وجهة نظر

دكاكين خاوية على عروشها

طمأن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، تجار المملكة صغارا وكبارا، بعدما انتظرنا طويلا كي نعرف على مستوى رئاسة الحكومة، ما موقف الحكومة من العمل بنظام الفواتير على التجار.

وكانت هذه الأسابيع الباردة أصوات التجار مسموعة عند كل، إلا صوت الحكومة الصامت، وبطبيعة الحال خلف ورائه جعجعة كبيرة.

ولقد التقطت مسامعنا أول نداء للتجار إبان دخول قانون مالية 2019 حيز التنفيذ بأيام قليلة،

ثم سمعنا همسات بعض التجار هنا وهناك، في البيضاء وأكادير، دون أن نعرف صوت الحكومة.

ظل الأمر هكذا، العثماني وناطقه الرسمي وطاقمه الوزاري ساكتا إزاء تحركات التجار.

ولئن الحياة السياسية لا تحتمل الفراغ، بادر التجار بشن حروب شرسة، أغلقوا محلاتهم، وذروا البيع إلى حين نداء وطمأنة العثماني لهم وبعدها.

ذروا التجار البيع، كان عبئه على أم الوزرات كعبء المقاطعة وغيرها من المقاطعات، وهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع ، بقدر ما تلهيهم مقاطعة المهنين لدكاكينهم.

صباح يوم الأربعاء وقبله الثلاثاء وبعدهما الخميس، كانت الدكاكين خاوية على عروشها، وارتفعت الأسعار إلى الضعف وأكثر، وعلق المغاربة بين متاجر مغلوقة لأداء المقاطعة ومتاجر أخرى مفتوحة تستغل المقاطعة.

وعندها بدأت الحكومة تسارع الزمن لفك الصمت عن لسانها، وعن قانونها.

وخرج الناطق الرسمي للحديث، وقبله رئيسه، تحت قبة البرلمان، أنه سيوقف جميع الإجراءات التي تمس التجار، وبينهما خرج مولاي حفيظ يدلوا بدلوه، ويقول أن نظام الفواتير لا يطبق على تجار القرب، لنعود لنقطة الصفر من جديد.

لندخل الأسبوع الثالث على التوالي، ولا نعرف من يعرف الصحيح من الخطأ، التجار مستمرون في المقاطعة، والحكومة لكل وزيرها لغته ومعلوماته، واختلط الحابل بالنابل، وبينهم التجار، والمواطنين يتفرجون على نقل الكرة بين الأطراف.

صحيح الصمت حكمة، ولكن ليس في السياسية، خرج العثماني منذ أيام، وخطب وقال، لكن لا شيء تغير، حنكة التجار يؤمن فقط بالملموس وليس بالخطاب، هذه هي تكلفة صمت رئيس الحكومة لأسابيع.

لن نقول كان على الحكومة أن تصدر بلاغا في بدايات الإحتجاجات، يوضح لتجار حقيقة نظام الفاتورة، وإنما ماذا لو صمت التجار منذ اليوم الأول، ونحن نعرف ما الذي يمر في قانون المالية من تمريرات في صمت مطبق.

مهما يكن، فإن مقاطعة وإضراب التجار على البيع، يذكرنا جميعا، بأحداث الداربيضاء (1981 .1984) وما يعرف تحقيبيا بشهداء” الكوميرا” على حسب تعبير الراحل إدريس البصري.

لهذا، فإن صمت الحكومة هذا، كان من الممكن أن يجرنا إلى مأزق كبير، و لا كنا الان نبكى على صمت رئيسها ووزرائها.

وهل يمكن قبول حكومة بوزراء وزوراء منتدبين وأخرين كتاب دولة بإضافة إلى رئيسهم ووزير دولة، ونتنظر صدفة أو ضربة حظ لتوضيح مسألة عالقة تحرك المغرب من أقصاه إلى أدناه؟ وإذا كانت الحكومة بنفسها تعترف بمعضلة التواصل لديها، فإنه في المقابل تجد الأخبار الكاذبة والزائفة طريقها بكل سلاسة في هشيم مغربي جائع من ناحية المعلومة الرسمية.

وبل أحيانا نجد المعلومة خارج أسوار الحكومة، ثم تأتي الحكومة لتأكد أو تنفي المعلومة أو الخبر.

فكثرة صمت الحكومة لم يعد مقبولا في ظل تنامي الاخبار على مواقع التواصل الإجتماعي، وهذه عبرة لمن يعتبر، فالصمت يمكن أن يتحول إلى زيت يصب على النار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *