رغم مضي 20 سنة .. تهمة الإرهاب تعيق إدماج “توأم القاعدة” وتحرمهما من العمل
حاولت تفجير البرلمان المغربي في 2003

“عرفتي هادي كانت غادي تفركع البرلمان”، هذه العبارة كانت كفيلة بأن تفقد بسببها إيمان لغريس، عملها كمستخدمة بوكالة أسفار، حيث كانت مهمتها الرد على مكالمات الزبناء. نفس العبارة تتكرر دائما على مسامع إيمان وشقيقتها المشهورتان إعلاميا بلقب “توأم القاعدة” بعدما تم التغرير بهما وسنهما لا يتجاوز 14 سنة، من أجل تفجير البرلمان المغربي أواخر شتنر 2003.
وبحسرة بادية، تحكي إيمان في حديثها مع “العمق”، معاناتها في الحصول على عمل قار، حيث في كل مرة يعلم مشغلها بقصة “توأم القاعدة” أو “أصغر إرهابيتين” يقوم بطردها من العمل، “تعرضت للطرد من العمل تقريبا 4 مرات، عندما يعلم المشغل بقصتي يبدي تعاطفه في الأول لكن سرعان ما تتغير معاملته ويقسو علي حتى يرغمني على ترك العمل” تضيف المتحدثة.
وتوالت عبارات الحسرة على لسان إيمان، وهي تسرد بعض المواقف التي حدثت معها، حيث قالت “ذات مرة اشتغلت عاملة نظافة بأحد المقاهي، واستقر بصر شرطي متقاعد علي، وتعرف علي، ورجوته آنذاك ألا يحكي قصتي لصاحب المقهى، كونه صديقه، لكنه أخبره عن حسن نية وقال له: (تهلا فالبنية واش عرفتي مسكينة شكون هادي..) ثم بدأ في سرد القصة”.
وتضيف المتحدثة، أنه في اليوم الموالي جاء صاحب المقهى بعاملة أخرى لتحل مكانها، وطردها هي من العمل، مضيفة أنه “ذات مرة وهي تعمل في وكالة أسفار، حتى جاء رجل ملتح إلى صالح الوكالة وأخبره بأنها كانت تنوي تفجير البرلمان، وما كان من صاحب الوكالة إلا أن طلب منها المغادرة إلى أن يتصل بها.
في هذا السياق، قالت إيمان إن مشغلها اتصل بها وخاطبها بالقول:”أش ديك المصيبة كنتي فيها، بغا تخرجي عليااا، وأقفل الهاتف في وجهي”، مضيفة أن مثل هذه المواقف تكررت معها كثيرا، مشيرة إلى أنها عملت كذلك مع صحفي وحقوقي وفي التنظيف وفي دار للمسنين، لكن لا عمل قار لها، يضمن لها العيش الكريم ولشقيقتها ووالدتها.
وأشارت إيمان خلال حديثها مع “العمق” إلى أن نظرة المجتمع لقصتهما خلال تواجدهما بمؤسسة حماية الطفولة، حيث كانتا تقضيان العقوبة الحبسية، كانت كلها تعاطف ودعم، سواء من الجمعيات والصحافيين والحقوقيين، لكن مع بلوغهما سن الرشد، وخروجهما من السجن كان الكل خائف من الاقتراب منهما، إلا قلة قليلة من الناس.
وفور خروج “توأم القاعدة” من السجن في سن 18 سنة، قررت شقيقتها العودة لحضن والدتها بالرباط حيث تكتريان غرفة هناك، في حين ارتأت إيمان أن تنخرط في سوق الشغل، حيث عملت لسنة ونصف في شركة تربطها شراكة مع جمعية خاصة بإدماج السجناء السابقين، لكن سرعان ما طردوها من العمل بعد نهاية العقد.
وأوضحت المتحدثة، أنها لم تستطع رفقة شقيقتها الاندماج في المجتمع، حيث مررتا بلحظات صعبة، خاصة في غياب دعم نفسي ومؤازرة العائلة، وعدم وجود أصدقاء، “كنا سنصاب الجنون، لأننا خرجنا إلى دنيا قاسية وغريبة، فأن تدخل السجن في سن 14 سنة، وتخرج منه في سن 18 سنة، بدون مؤهلات ولا شواهد أمر صعب جدا”.
وتحكي لغريس، أنها طلبت الدعم سنة 2014 من مؤسسة إدماج السجناء، حيث وضعت مشروعا لفتح محل للأكلات السريعة، “بوكاديوس”، وفي كل مرة تتواصل مع المؤسسة يطالبونها بإعداد ملف جديد، إلى أن تم التواصل معها سنة 2022، حيث طلبوا منها استبدال المشروع الأول بمشروع الخبز البلدي.
وتابعت بالقول: “وافقت على المشروع، لأنني وصلت لمرحلة كنت فيها يائسة وخائفة من ألا أحصل على شيء أصلا، منحوني معدات العمل، والتي كانت مجرد متلاشيات، إذ لا تصلح بتاتا للعمل، كما أخبرني بذلك حرفيون، وبعدها حصلت على شيك بـ3000 درهم، واستأجرت دكانا كان ينقصه الإصلاح وطلبوا مني إصلاحه، إضافة إلى أنني لم أكن أتوفر على مال لشراء السلعة”.
وأشارت إيمان إلى أن مشاريع جميع المعتقلين السابقين فشلت، وكذلك كان نصيبها مع مشروع الفرن، حيث تراكمت عليها مصاريف الكراء، واضطرت لبيع معدات العمل بثمن بخس، بالرغم من أن الوثيقة التي تسلمتها من مؤسسة الإدماج كانت قيمة المعدات خيالية، “لكنهم يعرفون بأن السجناء السابقين سيرضون بأي شيء لأنه لا بديل لهم”، وفق تعبير المتحدثة.
وطالبت المتحدثة، من المسؤولين بالتوقف عن التماطل في إدماج المعتقلين السابقين، وأن يتم إدماجهم إدماجا حقيقيا وبمعدات وأدوات جيدة تصلح للعمل على المدى البعيد، مضيفة بالقول: “واش أعباد الله شيك بـ3000 درهم يدير مشروع”.
اترك تعليقاً