يحبس أنفاسه كلما سعت يداه إلى إدخال تلك القطعة الخشبية من عنق زجاجة موضوعة بإحكام فوق طاولة محفوفة بأدوات النجارة المختلفة، بمجرد أن تأخذ القطعة مكانها حتى يسارع إلى كب نفسه ويعيد الكرة مرات إلى أن يحول المتلاشيات إلى قارورات تخزن إبداعا وذاكرة.
بدأت كموهبة فسارت مهنة تدر عليه مدخولا محترما، يقول عمر “بدأت العمل في النجارة قبل 20 سنة، ثم بحثت عن فكرة عمل أشياء جدية تغيب عن روتين الحياة اليومية، ثم استقر رأي على كتابة الأسماء وبناء المجسمات الصغير داخل قارورات من زجاج”.
ولعل ما يميز ما يقوم به عمر إمتان، ابن مدينة الإبداع والفنون، مراكش، هو مصدر أعماله، إذ جلها من المتلاشيات والمواد التي يتم التخلص منها بعد استنفاذ أغراضها، إلا أن عمر يرى فيها استعمالات ووظائف أخرى.
“ليس المهم من أين تأتي، بل المهم ماذا نصنع ونبدع من لاشيء، أو أشياء يتم رميها”، يقول عمر، ويضيف مستشهدا بقول جدته “لا يمكن شكر الذهب، فالذهب شاكر راسو، وعاطي القيمة لراسو”.
ويسترسل المتحدث القول، “هذا العمل ليس بالشيء الهين، وما زلت أجد صعوبة في كثير من المراحل، فدقة تلصيق القطع مع بعضها أوض تسميرها داخل القارورة يحتاج دقة ومجهودا كبيرين”.
يضيف عمر في ذات اللقاء، أن عمله بورشته على سطح منزله يتم ليلا بعيدا عن الضوضاء، وأن أي تشويش أو غضب على بساطته، يتسبب في تأجبل إنهاء القطعة إلى وقت آخر مناسب.