سياسة

بعد تحفيظها “بشكل سري”.. العمران تعتزم إعادة بيع عقارات لملاكها تحت ذريعة التهيئة

حسني الغزاوي رئيس مجموعة التهيئة العمران

علمت جريدة “العمق” أن سكان حي النهضة بمدينة طاطا يعيشون على وقع حالة من الترقب والقلق بسبب مشروع اتفاقية شراكة بين مؤسسات عمومية وشركة العمران، تقضي بإعادة تأهيل الحي من خلال آلية مالية تقوم على إعادة تسويق العقارات الموجودة، وذلك بفرض مبالغ مالية جديدة على الملاك الحاليين، معتبرين أن ذلك يمس بوضعية عقاراتهم التي استقرت قانونيا وواقعيا منذ ثمانينيات القرن الماضي.

ودعا ملاك العقارات من خلال عريضة مطلبية حصلت عليها الجريدة، وجهتها جمعية النهضة للتنمية الاجتماعية والثقافية والرياضية والبيئية بتاريخ 18 ماي 2025 إلى رئيس جماعة طاطا، إلى “عدم الموافقة لشركة العمران على فرض مخططها الربحي وغير المنطقي علينا”، مشيرة إلى أن “هذه الشركة والتي لم يسبق لها أن قامت بأی تأهيل أو تهيئة لهذا الحي منذ إحداثه، تعتزم فرض مبلغ مالي على ملاك البنايات السكنية والبقع الأرضية غير المبنية والمتواجدة بحي النهضة”.

وتشير المعطيات التي توصلت بها الجريدة إلى أن حي النهضة جرى توزيعه على المواطنين سنة 1985 من طرف الجماعة القروية لطاطا، في إطار سياسة تهدف إلى تشجيع الاستقرار بالمنطقة. وقد حصل المستفيدون آنذاك على بقع أرضية ورخص للبناء، واستقروا في مساكنهم تدريجيا، في وقت تكفلت فيه السلطات المحلية لاحقا بربط الحي بالماء والكهرباء وإنجاز تجهيزات أساسية بدعم من المجالس المنتخبة.

ويعود العقار الأصلي وفق ما توصلت به الجريدة “لشركة الجنوب للإعمار، المعروفة باسم إيراك”، والتي أدمجت سنة 2007 في مؤسسة العمران بعد توحيد شركات التهيئة، قبل أن تقوم هاته الأخيرة سنة 2016، بتحفيظ العقار بشكل شامل دون أن يتم إشعار المالكين أو فتح مسطرة إعلان نية التحفيظ، وهو ما جعل الحي يدخل في وضعية قانونية لم تثر أي إشكال لسنوات، إلى أن ظهرت خطة إعادة التسويق.

وتكشف وثائق رسمية حصلت عليها الجريدة أن عمالة إقليم طاطا احتضنت يوم 5 ماي 2025 اجتماعا بمقر الكتابة العامة، ترأسه عامل الإقليم، خُصص لدراسة مشروع اتفاقية الشراكة المتعلقة بتأهيل تجزئة النهضة، بحضور ممثلين عن السلطات المحلية والجماعة والوكالة الحضرية وشركة العمران سوس ماسة والمديرية الإقليمية للسكنى، وقد تمت خلاله المصادقة على مقترح إعادة استعمال الموارد المالية الإضافية المتأتية من إعادة تسويق العقارات بالحي من أجل تمويل أشغال التهيئة.

وبحسب محضر الاجتماع، فقد حُدّدت أثمنة البيع المحينة للمتر المربع وفق طبيعة العقار، في 500 درهم للبقع العارية المخصصة للفيلات، و800 درهم للبقع العارية متوسطة المساحة، و250 درهم للبقع المبنية (فيلات)، و400 درهم للبقع المبنية متوسطة المساحة، إضافة إلى 600 درهم للمتر المربع بالنسبة للتجهيزات العمومية كالفرن والحمام والسوق، كما نص المحضر على إضافة مبلغ 20 ألف درهم للزبناء الذين دفعوا ثمن البقعة دون إتمام إجراءات نقل الملكية.

وستُوجَّه الموارد المالية المحصلة من هذه العملية إلى تمويل مجموعة من الأشغال التي تعهدت بها شركة العمران، من قبيل تهيئة شبكة الماء الصالح للشرب، الإنارة العمومية، تزفيت الطرق، إنشاء الحزام الأخضر، تهيئة المساحات الخضراء وساحة عمومية، وإنجاز ثلاث منشآت رياضية للقرب.

أما لجنة التعمير والبيئة وسياسة المدينة والمآثر التاريخية بجماعة طاطا، فقد عقدت اجتماعا يوم 25 شتنبر 2025 لدراسة الاتفاقية، ورفعت تقريرا حصلت عليه الجريدة سجلت فيه مجموعة من الملاحظات، أبرزها أن تمويل المشروع يظل مرتبطا بعائدات عملية البيع، ما قد يعرّضه للتعثر، إضافة إلى غموض الوضعية القانونية للعقارات وعدم تحديد ما إذا كانت الرسوم العقارية قد سُلّمت للملاك، مسجلا أيضا غياب الجدولة الزمنية وتفاصيل الكلفة الإجمالية للمشروع.

وأشار تقرير اللجنة إلى أن جزءا مهما من الأشغال التي تشملها الاتفاقية من قبيل التطهير والإنارة موجود فعلا داخل الحي، مطالبا بإعادة النظر في الأسعار المقترحة واحترام الحقوق المكتسبة للملاك وعدم إلزامهم بأي التزامات مالية إضافية، مع اقتراح البحث عن حلول تمويل بديلة.

ويُنتظر أن يعرض مشروع الاتفاقية على المجلس الجماعي لطاطا خلال دورة أكتوبر المقبلة، وسط ترقب السكان لما ستسفر عنه المناقشات حول آلية إعادة التسويق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *