تصوير ومونتاج: فاطمة الزهراء الماضي
حذر ائتلاف مبادرة المجتمع ابمدني من خطورة مشروع القانون 18.18 “بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، حيث قرروا تقديم مذكرة للفرق البرلمانية تتضمن أهم ملاحظاتهم ومطالبهم من أجل تعديل مقتضيات مشروع هذا القانون.
وصادق مجلس المستشارين بالإجماع، في 10 ماي الماضي، على مشروع القانون 18.18 الذي يهدف إلى تحديد شروط دعوة العموم إلى التبرع، وقواعد تنظيم عمليات جمع التبرعات وأوجه استخدامها، وشروط وقواعد توزيع المساعدات لأغراض خيرية، وإجراءات المراقبة الجارية عليها.
وشرعت لجنة الداخلية والتجهيزات والبنيات الأساسية بمجلس النواب في دراسة ومناقشة مشروع هذا القانون 18.18، بعد إحالته عليه من مجلس المستشارين، والذي صادق عليه خلال بداية الدورة الربيعية 2022، وهو القانون الذي أعدته الحكومة في أواخر 2018، و يراد من خلاله إلغاء القانون رقم 004.71 بتاريخ 21 شعبان 1396 (12 أكتوبر 1971) الذي يتعلق بالإحسان العمومي.
ملاحظات الجمعيات
استعرض ائتلاف مبادرة المجتمع المدني عددا من الملاحظات حول مشروع القانون، في مذكرتها المقدمة للفرق البرلمانية، معتبرة أن إعداده شكل خروجا عن كل الأحكام الدستورية المنظمة والمؤطرة لإشراك المواطنين والمواطنات وجمعيات المجتمع المدني في إعداد السياسات العمومية.
وأكدت أن النص لا يستجيب لتوجيهات الملك محمد السادس الداعية “لتبسيط المساطر لتشجيع مختلف أشكال التبرع والتطوع والأعمال الخيرية، ودعم المبادرات الاجتماعية والمقاولات المواطنة”، إضافة لتجاهله، تضيف الجمعيات، لكل التوصيات والاقتراحات الواردة في مخرجات الحوار الاجتماعي وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باستثناء اعتماد مصطلح التبرع العمومي بدل الإحسان العمومي.
وحذرت الجمعيات من أن وضع مناقشة القانون بالأسبقية بمجلس المستشارين مخالف لمقتضيات الدستور؛ ذلك أن مضامين مشروع القانون 18.18 تتعلق بالحقوق والحريات العامة وليس القضايا الاجتماعية، مما يتطلب وضعه بالأسبقية لدى مجلس النواب وليس مجلس المستشارين.
واستنكرت الجمعيات، ما اعتبرته، “منحى التشدد والتقييد المبالغ فيه في وجه الجمعيات لالتماس التبرعات العمومية وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية بصفة عامة، معتبرة أن ذلك سيفضي إلى حد انسحاب بعض الفاعلين من هذا العمل النبيل.”
ومن الملاحظات الواردة في المذكرة ذاتها، إخضاع كل عمليات توزيع المساعدات لأغراض خيرية للرقابة القبلية دون ربطها بتلك المتأتية من حملات دعوة العموم للتبرع، إضافة لتجاهله لكل الضمانات القانونية للتفعيل السليم لهذا النص.
وعبرت الجمعيات عن استغرابها من عدم التمييز بين التوزيع الجماعي والتوزيع الفردي، والتوزيع بالفضاءات العمومية والفضاءات الخاصة بالجمعية أي مقراتها، إضافة لمنح سلطة مطلقة للسلطات الإدارية دون تقييدها لا بأجال ولا بشكليات محددة.
واعتبرت الجمعيات أن المشروع أرهق الجمعيات بتقديم تقارير تفصيلية عن كل عمليات التوزيع، ودون مراعاة لاستقلال قرارات الجمعيات، وأنها شخص خاص يجب أن يخضع لرقابة القضاء والجهة المانحة، ودون الأخذ بعين الاعتبار أن عددا من تلك المعطيات من المفروض أن يتم تضمينها في المحاسبة الخاصة بالجمعية.
وأكد الائتلاف أن النص اعتمد مساطر معقدة ودون مراعاة لكل المرجعيات السالف ذكرها، زوإلزام الجمعيات الساعية إلى دعوة العموم إلى التبرع، إرهاقها بضرورة تقديم وثائق ومعطيات تعود إلى فترة ما قبل تبسيط المساطر الإدارية.
واستنكرت أيضا حرمان الجمعية من إمكانية تخصيص جزء مما جمعته من حملات دعوة العموم للتبرع لتدبير شؤونها، حيث لا يمنحها هذا المشروع إلا هامشا ضيقا يتعلق بإمكانية تخصيص جزء من التبرعات في حدوده الدنيا لتغطية تكاليف عمليات دعوة العموم إلى التبرع.
كما ألزم المشروع، تؤكد الجمعيات، بتحويل الأموال المتبقية بعد تحقيق الأغراض التي من أجلها جمعت التبرعات أن تحولها إلى مؤسسة خيرية أو جمعية لها نفس الأغراض تحددها الإدارة وليس الجمعية.
أما العقوبات، فأشارت الجمعيات أنه على الرغم من خلوها من العقوبات الحبسية، فاعتبرت أن بمجرد عدم قدرة كل مدان بالعقوبة عن أداء الغرامات، فسوف يكون مصيره الإكراه البدني.
