سياسة

قياديون في الاتحاد الاشتراكي يرسمون ملامح مشروع مستقبلي لحزب عبد الرحيم بوعبيد

شخّص قياديون في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واقع حزبهم حاليا، وقدّموا مقترحات لتجاوز أعطابه واختلالاته، كما رسموا ملامح ما اعتبروه مشروعا مستقبليا يعيد للحزب هيبته وريادته.

وقام كل من حسناء أبو زيد وعبد الجليل طليمات وحسن نجمي وأحمد رضى الشامي وعبد الكريم بنعتيق بنقد ذاتي لحزبهم، خلال ندوة لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، السبت الماضي، بعنوان”أي مشروع لمستقبل الاتحاد الاشتراكي”، بمناسبة الذكري الثلاثين لرحين عبد الرحيم بوعبيد.

“كساد انتخابي”

وفي هذا الصدد تساءلت أبوزيد “هل تفصلنا 30 سنة عن وفاة عبد الرحيم بوعبيد أم 30 سنة عن اتحاد اشتراكي معافى؟”، مشددة على أن المغاربة لن يثقوا “في نسخ للاتحاد لا تحتكم إلى إطار مرجعي واضح وملزم في تصورها للمصلحة الوطنية”.

وأضافت المتحدثة أن الصيغة السياسية للحكومة أصبحت هي السعي نحو المرتبة الأولى لملء الالتزام الدستوري، و”أصبحنا نعيش حالة تحول من تناوبات سياسية إلى تناوبات انتخابية”، وهو أنتج “كسادا انتخابيا”.

واعتبرت أبوزيد أن الاتحاد الاشتراكي طيلة سنوات كان يشارك يشارك ويساهم في نوع “الديمنقراطية المحلية التأثيثية”، مشددة على أنه لا يمكن لحزب الوردة أن يستمر في “محاولة المشاركة أو التعبير عن الاقتناع بأن الأحزاب يمكن أن تؤثث مشهدا صوريا للتناوب”.

وانتقد أبوزيد “الانتهازية” التي لم تعد “ذلك السلوك المرفوض والمنبوذ والمعزول داخل الحزب، بل أصبحت أنموذجا متكاملا لسلطة حزبية وهذا يؤثر بشكل كبير على أداء وصورة” الاتحاد.

وخلصت إلى أن مستقبل حزب عبد الرحيم بوعبيد مرتبط مستقبل بقدرته على بلورة تصور جديد للنضال داخل المؤسسات، فكل “الأجوبة التي قدمناها لسنوات أصبحت اليوم عاجزة على الإجابة عن أسئلة أصعب من مسؤولياتنا بالأمس”. معتبرة أن “جاهزية المجتمع لعقد صفقة تعاقدية مع حزبنا أصبحت أضعف مما كانت عليه”.

أربعة مداخل

من جهته قدم القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي عبد الجليل طليمات مقترحات من أربعة عناصر لاستعادة الحزب لهيبته وريادته؛ وهي الإيديولوجي والسياسي والتنظيمي ثم العلاقة مع المجتمع.

ودعا طليمات إلى إعادة الاعتبار للفكرة الاشتراكية، باعتبارها اختيارا فكريا وإيديولوجيا، وكمرجعية هوياتية “بدل تعويمها في خطاب ملتبس حول الحداثة”، معتبرا أن الاشتراكية في علاقتها بالديمقراطية هي الأفق، وأنها مسألة حيوية في إعادة بناء وتوحيد الاتحاد الاشتراكية.

كما حث طليمات على إعادة الاعتبار للنضال الديمقراطي، وذلك بالعمل على تعميق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عن طريق التأويل الديمقراطي لدستور 2011. معتبرا أن إعادة بناء الأداة الحزبية قضية سياسية في جوهرها.

ومن مداخل إعادة الوهج لحزب عبد الرحيم بوعبيد، يقترح طليمات استعادة مركزية المسألة الاجتماعية، مشيرا إلى أنها تراجعت في برامج الاتحاد الاشتراكي، بحيث “أصبح على هامش الحركة الاجتماعية”، داعيا إلى ضرورة من مراجعة العمل النقابي.

