لم يمر شهر على إعادة فتح الملاعب أمام الجماهير الرياضية بعد أزيد من عامين على إغلاقها بسبب تداعيات الجائحة العالمية، حتى اهتز ملعب مولاي عبد الله بالرباط أمس الأحد على أحداث شغب وعنف بين عناصر محسوبة على جمهوري الجيش الملكي والمغرب الفاسي، أصيب على إثرها 85 شخصا من أفراد الشرطة، بينما اعتقل 160 مشجعا بينهم 90 قاصرا.
أحداث الشغب في المباراة التي انتهت بفوز فريق العاصمة العلمية، بهدفين مقابل لاشيء لفريق العاصمة الإدارية، أعادت ظاهرة العنف الرياضي إلى الواجهة، وحملت معها أسئلة حول المسؤولية المجتمعية والقيمية والأخلاقية لاحتواء هذا العنف من الملاعب الذي يكلف خسائر مادية وبشرية.
عنف نتيجة لعنف
وفي تصريح لـ”العمق”، اعتبر الباحث في القانون العام والعلوم السياسية محمد بنساسي مظاهر الشغب والعنف التي شهدها مركب الأمير مولاي عبد الله أمس بالرباط، “مظهر من مظاهر العنف غير المباشر أو العنف الرمزي الذي يتعرض له الشباب المغربي في حياته اليومية، كما أن ما وقع أمس لا يعدّ حالة معزولة، بل الملاعب والمركبات الوطنية تعودت على مثل هذه السلوكيات والممارسات العنيفة والتخريبية الشاذة والخارجة عن السيطرة والمتكررة، وربما هي آخذة في الاستفحال والتعاظم بشكل خطير، لدرجة أضحت عقيدة لدى بعض الجماهير الرياضية”.
وتحدث عضو العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان على أن “الرياضة بكل أنواعها وفي طليعتها كرة القدم التي تعتبر في عصرنا الحالي من الرياضات الأكثر شعبية في العالم، ومن أقوى رؤوس الأموال في بعض الدول التي أحسنت استثمارها لفائدة اقتصاداتها الوطنية ولا سيما في الجانب المرتبط بالتسويق والسياحة، تحولت بالمغرب في العقدين الأخيرين من لعبة رياضية تهدف بدرجة أولى إلى الترفيه والمتعة والتنافس الشريف بين الفرق والأندية والمنتخبات، إلى بؤرة للعنف والعنف المضاد بين الجماهير المؤيدة والرافضة للنتيجة”.
ورجح بنساسي أن الأسباب والعوامل المفضية لهذا العنف “المدان والمرفوض”، تعود إلى “جذور اجتماعية بامتياز، بحيث إنه أمام التراجع الكبير للدور التربوي والقيمي والأخلاقي المفروض أن تلعبه الأسرة المغربية اتجاه أبنائها، وتدهور التأثير التربوي والتعليمي والتحسيسي للمدرسة العمومية أمام تعطيل وظائف دُور الشباب وغياب القدوة الحسنة لشبابنا وغيرها من مؤسسات التنشئة التي تساهم في تماسك وتلاحم المجتمع بتنوع واختلاف فئاته، لا يمكن إلا أن ننتظر مثل هذه الممارسات والسلوكيات الصادرة عنهم في الملاعب وغيرها من الفضاءات العامة”.
وسجل أنه “ربما البلد الوحيد في العالم الذي تغلق مدارسه أبوابها في التوقيت الإداري لعمل المؤسسة التعليمية، مع العلم أن أغلب هذه المدارس تتوفر على ملاعب مجهزة لاحتضان بعض الألعاب الرياضية في مقدمتها كرة القدم خارج أوقات العمل، إلا أن تلاميذ المؤسسة نفسها لا يستفيدون من هذه الملاعب الحيوية والأساسية خارج توقيت عمل المؤسسة، كعطلة نهاية الأسبوع والعطل البينية. على سبيل المثال لا الحصر، والأجدر أن تكون هذه المرافق الحيوية إلى جانب ملاعب القرب الذي قطع فيها المغرب أشواطا كبيرة ولا سيما في المدن الكبرى مفتوحة ومتاحة ليس فقط للتلاميذ الذين ينتسبون للمؤسسة المعنية بل لكافة الأطفال والتلاميذ والشباب القاطنين في محورها”.
تنمية حس الانتماء
ولتجاوز هذه الظاهرة السلبية التي انتشرت في ملاعبنا الرياضية، قال بنساسي في حديثه لـ “العمق”، إنه “لا بد أن ننمي لدى شبابنا حس الانتماء للفضاء العام، انطلاقا من الأسرة مرورا بالمدرسة العمومية ومؤسسات التنشئة، وصولا إلى الوطن كفضاء واسع حاضن للجميع، لأن في غياب هذا المقوم المركزي داخل المجتمع، يتولد لدى شبابنا إحساس بعدم الانتماء، وبالتالي يعتبر أي شيء لا يدخل في ملكيته الخاصة أو ملكية أسرته الضيقة، لا يستحق العناية والمحافظة عليه، وهذا ما يفسر أحيانا بعض التجاوزات والسلوكيات الخارجة التي تمتد أحياناً إلى الاعتداء المادي والتخريب للملكيات العامة كالمواصلات العمومية -حافلات- والإنارة العمومية والمساحات الخضراء، فضلا عن تجهيزات الملاعب”.
وأكد أن “اعتماد المقاربة الأمنية الصرفة في التعاطي مع هذه الظاهرة داخل الملاعب، في اعتقادي أنها لا تساهم في محاصرتها والحد منها ومن فظاعاتها بقدر ما تزيد من تعاظمها وتعميقها وترسيخها، لأن في النهاية نقابل العنف بعنف مضاد ربما أكثر قساوة ووحشية، وهو حل غير سليم وغير فعال أيضا”.
وسجل بنساسي قوله أن “المدخل الأساس لمحاصرة هذه الظاهرة على المدى المتوسط والبعيد في أفق القضاء عليها نهائياً، يتجلى بدرجة أولى في المدخل القيمي والأخلاقي الذي ينبغي أن يستند على أسرة مسؤولة وواعية ومدرسة عمومية قوية ومنفتحة على محيطها ومنخرطة في قضايا المجتمع ومستوعبة لها”.
تعليقات الزوار
رجال الحموشي هربوا اين الافلام ديال تفكيك الخلايا... ولكن يتم استعراض العضلات مع الاحرار و المتعاقدين وتجريد الاستاذات من ملابسهن فبركة التهم للصحافيين و و و.