مطالب وتوصيات الجمعيات
طالبت الجمعيات باعتماد مبدأ التصريح بدل الترخيص سواء بمناسبة دعوة العموم للتبرع أو توزيع المساعدات لأغراض خيرية، واعتماد الترخيص استثناء خلال دعوة العموم للتبرع في حال تجاوزت القيمة المقرر جمعها مبلغا مهما (مليون درهم كاقتراح)، داعية لحصر الترخيص في حال كانت الجهة الداعية إلى التبرع شخص ذاتي، مضيفة أن الجمعية هي شخص معنوي ومعترف به قانونا؛
كما دعا هذا الائتلاف لاعتماد سياسة الرقمنة والإدارة الالكترونية في معالجة الطلبات لتدعيم أسس الشفافية بين الإدارة والجمعيات؛ مع تقليص أجال تقديم الإشعارات والتراخيص -في حال الإبقاء عليها-، وكذا آجال الرد عليها؛
واقترحت الجمعيات ذاتها للتمييز بين توزيع المساعدات لأغراض خيرية بشكل فردي وخاص والتوزيع الجماعي، مع التعجيل بإخراج النص التنظيمي المؤطر للمحاسبة الجمعوية، ضمانا لتكريس التدبير الشفاف لمختلف العمليات المالية للجمعيات وليس تلك المتعلقة بدعوات العموم للتبرعات أو توزيع المساعدات لأغراض خاصة، والإحالة عليه في مشروع القانون 18/18؛
كما شددت على ضرورة اعتماد القواعد التي أقرها القانون 55-19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وحصر لائحة الوثائق والتقارير المطلوبة بمناسبة الأنشطة المؤطرة بهذا النص، والإحالة على التقارير المصرح بها لدى مصالح وزارة المالية، وكذا المحاسبة الخاصة بالجمعيات؛
وأوصت الجمعيات بحذف الأشخاص المدينين لأسباب اجتماعية وإنسانية من المحرومين من الاستفادة من دعوة العموم للتبرع وكذا الاستفادة من المساعدات الخيرية، مع السماح للجمعيات بتخصيص جزء من التبرعات لتسييرها الإداري؛ و التنصيص على حق الجمعيات المحصلة للتبرعات في استعمال الأموال المتبقية في تنفيذ مشاريع لها نفس الأغراض.
وختمت الجمعيات مذكرتها الموجهة للفرق البرلمانية بعدم ربط الأحكام الصادرة في حق الأشخاص بمصير أنشطة الجمعيات، مع تقليص السلطة التقديرية للإدارة ومنح صلاحيات أوسع للقضاء، سواء بمناسبة دعوة العموم للتبرعات أو توزيع المساعدات لأغراض خيرية.
وبخصوص العقوبات، أكدت الجمعيات على ضرورة مراعاة التناسب بين المخالفة والعقوبة، ومراعات مخالفات حسن النية، عبر اعتماد إجراء الإنذار قبل الإحالة على القضاء واتخاذ العقوبة، إضافة لترتيب الجزاء على الموظف العمومي الذي يخالف مقتضيات هذا القانون.
لفتيت: تشديد العقوبات هدفه سد الطريق على مرتزقة العمل الخيري
وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أكد أن تشديد العقوبات في مشروع القانون المتعلق بضبط عمليات جمع التبرعات، يهدف إلى سد الطريق عن المرتزقة من العمل الخيري ومستغلي الحالات الاجتماعية.
وقال لفتيت، خلال مناقشة مشروع القانون المذكور بلجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، إنه “مبدئيا هناك حسن نية والقانون يسري على الجميع، وفي حالة سوء النية تسري على الجمعيات المخالفة قوانين أخرى قد تصل إلى المتابعة الجنائية”.
وبحسب تقرير لجنة الداخلية حول المناقشة التفصيلية لهذا المشروع، فإن وزير الداخلية، أكد أن الهدف من تشديد العقوبات هو عدم تخويف المغاربة وعدم توقيف العمل الخيري، بل الهدف هو سد الطريق عن المرتزقة من العمل الخيري ومستغلي الحالات الاجتماعية.
وأفاد لفتيت، أن مدلول التبرع في هذا القانون هو كل التماس موجه إلى العموم قد يكون بهدف تمويل أو إنجاز أنشطة أو برامج أو مشاريع ذات صبغة اجتماعية أو إنسانية أو تضامينة أو خيرية، والنشاط يعتبر عبارة عن خدمات مقدمة.
أما الطرق التقليدية والعرفية التي يتم بها جمع التبرعات والمعروفة كجمع الأموال للتعزية، أو عملية التويزة، أو التكفل بشخص في حالة المرض، فقد أكد لفتيت، أن هذه الأعمال والطرق التقليدية المتعارف عليها اجتماعيا لا يسري عليها أحكام هذا القانون.
وشدد لفتيت، على أن مشروع هذا القانون يحمل رؤية متجددة تسعى لتشجيع العمل الخيري وتنظيمه على نمط يعظم من مردوديته وفعاليته من خلال تبني قواعد حوكمة جيدة مبنية أساسا على ضمان الشفافية والموثوقية لعمليات جمع التبرعات وتوزيعها.
وأردف المتحدث، إلى أن هذا المشروع يسعى إلى تفعيل دور وسائل الدولة في التتبع والمراقبة وتمكين المجتمع المدني من تأطير التطوع وترسيخ قيم التكافل الاجتماعي من خلال تشجيع الأفراد على التبرع.