كثيرا ما نسمع في محادثات أحدهم أو في محاضرات في الجامعات أو برامج مرئية ومسموعة عبر شاشات التلفاز وغيرها: مسألة الأعراق، العرق الآري مثلا (هتلر) العرب، الأمازيغ، الزنوج…..تبدى لي أن هذه التفرقة ما هي إلا عشوائيات وضعها الإنسان بنفسه وتشبث بها لأن هذا الأخير هو من صلب واحد.
كلود ليفي ستروس 1908-2009 عاش وعاصر أزيد من عشرين سنة مع الهنود الحمر مكتشفا طريقة عيشهم ٱنتماءاتهم إلى غير ذلك …ألف كتابه الشهير “العرق والتاريخ” والذي أثار ضجة فكرية ونقدية منذ خروجه للعلن، ينتقد فيه الأطروحة العنصرية لجوزيف آرثر دي جوبينو 1816-1882 . والتي تفيد بوجود ثلاثة أعراق بدائية عظيمة ( الأسود والأبيض والأصفر) ، وهي أطروحة تجعله أحد آباء العنصرية البيولوجية..
لو عدنا عبر التاريخ ؛ الطوفان، أو قصة نوح ،وتعلمون كيف مرت هذه الأحداث،- لا ندرس مصداقية شيء وإنما نحن في صدد التحليل الأدبي والفلسفي ليس إلا-. أن أبناء نوح الثلاثة يافث حام وسام قد ٱنتشروا في الأرض يافث في شمال الأرض ( الاسكندناف وشمال الأطلسي ..) وسام في متوسطها ( شمال افريقيا شبه الجزيرة العربية، العرب ،الأمازيغ…) وحام نزل إلى إفريقيا جنوب الصحراء، وبذلك نلاحظ ألوان بشرة عمّار هذه المناطق واختلافها باختلاف الجغرافيا والمناخ، اذ انحرفنا قليلا الى مسار السوسيولوجيا فسنقر بأن الإنسان ابن بيئته وحاضرته التي تأقلم والمناخ،اللغة إلى غير ذلك، نفسيا أو سيكولوجيا إن صح التعبير المراهقة عند الطفل -الحدث- الإفريقي مثلا غالبا ما تكون مبكرة على عكس الاوروبي ما وراء المتوسط، إضافة إلى الصلابة والخشونة ولون البشرة وذلك عائد إلى المناخ والجغرافيا والتكيف. بهذا قد أكون أكدت عشوائية الإنسان في اختيار العرق وجعله مصدرا أو مرجعا أساسيا في بناء مجتمع راق والصحيح نشاهده دائما من مشادات وحروب منذ الأزل والتعصب للأفكار والهوية وخرافة العرق. إن الإنسان يُخلق جعبة فارغة والمحيط هو من عبّأه وشحنه ولا ننسى أيضا المحيط القريب العائلة أو الأسرة أيضا لها دور فعال بشكل مباشر في هذا الإنتاج وهذا ملموس عند فرويد في الفلسفة الاجتماعية حين قال أن الأب ابن الطفل .
هذا ما أردت الإشارة إليه في مستهل هذه الأسطر والذي أكده ليفي ستروس في بلاد الحُمر.