية الاجتماعية، فإن محرك هذه الاحتجاجات من الشباب هم ضحايا للبطالة والفقر والتهميش”.
وأضافت الورقة البحثية أنه “منذ الإعلان عنه من قبل الحكومة في نهاية غشت 2018، أثار مشروع القانون جدلا واسعا في المغرب بين من يؤيدونه، بحجة أن التجنيد الإجباري قد يكون أحد المداخل الممكنة لتحصين الشباب وإدماجهم اجتماعيا وتعزيز الروح الوطنية لديهم، وبين من يعارضونه بحجة أنه قد يكون وسيلة للتدجين وترويض الشباب”.
ورأى المصدر ذاته أنه “إذا كان هذا القانون قد حظي بدعم الفرق البرلمانية، أغلبية ومعارضة، فقد عارضته مجموعات شبابية وبعض الجمعيات الحقوقية، ونوادي مشجعي الفرق الرياضية (الإلتراس)، إضافة إلى تلاميذ الثانويات الذين خرجوا للاحتجاج خلال شهر نوفمبر 2018”.
يذكر أن مجلس النواب، اليوم الأربعاء 26 دجنبر 2018، قد صادق على مشروع قانون الخدمة العسكرية في جلسة عمومية بحضور الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي. وكانت لجنة العدل والحريات قد رافضت تعديلا تقدمت به الأغلبية ويقضي باشتراط أداء الخدمة العسكرية للولوج إلى الوظيفة العمومية.
وأدرج مجلس النواب عددا من التعديلات على الصيغة الأصلية للمشروع تخول للمجندين الحق في المشاركة في المباريات التي يعلن عنها خلال مدة الخدمة العسكرية والحق في الاستفادة من معاش عن الزمانة في حال إصابتهم بعاهات نتجت أو استفحلت بفعل الخدمة العسكرية.