واقترح المتحدث تجديد الثقافة التنظيمية، عبر تقوية اللامركزية وتوسيع صلاحيات الهيئات المجالية، واعتماد آليات التيارات لتدبير الاختلاف، وبناء القطاعات والتنظيمات الموازية على قاعدة الاستقلالية في المبادرة، واستعادة القيم النضالية لليسار.

تعاقد اتحادي جديد

من جهته، قال القيادي حسن نجمي في تشخيصه لواقع حزب الوردة، إنه “انزاح عن حقول الشباب والطلبة والنساء والحقل الثقافي، وأصبح عمليا خارج اليسار، كما ابتعد عن استغاثات المغاربة في عدد من المناطق”.

وأضاف المتحدث أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية “أصبح مغيبا ولم يعد أداة للتعبير الديمقراطي”، منتقدما عدم تأطير منتخبي الحزب وتكوينهم.

ودعا نجمي إلى “تعاقد اتحادي اتحادي جدي وبعمق فكري ونقد ذاتي في أفق تجاوز الانحراف الحالي والمضي في المستقبل، بأفق جديد ورؤية جديدة لننفتح عن الاجتهادات الجديدة”.

تحيين المرجعية

من جانبه قال القيادي في الاتحاد أحمد رضى الشامي إن حزب الاتحاد الاشتراكي يجب أن يحمل أفكار التقدم فيما يخص دور المرأة والحريات والنضال الايكولوجي، كما دعا إلى تحيين لمرجعية الايديولوجية.

واقترح وضع ميثاق للقيم، ليكون بوصلة للحزب في جميع اللحظات والمواقف خاصة الصعبة منها، “ويحمينا من التدخلات الخارجية ويحصن استقلالية القرار الحزبي. قيم يتفق عليها كل الاتحاديين”. وتتضمن قيم النزاهة والشفافية والإدماج والقدرة على الصمود وروح المبادرة.

وحث الشامي على ترسيخ الديمقراطية الداخلية وتدبير الاختلاف، والانفتاح على مختلف فئات المجتمع وذلك باستعمال التقنيات الحديثة.

كما دعا إلى تبني الديمقراطية التشاركية، عبر توزيع عقلاني وواضح بين المركز والتنظيمات الترابية، و”تحديد ولايات الكاتب الأول في ولايتين وعدم الجمع بين الكتابة الأولى والوظيفة الحكومية”.

وشدد الشامي على ضرورة “استقطاب وتأطير المواطنين في الحي والدوار.. وإحداث المعهد الوطني للديمقراطية والمواطنة، واإتاج أفكار ومشاريع ومواقف في جميع القضايا التي تهم المواطنين، بالإضافة إلى إحداث مركز للتفكير التشاركي”.

إشراك المجتمع

أما القيادي عبد الكريم بنعتيق، فقد دعا إلى إعادة النظر بشكل جدري في المسألة التنظيمية، معتبرا أن “الانفتاح ليس انفتاح انتخابي بل انفتاح مجتمعي” مطالبا بإدماج المجتمع في اختيار قادة الحزب.

وفي هذا الصدد شدد بنعتيق على ضرورة التمييز بين الانتماء التنظيمي والانتماء السياسي، حيث يصبح من حق عدم المنتمين تنظيميا للاتحاد الاشتراكي الحصول على بطاقة صالحة فقط للمشاركة في المؤتمر.

وانتقد بنعتيق ما وصفها بـ”البنيتة المغلقة” للاتحاد، مقترحا تنظيم منتدى شبابي سنوي، ومنتدى نسائي سنوي، ومنتدى ثقافي إعلامي رقمي، ومنتدى سياسي سنوي لتحيين المرجعيات، ثم منتدى حقوقي سنوي.

واعتبر بنعتيق أن المصالحة مع الذات أمر ضروري، لا يمكن تحقيق أي أهداف دونها. واقترح خلق جبهة عريضة لمحاربة استعمال المال في الانتخابات. ورفع القيود على الديمقراطية المحلية.