منوعات

طبيبة نفسية: لهذه الأسباب لن أشتري هاتفا ذكيا لأطفالي

لا يجادل أحد في الفوائد الكبيرة التي استفادتها البشرية وما تزال من ثورة تكنلوجيا الاتصالات، وخاصة ما يتعلق بالهواتف الذكية، فهذه التكنولوجيا جعلت الحياة أكثر يسرا وأكثر كفاءة.

لكن الوجه المشرق لهذه التكنولوجيا لا ينبغي أن يخفي وجهها المظلم، والذي لا توازن أضراره ومخاطره الثقيلة كل فوائد وجهها النفعي، خاصة حين يتعلق الأمر بالأطفال وصحتهم النفسية ووأمنهم الدراسي، ومستقبلهم في المجتمع.

وبعد أن استحكمت الهواتف الذكية في ثقافة الأسر، وتحت مختلف الضغوطات اليومية، وبحثا عن ملهيات جذابة، أصبحت تلك الهواتف عنصرا توسع حضوره وتجذر في حياة الأطفال مند شهورهم الأولى أحيانا.

هذا الحضور المبكر القوي للهواتف الذكية في عالم الأطفال يثير أسئلة مقلقة للعلماء والمربين وأرباب الأسر.

فما هي التأثيرات السلبية للهواتف الذكية على نمو الأطفال، وصحتهم النفسية، وكفاءتهم الاجتماعية، ومستقبلهم الدراسي؟

وما هي أسلم طريقة لمواجهة سرقة الهواتف الذكية لأطفالنا، والتي لا يعتبر العنف نهائية ضمنها؟ وهل ينبغي أن نستسلم؟

“لن أشتري أبدا هاتفا ذكيا لأي من أطفالي”

بالنسبة للدكتورة “أدريانا ستيسي”، حسب الجزيرة نت، فإن الأمر بسيط جدا والإجابة واضحة تماما حول الأسئلة السابقة: “لن أشتري أبدا هاتفا ذكيا لأي من أطفالي”، وفقا لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الأميركية في تقرير لها مؤخرا.

إنه موقف شخصي نتيجة الخبرات المهنية الكبيرة لديها، حسب المصدر السابق، فهي طبيبة نفسية تعمل بشكل أساسي مع طلاب المدارس الثانوية والجامعات في مدينة فايتفيل بولاية أركنساس الأميركية، وأثناء عملها تطلب بشكل روتيني من المرضى الجدد فتح هواتفهم وإظهار مقدار الوقت الذي يقضونه أمام الشاشة يوميا.

تقول ستيسي، حسب نفس المصدر، “نادرا ما أجد واحدا منهم تقل المدة التي يقضيها على جواله عن 9 ساعات، لذلك يمضي هؤلاء الأطفال والمراهقون وقتا على هواتفهم أكثر مما يقضونه في النوم”.

غالبا ما تحث ستيسي هؤلاء الأطفال المرضى على حذف تطبيق واحد فقط كخطوة أولى للعلاج، ولكن بالنسبة لبعض المراهقين الذين وصلوا إلى مكتبها فإن فكرة عدم متابعة “سناب شات” مثلا هو شيء مستحيل. ولذلك تقول لهم “لا يمكننا المضي قدما في علاجك حتى تتوقف عن استخدام هاتفك. لكنهم بعد أن يسمعوا هذا القول مني لا يعودون للعيادة مرة أخرى. هذا هو مدى قوة الجذب والسيطرة لهذه الأجهزة”.

لذلك اتخذت ستيسي (أم لـ4 أطفال) قرارها “هذه الهواتف ليست لأطفالي”. وتقول “إذا كانوا يريدون واحدا عندما يبلغون 18 عاما، ولديهم وظيفة، ويمكنهم تحمل تكاليفها، فهذا اختيارهم، أما أنا فلن أشتري لهم أبدا هاتفا ذكيا”.

قد تكون الطبيبة النفسية ستيسي متشددة في هذه الحرب التي تدور رحاها كل يوم بيننا وبين أطفالنا في بيوتنا، حيث يحاول الكبار الحد من استخدام الهواتف الذكية الذي يعتقدون أنه يمكن أن يكون ضارا للأطفال.

والمفاجأة الكبرى أن الآباء لا ينتصرون في هذه المعركة، وذلك لأنهم لا يواجهون أطفالهم فقط ولكن أيضا يواجهون صناعة تكنولوجية جبارة تدفع المنتجات المصممة خصيصا كي تسبب الإدمان في مجتمع استسلم إلى حد كبير للمعايير والإلحاحات والتوقعات التي أنشأتها كل هذه الهواتف والتطبيقات.

هل نستسلم لخطف أطفالنا؟

إذا كنت من الذين قرروا الاستسلام طلبا للسلام، فعلى الأقل اطلع على 5 أسباب تمنعك من شراء هاتف ذكي لطفلك كما فعلت الدكتورة ستيسي، والقرار بعد ذلك يعود لك، وذلك كما ذكرته منصة “لايف هاك” (Life Hack) مؤخرا:

1- تغير طبيعة العلاقة بين الوالدين والطفل

رغم أن الهواتف الذكية يمكن أن تكون مريحة، فإنها تغير الارتباط الذي من المفترض أن يكون موجودا بين الوالدين والطفل، وذلك لأن التواصل المباشر والمستمر بين الوالدين والأطفال في مرحلة الطفولة شيء جوهري وأساسي كي ينمو الأطفال بشكل صحي وسليم، وفي هذه العلاقة يتعلم الأطفال من الوالدين الكثير من الأشياء المهمة جدا لتطورهم ونضجهم، كما يطرحون كثيرا من الأسئلة، ويراقبون تصرفات الأبوين ويتعلمون منهم.

لكن من خلال ارتباط الأطفال وتعلقهم بالهواتف الذكية تتكون لديهم إجابات سريعة وفورية ومن دون جهد، وهو ما يعني الاستغناء عن الدعم الذي يوفره الوالدان لأطفالهما مع غياب القدوة والنموذج، إذ يستولي الهاتف الجوال على هذه الأدوار، وهو ما قد يؤدي إلى قيام أطفالك باختيارات سيئة على المدى الطويل تؤثر سلبا على مستقبلهم كله.

2- تحد من نمو الأطفال العقلي والإبداعي

يتعلم الأطفال من خلال اللعب مع بعضهم البعض، حيث ينمو عقلهم ويتطور، ويبدؤون أيضا اختراع ألعاب أخرى خاصة بهم، أو لتعويض ما ينقصهم من ألعاب من خلال صناعتها بأيديهم الصغيرة، كما كان يحدث معنا ومع جيلنا حين كنا نصنع سياراتنا وكراتنا وعرائسنا، وهو ما يعني تنمية التفكير الإبداعي الخلاق لدى الأطفال.

ولكن مع سهولة الوصول من خلال الهاتف الذكي إلى أغلب ألعابهم، أصبحت لدى الأطفال الآن منصة سهلة ومباشرة للعب ما يشاؤون من الألعاب المثيرة، من غير حاجة إلى إعمال التفكير أو الابتكار، وهذه الألعاب تحد من إبداعهم وخيالهم وتبطئ تطورهم الحسي والبصري والحركي.

3- تتسبب في حصولهم على قسط أقل من النوم

يحتاج الأطفال للنوم بشكل كاف كي تنمو أجسامهم بشكل صحي وسليم، وأثبتت دراسة علمية أن وجود الهاتف الذكي في غرف النوم سيؤدي إلى السهر وتأخير موعد النوم، وعدم حصول الأطفال على قسط كاف من النوم بسبب انشغالهم باللعب في ساعات الليل؛ مما يؤدي إلى شعورهم بالتعب والإرهاق في اليوم التالي، حيث يحتاج الطفل إلى إراحة دماغه ليواصل نشاطه في الصباح، وبالتأكيد لن يساعده الهاتف الذكي في تحقيق ذلك.

4- لا تمنح الأطفال الوقت للتفكير أو التعرف على عواقب أفعالهم

تخيل أن طفلا ما يُجري محادثة على أحد مواقع الدردشة ثم تسوء الأمور. يقوم الطفل على الجانب الآخر بشتمه وسبه، وهنا سيرد طفلك بسرعة تامة على الشتيمة بشتيمة مماثلة ويسب الطفل الآخر، وهذا مجرد مثال بسيط. يحدث هذا لأن الطفل لا يُمنح الفرصة للتفكير في تأثير وسلبية أفعاله أو ما يقوله، فمع الهاتف الذكي تحدث الأشياء بسرعة.

5- يعيق القدرة على التعلم

وفقا للباحثين، يعد الهاتف الذكي ضارا بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للطفل لأنه يصرف انتباهه عن الأشياء الأكثر أهمية، حيث يمكن أن يؤدي استخدام وقت الشاشة التفاعلي على هذه الأجهزة أيضًا إلى إعاقة تنمية الطفل للمهارات اللازمة للتعلم، خاصة في مجالي الرياضيات والعلوم الضرورية جدا لتقدمه الدراسي والعلمي والمهني في المستقبل.

وبعد هذا، هل تتفق مع الطبيبة النفسية “أدريانا ستيسي”، وتقرر أنت أيضا عدم شراء هاتف ذكي لأي من أطفالك؟ أم أنك ستستسلم لصناعة الهاوتف الذكية تخطف أطفالك، وترهن مستقبلهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *