سياسة

ميارة: عدم المساواة في الولوج للتعليم وسيلة للإقصاء الاقتصادي (فيديو)

شدد النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، على أن تثمين الموارد البشرية في الأوساط المهنية بمختلف أنواعها، خاصة كانت أو عمومية، هو الضمانة الحقيقية لتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للجميع، معتبرا أن عدم المساواة في ولوج التعليم أو في الاستفادة من جودته يعتبر وسيلة للإقصاء الاقتصادي.

وأوضح ميارة، في كلمة له على هامش فعاليات المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، أن اختلال التوازن في الرفاه الاقتصادي بين طبقات المجتمع يؤدي بالضرورة إلى تكريس الهوة الاجتماعية بينها، الشيء الذي ينعكس بشكل سلبي على مستوى انخراط مختلف مكونات المجتمع في التنمية الشاملة والمستدامة للبلاد.

وذكر رئيس مجلس المستشارين أن “عدم المساواة في ولوج التعليم أو في الاستفادة من جودته يعتبر وسيلة للإقصاء الاقتصادي، لأن من يعاني منه لا يمتلك الكفايات الضرورية للاندماج في سوق الشغل، ووسيلة للإقصاء الاجتماعي، لأنه لا يستطيع المشاركة بالفعالية اللازمة في الحياة المجتمعية”.

وزاد قائلا: “يشكل ذلك كلفة عالية بالنسبة للمجتمع بسبب، من جهة، ضعف القدرة على التنمية الناتج عن ضعف الكفايات، ومن جهة أخرى، ضعف التماسك الاجتماعي والحركية الاجتماعية الذي يفضي حتما إلى زيادة نفقات الصحة والمساعدة الاجتماعية ومحاربة الجريمة”.

واعتبر المتحدث ذاته أنه لا سبيل للتنمية الشاملة والمستدامة سوى تطوير بنيات الإنتاج مع إيلاء الأهمية القصوى للعنصر البشري بوصفه الرأسمال الحقيقي لكل مشروع تنموي، مشددا على أن الاستثمار في جودة التعليم مع مراعاة مبدأ الإنصاف يؤدي إلى تأهيل الرأسمال البشري بشكل يساعد بقوة على الرفع من وتيرة التنمية ومن فرص الرفاه الاجتماعي.

وأضاف قائلا: “لا يجادل أحد اليوم في أن المؤسسات الإنتاجية، التي هي مصدر كل نمو اقتصادي، لا يمكن لها أن تحافظ على مكانتها إلا إذا كانت قادرة على المنافسة التي تزداد اشتدادا يوما بعد يوم بفعل التطور العلمي والتكنولوجي، علما بأن تأهيل وتثمين الموارد البشرية وتوفير ظروف العمل اللائق أضحت من شروط ربح رهان هذه المنافسة”.

كما أكد ميارة على ضرورة “تثمين التراث الثقافي الوطني واستثماره في إحداث نهضة ثقافية مغربية تنهل من التراث وتستفيد في الآن نفسه من التعبيرات الثقافية المعاصرة، مع إدماج الشباب في هذه الصيرورة الثقافية الجديدة بشكل يكرس فيهم الارتباط بالعمق الثقافي لبلادهم ويشجعهم على الإبداع والابتكار”.

وأبرز رئيس مجلس المستشارين أن “العدالة الاجتماعية باتت رهينة أكثر من أي وقت مضى بمدى الاعتناء بالرأسمال البشري، باعتباره الحل المستدام الذي ينبغي أن يحظى بالعناية اللازمة وفق مقاربة نسقية شاملة تستهدف الإنسان بجميع أبعاده الجسدية والنفسية والذهنية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه “بفعل تداعيات الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد-19، صارت الدول تتبنى أطرا مرجعية تأخذ في الاعتبار الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الساكنة، وتسعى إلى تحسين نجاعة الفعل العمومي مع أفضل استفادة ممكنة للمواطن من زاوية رفاهيته وراحته”.

كما اعتبر أن “التربية تشكل مدخلا ورافعة لتفعيل هذا التوجه، كونها تمنح الفرد جميع المؤهلات التي تسمح له بالارتقاء بذاته أولا، ثم بالمجتمع ثانيا، فضلا عن خدمته للإنسانية ككل ثالثا، لأنها لا تجعله، على تعبيره، فاعلا اقتصاديا ناجعا فحسب، بل أيضا فاعلا اجتماعيا يسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك، وفاعلا ثقافيا يصون قيم حضارته وينفتح بشكل واع على قيم الحضارات الأخرى ويسهم بالتالي في بناء القيم الكونية المشتركة”.