اعتبرت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب ، أن مشروع قانون المسطرة المدنية، تراجع عن مجموعة من المبادئ القانونية، معددة “الاختلالات” التي شابت هذا المشروع.وشددت مكونات المعارضة، في الجلسة التشريعية العامة المخصصة للمناقشة والتصويت على مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية، أن “المشروع تراجع عن العديد من المقتضيات القانونية”، معتبرة أن ذلك يعد “عرقلة صريحة لحق اللجوء إلى القضاء والولوج إليه بمختلف الطرق والوسائل المتاحة ويضيق على مبدأي المساواة والحق في التقاضي”.
مخاض طويل
أبرز الفريق الحركي أن “هذا المشروع جاء بعد مخاض طويل، وبعد إخضاعه للتشاور مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة”، مشيرا إلى أن “الجدل الذي صاحبه بخصوص انسجام مواده مع مقتضيات الدستور، يمكن أن تحسمه المحكمة الدستورية بتفعيل الفصل 132 من الدستور، وذلك قبل إصدار الأمر بتنفيذ القانون، لتبت في مطابقته للدستور، وخاصة الفصول 5 و6 و118 و120 و12”.
وأشار الفريق الحركي إلى أن هذا “النص كان من المفروض أن يكون مصحوبا بدراسة الجدوى والأثر، استنادا إلى القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها.”
وفي هذا الصدد، أكدت النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، فاطمة ياسين، أن “المشروع كان عليه أن يستحضر مقتضيات الفصل الخامس من الدستور والقانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وذلك بإقرار الحق للمتقاضين والشهود الناطقين بالأمازيغية في استعمال الأمازيغية والتواصل بها، خلال إجراءات البحث والتحري بما فيها إجراءات التبليغ والطعون والتنفيذ وسماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية إلى غير ذلك”.
وشددت ياسين على “أهمية إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، إيمانا بأن إشكالية عدم التنفيذ التي طالما طرحها الحزب ، تفرغ الأحكام القضائية من مضمونها، وتكرس غياب الثقة وعدم الاطمئنان الى العدالة، وبالتالي فإن المأمول هو أن تسهم الاختصاصات المخولة لقاضي التنفيذ في تجاوز العراقيل التي تعترض عملية التنفيذ، وفق قاعدة “لا خير في حكم لا نفاذ له”.
ولفتت المتحدث ذاتها، إلى أن دراسة “المشروع، مكنت من رصد مجموعة من التدابير الاجرائية الجديدة ولاسيما ما يتعلق بتدبير الزمن القضائي، وتقليص أمد البت في بعض القضايا وتعزيز التقاضي الالكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية وتنظيم الصلح والوساطة ومسطرة التبليغ، وكذا إجراءات التنفيذ”.
وبخصوص تنفيذ الأحكام الصادرة باسم الملك في مواجهة الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، أكدت النائبة البرلمانية ضرورة “فتح نقاش بخصوصها، مؤطر من جهة بالفصل 126 من الدستور الذي ينص على أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، ومن جهة أخرى بضمان سير المرفق العمومي، وضمان استمرارية خدمات المواطنين”.
ودعت ياسين لأن “تستجيب مستجدات هذا القانون لحاجيات المتقاضين من خلال معالجة كل النواقص والثغرات التي أبانت عنها الممارسة القضائية، على مستوى النجاعة القضائية وصعوبات التنفيذ وتأخر التبليغ وغيرها، معتبرين بأن إصلاح منظومة العدالة يستدعي إصلاحا شاملا للمنظومة القانونية، وفق الغايات الواردة في التوجيهات الملكية السامية، ومقتضيات الدستور”.
وشددت النائبة البرلمانية على أن ” تدبير السياسات العمومية لا يمكن أن يستقيم إلا في ظل قضاء مستقل نزيه وعادل، يربط النتائج بالأهداف، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، عدالة قادرة على أن تكون قاطرة لتحقيق التنمية بمختلف تجلياتها، تضمن للمواطنين الحماية في إطار المساواة وعدم التمييز، من خلال تحصين مبدأ المحاكمة العادلة والحرص على تنفيذ الأحكام في أجل معقول”.
عرقلة للجوء للقضاء
وأكد فريق التقدم والاشتراكية أن ” مشروع قانون المسطرة المدنية، يعتبر المدخل الرئيسي لممارسة حق التقاضي، حيث يتم الاحتكام إليه لحل الإشكالات التي تٌطرح بمناسبة النظر في بعض القضايا الذي تنظمها قوانين خاصة، وسكوت هذه القوانين أحيانا عن المسطرة التي يتعين سَلْكها، وبالتالي فإن قانون المسطرة المدنية يعتبر القانون الأم الذي يتم اللجوء إليه في حالة غياب نصوص خاصة تنظم مادة قانونية معينة”.
واعتبرت النائبة البرلمانية، نهى الموساوي، أن “عددا من المبادئ تراجعت عنها، العديدُ من المقتضيات الواردة في مشروع القانون”، معتبرة أنها “عرقلة صريحة لحق اللجوء إلى القضاء والولوج إليه بمختلف الطرق والوسائل المتاحة”.
وأبرزت المتحدث ذاتها أن المشروع تضمن “عدة مقتضيات تعرقل صراحة طرق الطعن وربطها بقيمة النزاع، حيث إن الأحكام ستصدر انتهائيا وابتدائيا في القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 30 ألف درهماً، بينما لم يعد ممكنا ممارسة حق الطعن بالنقض نهائيا في القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 80 ألف درهماً”، وفق تعبيرها.
وحسب الموساوي، فـ”بالإضافة إلى المساس بمبدأ التقاضي على درجتين هناك تقليص للدور الرقابي لمحكمة النقض على بعض الأحكام التي يمكن أن تطالها خروقات”، ملفتة أن “ما جاء في المادة 502 من المشروع يعتبر تعسفا تشريعيا وشططا في تجاوز الدستور، خاصة الفصل 126 منه، ذلك أن عدم تنفيذ الدولة وكل أشخاص القانون العام للأحكام القضائية، يُعتبر تَنَكُّرًا صَرِيحًا لحقوق المواطن على الدولة”.
تكريس التمييز
أكدت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن مشروع قانون المسطرة المدنية “ضيق على مبدأي المساواة والحق في التقاضي على درجتين بسبب “حرمان” للمتقاضين الذين تقل مبالغ قضاياهم عن قيمة مالية معينة في تجاهل تام لأوضاعهم”.
وأشارت المجموعة إلى أن هذا الأمر “لا يعتبر حيفا فقط ولكن ضربا ومساسا بحقوق الإنسان وحرمانهم من الضمانات القانونية التي توفرها محكمة النقض والمحكمة من الدرجة الثانية بحسب الحالات وكذلك إجبارهم على أداء الغرامات المرتفعة أثناء التكييف باستخدام سوء النية في ضرب سافر لمبدأ الحق في الولوج إلى القضاء”.
كما استغربت مجموعة “البيجيدي”، لما اعتبرته، “سرعة وعجلة في مناقشة المشروع، ذلك لأن وزارة العدل مرتبطة بمجموعة من الالتزامات لن يتم الوفاء بها بعد، بحيث أنها لم تحسم بعد في العديد من القضايا التنظيمية ذات الصلة بالمشروع”، على حد قولها.
وفي هذا الصدد، أوضحت النائبة هند الرطل بناني، أن هناك مجموعة من الملاحظات على مستوى صياغة بعض المواد و استعمال بعض المصطلحات، ولعل السبب هو تعدد المرجعيات التشريعية والقانونية مما أدى إلى ظهور ضعف على مستوى الانسجام، وفق تعبيرها.
ونبهت بنابي إلى ” تخوف من عدم القدرة على مواكبة المشروع للتوجه العام للمحكمة الرقمية والمخطط الرقمي من قبيل إحداث منصة التبادل الرقمي مع هيئات المحامين وباقي المساعدين القضائيين وذلك بجعل تلقي المقالات وتسجيلها وجعل المحاضر رقمية ، وكذا تفعيل التوقيع الالكتروني”.
كما أكدت المتحدث ذاتها أن ” مشروع قانون المسطرة المدنية أسس نوعًا من التمييز بين المواطن من جهة وبعض أشخاص القانون العام من جهة أخرى”، مبرزة أن “وجه التمييز بين المواطنين يتجلى في كون المشروع يعتمد سقفا ماليا للسماح للمواطن بالولوج للقضاء من عدمه، من خلال المادة 30 والمادة 375 من المشروع”.
وحسب النائبة ذاتها، فإن “هذه التعديلات مفتقدة للمشروعية الدستورية والخلفية الحقوقية وتقيم نوعا من التمييز بين المواطنين على أساس مالي”، مشيرة إلى أن “المادة 10 تثير إشكالية كبيرة تتعلق بضرب دستورية حق التقاضي ومبدأ مجانيته في هذا المشروع، ومخالفة المادة للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب”.