سياسة

هل يمكن للنخب أن تصلح ما أفسده النظام العسكري بالجارة الشرقية؟

نجح النظام العسكري في الجزائر في نشر ثقافة الكراهية تجاه كل ما هو مغربي وسط فئات واسعة من الشعب الجزائري، حتى أصبح المغرب الشماعة التي تعلق عليها كل الإخفاقات الجزائرية.

وقذ ظهرت هذه الكراهية في أبشع صورها خلال منافسات كأس إفريقيا الأخيرة التي نظمت بساحل العاج، فبعد إقصاء أسود الأطلس، ترددت صيحات الفرح في الشوارع الجزائرية، ممتزجة بعبارات مسيئة للمغرب.

وبالرغم من هذه الثقافة التي أنتجها النظام العسكري، فإن فرصة العودة إلى العلاقات الطبيعية والتي تربط الشعبين لا تزال قائمة والتي تقع على عاتق النخب في كلا البلدين، وفق ما أشار إليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة أورليان، عمر عبادي.

وأشار عبادي في مقال نشرته صحيفة “جون أفريك” الفرنسية إلى الدور الرئيسي الذي يمكن أن تلعبه النخب الفكرية في المغرب والجزائر في هذه الأزمة المعقدة.

وقال: “يجب عليهم أن يعملوا على رفع مستوى الوعي بين مواطنيهم حول هذه القضية، وأن ينشروا، من خلال نفوذهم الإعلامي، مقالات رأي أو مقالات علمية، وأن يشاركوا في الموائد المستديرة المواضيعية، وأن يظهروا في البرامج التلفزيونية والإذاعية”.

وقال إن هذه النخب بإمكانها أيضا استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لتبادل الأفكار الجيدة، وبالتالي المساعدة في تفكيك الأحكام المسبقة والقوالب النمطية التي تؤدي إلى تفاقم التوترات، ومن أجل كذلك تعزيز الحوار البناء والتفاهم المتبادل.

ومن خلال المناقشات والمؤتمرات، يضيف المحلل السياسي ذاته، تستطيع هذه النخب تسليط الضوء على أوجه التشابه الاجتماعية والثقافية بين الشعبين، والتأكيد على أهمية التعاون والاحترام المتبادل.

وقال أيضا: “ومن أجل التخفيف من أي شعور بالكراهية، يقع على عاتق المؤرخين المغاربة والجزائريين إحياء ذكرى الأحداث التي أبدى خلالها البلدان تضامنا. ويمكن للمؤرخين الجزائريين، على سبيل المثال، تسليط الضوء على التدخل العسكري للمغرب، تضامنا مع “إخوانه الجزائريين” خلال معركة إيسلي (1844). ويمكنهم أيضًا أن يتذكروا خطاب الملك محمد الخامس أمام الأمم المتحدة الذي طالب فيه بحماسة وتضحية ذاتية باستقلال الجزائر – وهو الخطاب الذي لا يزال يتردد صداه حتى اليوم”.

وتابع: “من جانبهم، يمكن للمؤرخين المغاربة أن يتذكروا لحظات الدعم والاحترام التي أبدتها الجزائر تجاه المغرب، إذ من خلال تذكر هذه اللحظات الرمزية، يمكن لمؤرخي البلدين المساعدة في تجاوز مشاعر الكراهية، وتعزز الروابط الأخوية بين البلدين”.

وأشار عبادي إلى دور الجامعات في هذا الإطار، حيث توفر منصة تسمح للطلاب والباحثين من كلا البلدين بالتعاون عن بعد في ظل إغلاق الحدود. الذي سيعزز هذا التعاون التفاهم المتبادل ويشجع الحوار بين الثقافات، مما يضع أسس التعاون المستقبلي والمصالحة الدائمة.

وتتمتع معاهد البحوث ومراكز الأبحاث بالقدرة على إحداث تغيير كبير من خلال رفع مستوى الوعي بالقضايا الإقليمية بين الأجيال الشابة، من خلال البحث المعمق وتنظيم ندوات ونشر التقارير ذات الصلة أو إنشاء منصات تفاعلية عبر الإنترنت، وفق تعبير عبادي.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى دور المنظمات غير الحكومية وجمعيات الشباب، التي يمكن أن تقدم  برامج تدريبية موجهة وتشجيع الشباب على المشاركة بنشاط في حل التحديات الإقليمية.

 

تعليقات الزوار