من أراد أن يعرف سر تلك العلاقة التي تربط المغاربة ببلدهم يجب عليه أن يلمس تربة الوطن في القرية والحومة القديمة والحي الشعبي. هناك ستعرف أن أبناء الشعب لا ينتظرون انتصارا كرويا ليعبروا عن الحب و الشعف الذي يحملونه للأرض و القيم والأعراف والتقاليد التي صنعت تاريخ وحدتنا. صحيح جدا أنه لا يجب أن نستثني أحدا من هذه الوحدة ولكن ننتظر أن تنزل اقلية من برجها العاجي لتكتشف أن البناء يبدأ من القاعدة و ليس من الأعلى. من حسن الحظ أن العمل و الصدفة و قوة الإرادة هي التي لا زالت تخلق الفرحة الجماعية ببلادنا.
خرج الشعب المغربي منتشيا بالنصر الكروي إلى شوارع الوطن للتعبير عن الفرحة العارمة. غنى المغاربة بشكل عفوي و قوي الإحساس النشيد الوطني ليعبروا عن محبتهم “لمنتدى السؤدد و حماه” ولكي يقسموا على تمسكهم ” بشعار الله الوطن الملك”. خرج الشباب و الشيب و النساء والرجال و الفقراء رغم ما يصيبهم من سهام غلاء المعيشة و تهميشهم. وظلت صالونات القلة المنتشية بالريع و المراكمة للثروات مكانا تطل من خلاله على شعب محب لبلده.
نعم نفرح وسنظل نفرح كلما انتصرنا في رياضة تسحر كل العالم. لا يمكن أن يستلذ بنشوة الانتصار في مباراة كرة في عمقها من لم “يعبدها” منذ الطفولة في الحارات والدروب وحاليا في ملاعب القرب. الأمر المعروف سيسيولوجيا هو الارتباط شبه الطبيعي بين الفقر و ممارسة كرة القدم. هذه المسيرة لا تشترط غير حبها لقبول ممارسيها و إدخالهم إلى عالم الشهرة و المال بمستويات متفاوتة. بالأمس انتشرت صور عناق أشرف حكيمي لأمه و قوله أنه نتاج لتضحيات أم كانت تشتغل في البيوت و اب كان بائعا متجولا. كان لهذه الصورة وقع كبير في شبكات التواصل الإجتماعي على الشباب الذين يبحثون عن مكان تحت الشمس. يجب أن تستمر الفرحة بنجاحات أبناء هذا الشعب المحب لوطنه. يجب أن يتم حشد كل ما اؤتينا من قوة لخلق الأمل. مخترعونا ومهندسونا و معلمونا و صناعنا و فلاحونا و كل مبدعينا قادرون على صناعة الأمل لكي يشرق في قلوب الشباب.
هؤلاء يعطون بكل سخاء و لا يطلبون مقابلا غير عدالة اجتماعية و مجالية وآخرون لا هم لهم سوى مراكمة ثروات جاءت من الريع ومن ممارسات سياسية قبيحة بكل المقاييس. الشكر كل الشكر للمستثمر و المقاول و العامل لأنهم يخلقون الثروة والذل كل الذل على كل مسيء للبلاد عبر الريع و الرشوة والاستبداد و تشويه سير المؤسسات. فرحة كبرى ادخلتها كرة القدم على القلوب المؤمنة بالوطن و وحدته . هذه الفرحة يجب أن تصبح شعارا لكل مسؤول إختار أو تم اختياره لخدمة المواطنين. إن لم يكن قادرا على نكران الذات و تغيير المنكر و رفض كل اغتناء سريع و غير مبرر فليذهب إلى الجحيم و ليبتعد عنا.
قد نذهب بعيدا في تحقيق النتائج الرياضة و نسجل إسم بلدنا في سبورة التميز العالمي ولكن يجب أن نبحث عن كل الوسائل العلمية و التكنولوجية و التربوية لكي نخلق الثروات ونوزعها بعدل وأن لا يظل بيننا من يعيش على الريع و”الهمزة”. يجب أن نواجه أعداء النجاح و أن نحارب كل من راكم ثروات لمجرد ممارسته لمهمة سياسية جراء انتخابات أصبح الجميع يعرف قواعدها و مخرجاتها. نريد فريقا سياسيا وطنيا يعطي الأمل للمغاربة بسلوكه و عفته و نقاء سريرته وقدرته على الفعل المجتمعي و الإقتصادي و صده لكل هجوم على المؤسسات من طرف محترفي التزوير و الريع و تزييف العمليات الانتخابية. اللهم آمين يا رب العالمين. اختتم بالدعاء كلاما عن بلادي في إنتظار أن اختتمه بأرقام عن الإنجازات.