يشهد المغرب انتعاشًا ملحوظًا في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث وصلت إلى مستويات قياسية منذ بداية عام 2024، حسب ما أكده الناطق الرسمي للحكومة والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس.وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الأشهر الأولى من السنة ما يعادل 16.2 مليار درهم، مسجلةً بذلك زيادة بنسبة 20٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.
وأوضح بايتاس خلال الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع مجلس الحكومة الأسبوعي، أن الرقم المعلن يعتبر ثاني أعلى مستوى في تاريخ الاقتصاد الوطني، مسجلا أن هذا الارتفاع الملحوظ في الأجنبية المباشرة في المغرب يعود إلى استراتيجية حكومية فعّالة تركز على تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الواعدة.
في هذا السياق، أوضح المحلل الاقتصادي، ياسين اعليا، أن الحديث عن بدأ المغرب في جني ثمار سياسته الاستثمارية أمر لا يمكن الجزم به كون أن الأرقام المحققة خلال هذه السنة تأتي بعد تراجع مستوى الاستثمار بشكل عام على المستوى العالمي خلال السنة الفارطة.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن المغرب لم يشكل استثناء، مستدلا بالتقرير الأونكتاد، الذي أكد تراجع مستوى الاستثمار بالمغرب عام 2023.واعتبر اعليا، أن الاستثمارات ترتبط بشكل أساسي بالحالة الجيوستراتيجية، ما يجعل الدول والمستثمرين في حالة ترقب، خاصة مع عدم استقرار مستويات النمو، وصعوبة اندماج المستثمرين داخل البلدان القريبة من مناطق التوتر.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن المملكة الاقتصادية استفادة من الوضع الاعتباري في علاقاته مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ما مكنه من جذب الاستثمارات الصينية وغيرها، مسجلا أن الاستثمارات الحالية تطرح تساؤلات أساسية متعلقة بنوعية الاستمارات، مشيرا إلى أن المغرب بحاجة إلى الاستثمارات الخالقة لفرص الشغل، من أجل تقليص نسب البطالة.
وأوضح المتحدث ذاته، أنه إذا كانت الاستثمارات الأجنبية، بلغت ثاني أعلى مستوى في تاريخ الاقتصاد الوطني، فإن البطالة بدورها ارتفعت لمستويات قياسية قاربت 14 بالمئة.وتساءل الخبير الاقتصادي، عن مدى قدرة الاستثمارات على تحسين المناخ العام للاقتصاد الوطني، ورفع المستوى الحقيقي للعيش بالنسبة للمواطن المغربي.
وأكد ياسين اعليا، أنه رغم الشكل الايجابي للاستثمارات وما تحققه من انعكاسات على مستوى خلق الثروة، إلا أن أثرها في الجانب المتعلق بخلق فرص الشغل والطلب الداخلي وارتفاع طلب المستهلكين، تفتح الباب أمام انتعاشة للأسواق الموازية للاستثمارات الأصلية، يظل محدودا.
يذكر أن تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أوضح أن المغرب شهد تراجعًا ملحوظًا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2023. حيث انخفض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.09 مليار دولار، وهو أدنى مستوى يسجله المغرب منذ عام 2004.
ويُمثل هذا التراجع انخفاضًا كبيرًا بنسبة 53.3% مقارنة بعام 2022، عندما وصل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2.34 مليار دولار، وقد بلغت هذه الاستثمارات ذروتها في عامي 2007 و 2011، وتراجعت إلى أدنى مستوياتها في عامي 2004 و 2023.
وللإشارة فقد أوضح الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس، أنه منذ الانطلاق الفعلي للميثاق في مارس 2023، تم عقد خمس لجان وطنية للاستثمارات والتي وافقت على 115 مشروع استثماري بمبلغ 173 مليار درهم و خلق 96 ألف منصب شغل.
ولفت الوزير إلى أن 82 من هذه المشاريع التي تم توقيع اتفاقيتها قد بدأت فعليا على أرض الواقع، و التي سيكون لها، تأثير ووقع كبير، ليس فقط على أرقام الاستثمارات الأجنبية، و لكن بشكل خاص على الاستثمار الوطني.