صدرت للكاتب المغربي مولاي أحمد صبير الإدريسي رئيس مؤسسة بيت الثقافة، رواية جديدة تحت عنوان: “حومة باب الخوخة”، عن دار الإحياء للنشر والتوزيع، وبدعم من وزارة الثقافة.
ويعد هذا العمل الروائي هو الثالث بعد “المحجوب” و”عشاق الحرية”، والسابع عشر ضمن أعمال الإدريسي المنشورة والمعدة للنشر، والتي تراوحت بين الرواية والقصة والقصة القصيرة جدا، وعدد من الدراسات الأدبية والفقهية والتأريخية.
واختار الكاتب حقبة زمنيّة محدودة لسرد أحداث روايته وتمتد من مطلع الثلاثينيات إلى أواسط السبعينيات، نجح إلى حد مدهش في وصف حياة أهالي حومة باب الخوخة بل مدينة فاس اجتماعيّا وسياسيّا، في أسلوب سردي ماتع يخيّل للقارئ – أحيانا كثيرة – أنه جزء منها.
وتحكي الرواية الجديدة فصولا مستوحاة من حياة “حومة باب الخوخة” بمدينة فاس، والتي كانت مرتعا لطفولة عدد من الأسماء المغربية اللامعة في مجال الأدب والفن والعلوم والسياسة والكفاح الوطني، وبذلك تكون هذه الرواية قد جمعت بين متعة السرد، وروعة التاريخ الذي ينثر تفاصيل أحداث ووقائع شهدتها دروب وحارات مدينة فاس، وحارة باب الخوخة على الخصوص، بدايةً من منتصف القرن العشرين.
وينجح مولاي أحمد صبير الإدريسي في أخذ القارئ عبر تقنية “الفلاش باك” إلى مرحلة الاستعمار الفرنسي، إلى مغرب ما قبل الاستقلال، ليمزج بين عبق التاريخ وسحر السرد، ولتحتل المشهد الروائي منظومةُ القيم السائدة وقتئذ، حيث يتداخل الواقع مع الخيال ضمن جدلية ممتعة من التمثلات؛ فأبناء الحومة جيلان بل أجيال تنوّعت انتماءاتهم، وتعارضت أفكارهم، وتباينت طموحاتهم.
وأضفى ذلك على سير أحداث الرواية وشخوصها تشويقا تزيّنه اللغة والحوار والسرد والتصوير، وليساهم هذا “الباكت” packt في بناء شكل روائي مميز وخاص، قد لا تجده إلا عند الأستاذ مولاي أحمد صبير الإدريسي.
اللافت في الرواية، شغف مولاي أحمد بــ “البورتري” فكما هو الحال في أعماله الروائية والقصصية السابقة يقدم الكاتب شخصياته بأسلوب أخاذ شغوف بالتفاصيل، بل بتفاصيل التفاصيل.
واستند في بناء الهيكل السردي للرواية على الحنين إلى الماضي ممتطيا صهوة “النوستالجيا”، لسبر أغوار تلك الحقبة الزّمنيّة، حيث نجح في نبش ذّاكرة هذا الماضي الغني بالأحداث والشخصيات، وجعل من رواية “حومة باب الخوخة” إضافة نوعية في عالم الرواية المغربية والعربية.