رحم ألله المفكر الكبير محمد اركون الذي اختار المغرب كمثوى أخير. يرقد في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء بعد حياة مليئة بالعطاء الفكري.
نسي أعداء الفكر أن الإبداع والبحث العلمي لا يعترف بالحدود والجنسيات. نسي من أصابهم مرض عضال إسمه معاداة المغرب أن من حكم الجزائر غداة استقلالها هم من كانوا يحملون إسم مجموعة وجدة. نسي من أصابهم الخرف أن بداية هجرة عائلات من المغرب الأوسط بدأت منذ بداية قصف فرنسا للساحل.
نسي “مساخيط التاريخ ” والوالدين أيضا أن أسرا كثيرة من تلمسان ووهران وقسطنطينية وتبسة ووهران اختارت، عن اقتناع، الإستقرار بالمدن المغربية. إذا نسوا، فللتاريخ أعين وآذان وخزانة لا تحصى وثائقها. أكيد أن الوزير الحقود للتعليم العالي الذي يشعر بقوة تعاون المفكرين المغاربة والجزائريين، توصل من المخابرات وعصابة العسكر بتوبيخ زعزع قواه العقلية أو ما تبقى منها.
غريب أن يتم تهديد استاذ أو باحث لمجرد أنه شارك في عمل علمي. رسالة كتبت بغل و بحقد ظاهر ودفين. لو سمع عبد الحميد بن باديس بما بدر من وزير جزائري لتحرك في قبره آلاف المرات . و للتذكير فبن باديس أسس جمعية علماء الجزائر بدعم من علماء وجدة. من دعم إصدار مجلة ” البصائر ” سنة 1935 ومن قدم المساندة و العون لتأسيس دار الحديث من طرف العالم محمد البشير الإبراهيمي سنة 1937. اسألوا أيها الناكرون لكل جميل عائلات المقري و بن منصور و بن غبريط و عصمان و المشرفي و غيرها من تلك التي لم تتنكر لقوة احتضانها من طرف المغرب و التي قدمت جليل الأعمال لهذا الوطن.
مهما هددت الباحثين الجزائريين و قلت لهم أن يبتعدوا عن إخوانهم و زملاءهم المغاربة فلن يفعلوا. هل تعرف السبب؟ نعم تعرف أنك الطغمة العسكرية في بلادك تحتقر العلم و البحث و تعتبر الأستاذ الجامعي عدوا. فنشر الوعي سلاح فتاك بإعداد الشعوب و اؤلئك الذين يحرمونهم من الحرية في كل المجالات.
تعرفت على الكثير من “الكوادر” الجزائرية ذات الكفاءة العليا و عرفت عن قرب ما يعانونه في بلادهم من تهميش وتفقير و قمع. جاء في رسالة الوزير أنه يمنع منعا باتا المشاركة في الندوات و المؤتمرات التي تنظم بالمغرب و عدم نشر أية مادة في مجلات مغربية و الإنسحاب من كل عمل علمي مع التأكيد على الإجراءات القمعية في حق كل مخالف.
من يتخذ قرار تخفيض حجم الصوت لكي لا يسمع النشيد الوطني لبلادنا في ألعاب وهران. ومن يعبئ قوات أمنه لتنظيم الصفير ضد أي فوز يمكن من رفع العلم المغربي. ومن يمنع الصحافيين المغاربة من تغطية ألعاب رياضية، يمكنه أن يعمل كل شيء يدخل في إطار ما يصدر عن المختلين عقليا شافاهم ألله.
لعلمكم يا طغمة المتخلفين فقافلة المغرب تسير بسرعة وتسمح لكم بالنباح كيفما شئتم و أينما شئتم. نباحكم في المحافل الدولية فضحكم وصرتم أضحوكة في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي و إتحاد البرلمانات الأفريقية و الإتحاد الأوروبي.
استمروا من فضلكم فالضلال يزيد في لغوكم. أما البحث العلمي فنساؤه ورجاله كثر ولا توجد حدود (بمعنى عقوبات) لمنعه. أما الجغرافيا فيجب أن تتعلموها من جديد. فأساتذةالجزائر مستعدين للرفع من قدرة الطغمة الحاكمة على ولوج مجتمع و دولة العقل إن توفرت لديهم ذرة ذكاء.