قال الفريق الحركي بمجلس النواب، خلال جلسة مناقشة التقرير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات، الثلاثاء، بمجلس النواب إن “مفهوم ربط المسؤولية بالمحاسبة يكتسي صبغة الشمول، ويجمع ما بين ما هو تدبيري، وأيضا ما يتعلق بالسياسة العامة والعمومية للبلاد”.
وأكد البرلماني محمد هشامي، الفريق الحركي أن “الرهان هو إشاعة هذا المنطق، والتركيز عليه أكثر، مع دعم الوسائط السياسية الموكول إليها دستوريا تأطير المواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام”.
واعتبر أن مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات “محطة متميزة، باعتبارها مناسبة لتعميق النقاش العمومي، في مختلف القضايا ذات العلاقة بالتدبير العمومي، وتنزيل السياسات العمومية وتقييمها، واقتراح البدائل الممكنة، باستحضار أثر هذه السياسات على المواطن وأيضا على الاستثمار والشغل”.
وأضاف هيشامي أن التقارير التي يصدرها المجلس عموما، تشكل رافعة أساسية في مجال تقييم السياسات العمومية وتقييم التدبير العمومي، مؤكدا أهمية تتبع تنفيذ التوصيات التي يصدرها المجلس، وذلك من أجل تقييم مدى تفاعل الأجهزة المعنية مع هذه التوصيات.
فيما يتعلق بإصلاح المالية العمومية، ذكر الفريق الحركي، بما اهتدى إليه المجلس بخصوص ديمومة أنظمة التقاعد، والعجز التقني وتراجع الاحتياطات، بالنسبة للنظام المدني لمعاشات التقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وإن بحدة أقل.
وأوضح أن هيشامي أن فريقه “لا يرى الأفق أية مبادرات إصلاحية لهذه الأنظمة، التي تهدد المتقاعدين، إلا ما يتسرب بين الحين والآخر، حول هذا الموضوع بناء على دراسة سابقة لأحد مكاتب الدراسات، وهو ما قوبل بالاستهجان والرفض من قبل المعنيين”.
وشدد على أن “المطلوب هو الانخراط في إصلاح هيكلي جذري لهذه الأنظمة بالشكل الذي يراعي ظروف هذه الفئة، لاسيما في أفق توسيع الانخراط سنة 2025، لفائدة الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش في إطار ورش الحماية الاجتماعية.”
فيما يخص المالية العمومية، سجل الفريق الحركي “بإيجاب مغادرة بلادنا للمنطقة الرمادية بالنسبة للاتحاد الأوروبي ولمجموعة العمل المالي، وأيضا فتح خط انتمائي لفائدة بلدنا من طرف صندوق النقد الدولي”، مبرزا أن “هذه الحصيلة أفرزها التراكم الإيجابي لماليتنا على امتداد سنوات، ومن شأنها أن تعزز سيادتنا المالية والاقتصادية، وجلب الاستثمارات الأجنبية”.
وأشار هيشامي إلى أن “الرهان هو الاستدامة، بدل الاستثناء، وذلك في أفق التحكم في العجز المالي بغية التحكم في المديونية العمومية، وتحقيق هوامش دائمة، لتأمين ديمومة الإصلاحات التي انخرطت فيها بلادنا، وعلى رأسها ورش الحماية الاجتماعية”.
وزاد بالقول: “نعتقد اليوم بأن تراجع أسعار البوطان والقمح اللين والمواد الأولية على الصعيد الدولي، وفرت هوامش إيجابية، كما أن المداخيل الضريبية حققت بدورها مداخل مهمة، ومع ذلك فإن سؤال الأثر على المواطنين يظل مطروحا، وبالتالي، فلايمكن الاطمئنان لكذا إجراءات، إذا لم تضع حدا للمد التضخمي الجارف على المواطنين، والدليل على ذلك أن الدولة مثلا خصصت دعما لفائدة مستوردي الأضاحي، لكن السوق لازالت مشتعلة، ونفس الشيء بالنسبة لدعم النقل والسياحة في ظل غياب الاستفادة منها من قبل المواطن”.
فيما يخص تدبير المالية العمومية، تساءل الفريق الحركي عن “التدابير التي تعتزم الحكومة اتخاذها بخصوص تنزيل نجاعة الأداء، التي تقتصر حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، على الميزانية العامة بمكوناتها الثلاثة، أي الميزانية والحسابات الخصوصية ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، في حين أن نجاعة الأداء لا تشمل المؤسسات والمقاولات والشركات العمومية والجماعات الترابية”.
وتساءل الفريق أيضا عن “مدى تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية بخصوص تنزيل نجاعة الأداء بشكل سنوي بالنسبة لكل القطاعات، واستكمال كل مراحل التصديق على حسابات الدولة، وإرساء أنظمة الرقابة الداخلية وتعميم الأنظمة المعلوماتية على مستوى الإدارات العمومية، وذلك توخيا لإرساء المحاسبة على أساس الاستحقاق”.
وبالنسبة لورش الحماية الاجتماعية، دعا الفريق المعارض، الحكومة إلى “الاجتهاد أكثر في استثمار الهوامش التي أشرنا إليها آنفا لفائدة تمويل الحماية الاجتماعية”، داعيا الحكومة إلى “احترام الأجندة المتعلقة بهذا الورش، وتنفيذ الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي في موعدها نظير مدخول كرامة والتعويضات العائلية وإخراج مليون أسرة من الفقر وغيرها من التعهدات”.
وفي الشق المتعلق بقطاع المقاولات والمؤسسات العمومية، شدد الفريق الحركي على “ضرورة إعادة هيكلة المحفظة العمومية من خلال خارطة طريق واضحة بجدول زمني محدد، مؤكدين أن رهان الارتقاء بالاستثمار العمومي يتطلب الاشتغال على هذا الورش، بالشكل الذي يحقق الأثر المطلوب، والتوازن المنشود بين مختلف جهات المملكة”.
وضم الفريق الحركي صوته إلى صوت المجلس الأعلى للحسابات فيما يخص الموارد البشرية الصحية والتعليمية، حيث دعا إلى تأهيل هذه الموارد وتعميمها، واستحضار هواجسها المادية والاجتماعية مطالبين الحكومة بردها على كل الملاحظات التي تضمنها التقرير.