مجتمع

64 % غير مدربين على استخدامه.. الذكاء الاصطناعي لا يستهوي صحافيي المغرب

أفادت دراسة صادرة عن مجموعة العمل الخاصة بموضوع “التقنين ووسائل الإعلام الرقمية”، المحدثة في إطار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، التابع لـ”الهاكا”، أن 64 في المائة من المهنيين في قطاع الصحافة غير مدربين على استخدام أدوات الذكاء الإصطناعي.

وأكدت نفس الدراسة، أن 67% من مهنيي السمعي البصري والرقمي والإعلانات يرون أن استعداد هذه القطاعات لانتشار الذكاء الاصطناعي بالمغرب “ضعيف”، في حين يرى 33%، أن هذا الاستعداد “غير موجود” على الإطلاق.

وأوضحت  نرجس الرغاي، رئيسة مجموعة العمل الخاصة بموضوع “التقنين ووسائل الإعلام الرقمية”، أن “النسخة العربية لهذه الدراسة ستتيح لجمهور أوسع فرصة التعرف على تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتويات السمعية البصرية والرقمية”.

وتسعى هذه الدراسة إلى تقديم إجابات وتوجيهات حول تساؤل محوري: “ما هي الإنجازات المحرزة في المغرب بخصوص الاستعداد لموجة الذكاء الاصطناعي في مجالات السمعي والرقمي البصري والإعلانات؟”

ولهذا الغرض، أجرت مجموعة العمل الخاصة بموضوع “التقنين ووسائل الإعلام الرقمية” استطلاعا هو الأول من نوعه بالمغرب، وُجِّه إلى المهنيين في قطاعات السمعي البصري والرقمي والإعلاني (منتجون في القطاع السمعي البصري ومخرجون وصناع المحتويات الرقمية ومعلنون)، بالإضافة إلى خبراء في الذكاء الاصطناعي وباحثين وأساتذة في السمعي البصري والرقمي.

عبد العزيز كوكاس، صحفي ومحلل أحداث، يرى أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون نقطة تحول للمؤسسات الصحفية المغربية، مؤكدا أنه “أداة من شأنها تعزيز كفاءة الصحفيين وتحسين إنتاجيتهم، لا أن تحل محلهم”.

وسجل كوكاس، في حديثه لجريدة “العمق”، أن “صلب الصحافة هو الإبداع والمشاعر الإنسانية”، وهو ما لايتوفر عليهما الذكاء الإصطناعي لحدود اللحظة، مشيرا إلى  أن مهامه تقتصر على جمع البيانات وتدقيق بعض المعلومات، بحيث يساعد في تحليل كم كبير من المعطيات بسرعة، ويمكن من ربح الوقت للتركيز على التحليل والإبداع.

وأشار الإعلامي ذاته، إلى أن تقنيات الذكاء الإصطناعي تساعد في التحقق من صحة المعلومات والكشف عن الأخبار الزائفة، وبالتالي تحقيق الجودة والخبر اليقين. وأوضح أنه يمكن للصحافيين عبر الذكاء الإصطناعي فهم توجهات القراء عبر منصات التواصل الإجتماعي، وتقسيم الأخبار بناءا على اهتماماتهم، موردا أن “تقنياته ستسمح بالوصول إلى جمهور أكبر عبر أدوات الترجمة بلغات متعددة”.

مكنت نتائج هذه الدراسة من إعداد قاعدة تحليلية لتقييم تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتويات السمعية البصرية والرقمية، حيث أتاحت بذلك فرصة قياس مدى استعداد المهنيين لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في قطاعات السمعي البصري والرقمي والإعلانات، وتقديم مقترحات بشأن القواعد الواجب اعتمادها بهذا الخصوص.

تعرض هذه الدراسة أيضًا استخدامات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المضامين السمعية البصرية والرقمية، كما تحدد تأثيره على عملية صناعة هذه المحتويات، وتتطرق للإطار التنظيمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بما يضمن الابتكار المسؤول. كما تؤكد الدراسة على ضرورة الاعتماد على بوصلة أخلاقية لتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح أمرا مُلحًّا وبالغ الأهمية.

وتؤكد نرجس الرغاي أن “الأجوبة التي تم تجميعها من المهنيين في قطاعات السمعي البصري والرقمي والإعلانات، ومن خبراء الذكاء الاصطناعي، قد ساعدت على توثيق هذه الدراسة وصياغة توصيات لاستخدام الذكاء الاصطناعي دون أضرار أو تبعات.”

وفيما يخص المخاطر، أفاد كوكاس أن غياب الرقابة البشرية الكافية، يمكن أن ينجم عنها استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض تضليلية مثل إنشاء المحتويات الزائفة عبر تقنيات “التزييف العميق” (Deepfake)، مردفا أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان التوازن بين الأخبار الآلية والأخبار التي تتطلب تحقيقا صحفيا وتحليلا عميقا.

وعن تهديد الذكاء الإصطناعي، أوضح ذات المتحدث ذاته،  أن قلق الصحفيين من استبدالهم بالآلة هو نفس الهاجس الذي تولد للعمال مع الثورة الصناعية، مشيرا إلى  أن الصحفيين المغاربة كباقي زملائهم في أنحاء العالم، يمكنهم أن يُسخّروا أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية، مع معرفة كيفية استخدام هذه الأدوات بشكل فعال، ومراعاة السياقات المحلية والثقافية.

ويرى الإعلامي ذاته،  أن هذه التقنيات قد تهدد بعض الأقسام مثل المراجعة اللغوية، وكتابة الأخبار التقليدية والبسيطة، وكذلك بالنسبة للمونتاج الفني العادي، داعيا في السياق ذاته، إلى استثمار المقاولات الصحفية المغربية في الذكاء الاصطناعي، من خلال تدريب الطاقم الصحافي على استخدام التقنيات الحديثة، وتحليل بيانات الجمهور، وتخصيص المحتوى باستخدام خوارزميات التوصية، بالإضافة إلى تطوير محتوى صوتي مثل البودكاست.