ودع أعضاء المفتشية العامة للمالية بكافة أجيالهم أحد رواد هذه المؤسسة، التي تم إنشاؤها في أبريل من سنة 1960، المرحوم أحمد الحارثي الوردي.
وكان الفقيد من الأطر والمسؤولين الذين عرفوا بالمهنية والنزاهة والخلق الرفيع، ولهذا كان محط تقدير من زملائه ومن الكثير من وزراء الاقتصاد والمالية العرب والأفارقة حين تقلد مهام قيادة المصرف العربي للتنمية الإقتصادية في أفريقيا.
وقد كان المرحوم من الأطر التي تولت مهام كبرى منذ شبابه، وكان مديرا لديوان وزير المالية الإقتصاد عبد القادر بن سليمان ووزير الفلاحة مصطفى فارس خلال السبعينات. وهو الذي أوكلت له مهام تأسيس ووضع الأسس التي بنيت عليها الشركة المغربية لتأمين الصادرات.
وتم انتخابه بأغلبية كبيرة سنة 1988 وسط منافسة جزائرية للحصول على منصب المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، الذي أنشأ غداة حرب أكتوبر 1973 لدعم الدول الأفريقية الداعمة للقضية الفلسطينية. وقام المرحوم بإعادة هيكلة هذه المؤسسة التي تمول لحد الآن مشاريع تنموية في جميع الدول الأفريقية غير العريية.
وقد كان المرحوم أحمد الحارثي الوردي، ابن مدينة سلا، أول مغربي يصل إلى مركز في مجال قيادة منظمة مالية دولية، وقد نسج علاقات كبيرة مع العديد من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية خلال أكثر من 11 سنة قضاها على رأس المصرف العربي.
وكان الراحل دائما محل تقدير واحترام من طرف أعضاء مجلس المحافظين الذي يضم وزراء الاقتصاد والمالية ورؤساء البنوك المركزية. وخلال إحدى اجتماعات هذا المجلس طلب رئيسه الوزير السعودي الكبير والسابق “ابا الخيل ” من المرحوم أحمد الحارثي الوردي أن يستمر في مهامه ووصفه بالرجل المتمكن والنزيه والأمين.
وبالأمس ودعه جمع كبير من إخوانه المفتشين يتقدمهم الوزير المنتدب عبد اللطيف لوديي إلى جانب العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين بالوزراة.
ويجمع الكل على خصال الراحل الذي كان يسارع إلى دعم شباب المفتشية العامة بالنصح والمساعدة والمساندة، حيث كان دائم الابتسامة والحرص على الوفاء لمبادئ الاستقامة والشفافية. وقد ظل وفيا لهذه المبادئ منذ أن التحق بالمفتشية العامة للمالية إلى أن بلغ سن التقاعد وانسحب في هدوء لكي يتفرغ إلى عشق قراءة الكتب والبحث المتواصل عن المعرفة.