أدب وفنون

أقل من 1800 عنوان سنويا.. على ماذا يؤشر تراجع حصيلة الإصدارات بالمغرب؟

قال الباحث في المجال الثقافي، مزايط مولود هيدالله، إن الإحصائيات التي تضمنها التقرير الذي دأبت مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود على إصداره بخصوص وضعية النشر في المغرب، هي إحصائيات عادية وطبيعية جدا، وأنها إن عكست شيئا فإنما تعكس واقعا ثقافيا صعبا لا يمكن تجاهله، كما تعكس تحولات ثقافية واجتماعية لا يمكن إنكارها.

وكشف التقرير الجديد عن وضعية النشر والكتاب في المغرب في مجالات الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، لسنتي 2022 و 2023 أن حصيلة النشر المغربي لسنة 2022 – 2023، بلغت ما قدره 3482 عنوانا بمعدل إنتاج سنوي يقدر بـ 1741 عنوانا.

وقال هيدالله في تصريح لجريدة “العمق”، إن من أسباب هذه الحصيلة غياب سياسة ثقافية وطنية جادة وشمولية، تنظر إلى الشأن الثقافي من منظور استراتيجي يعزز الحضور المغربي في المحافل الإقليمية والدولية باعتبار هذا الشأن تجليا من تجليات القوة الناعمة التي تتنافس الدول على بنائها وتشكيلها.

وأشار المتحدث إلى أنه لا يمكن إغفال الانصراف الاجتماعي المشهود عن القراءة والثقافة بمعناها الكلاسيكي، وما يترتب عن ذلك من ضعف القيمة الاعتبارية للعلم والعلماء والمثقفين في المجتمع المغربي، وذلك بفعل جملة من الأسباب، لعل من أهمها التحولات القيمية الكبيرة ذات الصلة بانتشار القيم الاستهلاكية والمادية والنفعية.

وأضاف: “كما لا يمكن إغفال التحولات العميقة المرصودة في تقنيات التواصل وأشكال ووسائط النشر، وهو الأمر الذي يجعل من كل الفاعلين في الشأن الثقافي ملزمين بالتفكير في وسائل جديدة في النشر والتواصل لتبليغ المحتويات الثقافية”.

وخلص الباحث إلى أن هذا التراجع المشهود في أمر المنشورات أمر عاد بالنظر إلى أن جملة من الدول المتقدمة التي تمتاز يمنظومات تربوية وثقافية قوية تسجل التراجع نفسه، مثل فنلندا وإسبانيا وغيرهما.

وفي السياق ذاته، نوه مزايط مولود هيدالله بمثل هذه التقارير التي تعنى بأوضاع المنشورات الورقية والرقمية في المغرب، معبرا عن أمله في أن يمتد مجال بحثها ليشمل-كما يفعل في دول أخرى- معطيات أخرى تتعلق بالأرقام الحقيقية لعدد المبيعات من الكتب والمجلات، وحجم سوق النشر الوطنية، وتطور عدد العاملين في القطاع، فضلا عن تتبع المدد الزمنية التي يقضيها المغاربة في القراءة.

وأشار التقرير الذي نشرته مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، بمناسبة انعقاد الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط إن الحصيلة المعلنة تتضمن المنشورات الورقية والرقمية على حد سواء. أما حصيلة المجلات المغربية المتضمنة في الحصيلة فقد بلغت في فترة التقرير 496 عددا.

وبحسب التقرير، فإن المنشورات الورقية تمثل نسبة 92% من حصيلة النشر المغربي في المجالات المعرفية التي يشملها التقرير (العلوم الإنسانية والاجتماعية والإبداع الأدبي)؛ أما بالنسبة لحجم النشر الرقمي، فقد تحدد في فترة التقرير في 968.

وقال التقرير إن معظم الإنتاج الرقمي باللغات الأجنبية (الفرنسية والإنجليزية بنسبة 67,02) على شكل إصدارات مؤسسات عمومية وهيئات رسمية، والمؤسسات العاملة في مجال البحث، فيما قارب الإنتاج الرقمي باللغة العربية الثلث، وأغلبه تعريب لما صدر رقميا عن المؤسسات العمومية باللغات الأجنبية، وإصدارات محتشمة لبعض مراكز البحث.

ولفت المصدر إلى أن ما يميز النشر الرقمي في المغرب صدوره غالبا باللغة الفرنسية خاصة في مجالات البحث التي تستعمل هذه اللغة بشكل أساس، كما هو الحال بالنسبة مجالات الاقتصاد والتدبير والمالية والدراسات السياسية.

وأشار المصدر ذاته إلى أن الناشرين المهنيين الخواص غير قادرين على تحقيق قفزة مهمة بالنسبة للنشر الرقمي أولا بسبب هشاشة النموذج الاقتصادي للبلاد، ثم بسبب الممارسات وعادات القراء المغاربة حيث لا يزال الاعتقاد بمجانية النصوص الرقمية سائدا مع غياب الوعي بالملكية الفكرية وحقوق المؤلف. وهذا ما يفسر التراجع في حصيلة المواد الرقمية المحصاة.