يبدو أن وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة قد تفاعل إيجابا مع مراسلة وجهها له التنسيق النقابي الرباعي تدعو إلى لقاء مستعجل مع الوزير، وذلك بعد توصله بدعوة موقعة من طرف الكاتب العام ومدير الموارد البشرية بالنيابة ومدير الشؤون القانونية والمنازعات بالنيابة. واعتبر العديد من متتبعي الشأن التعليمي هذه المراسلة رفضا واضحا من النقابات الأربع للصيغة الجديدة التي تريد الوزارة أن تواصل بها اجتماعات اللجنة التقنية.
ودعت النقابات التعليمية الأربع، النقابة الوطنية للتعليم (CDT)، الجامعة الحرة للتعليم (UGTM)، الجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، والنقابة الوطنية للتعليم (FDT)، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في هذه المراسلة المشتركة إلى عقد اجتماع عاجل للجنة العليا للحوار القطاعي، وذلك لمناقشة منهجية الحوار واستحقاقاته، استنادًا إلى مقتضيات النظام الأساسي الجديد واتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، بهدف مواصلة البناء المشترك للنصوص والقرارات التطبيقية ذات الصلة، داخل آجال زمنية معقولة.
وقال عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، كبير قاشا، إنه من المقرر أن يعقد يوم غد الثلاثاء اجتماع اللجنة العليا للحوار القطاعي بوزارة التربية الوطنية على الساعة العاشرة صباحا بمقر الوزارة بباب الرواح بين الكتاب العامين للنقابات بمعية الوزير، وذلك بعد رفضهم حضور اجتماع اللجنة التقنية المشتركة لاستكمال تدارس الملفات العالقة لعدة مبررات وعلى رأسها المنهجية التي اختار الوزير إرساءها دون أي مبرر منطقي ومقبول، وذلك بتعديه وانتهاكه لمرسوم 2.93.44 إرضاء لمصالح بعيدة عن انتظارات شغيلة القطاع، وتعيينه للجنة ثلاثية تضم كل من الكاتب العام للوزارة ومدير الموارد البشرية ومدير الشؤون القانونية والمنازعات بالنيابة.
وقال النقابي ذاته في تصريح لجريدة “العمق” إن المنهجية الجديدة تعكس تخبطا وارتجالا واضحين تعيشهما الوزارة التي حملها مسؤولية ما يمكن أن يتمخض عن هذا الوضع الذي وصفه بـ”الشاذ” وقال إنه من المقرر أن يتم الحسم في عدة نقاط في هذا الاجتماع لنقرر بعد ذلك ما إذا كنا سنواصل هذه الجلسات أو نعلن عن خطوات نضالية وحدوية في إطار التنسيق الرباعي، وعلى رأس هذه النقاط تنفيذ كل التزامات الحكومة في محضري 10 و 26 دجنبر بتعميم التعويض التكميلي لفائدة الفئات المعنية به ومراجعة ساعات العمل في كل الأسلاك والتأويل الإيجابي للمادة 81 من النظام الأساسي والتعويض عن التدريس بالعالم القروي واسترجاع الأموال المقرصنة عن أيام الإضراب، والالتزام بكل ما سبق الاتفاق عليه بشأن كل الفئات مع الكاتب العام في الجولات السابقة
واكد قاشا أن نقابته لن تقبل العودة “السيزيفية” لنقطة الصفر مرة أخرى أو مراجعة أي التزام سابق، خصوصا وأن كل ما تم التوافق عليه سابقاً كان بمعية الكاتب العام للوزارة والذي يمثل قانونيا الوزير ويؤازره في تدبير الوزارة ولم يكن مع موظف من الدرجة الثانية أو غيره، حسب تعبيره.
وكانت النقابات التعليمية قد توصلت بدعوة وقعها الكاتب العام لوزراة برادة إلى جانب المديرين سالفي الذكر لحضور اجتماع اللجنة التقنية المشتركة والذي كان من المفترض أن ينعقد غدا الثلاثاء بالمقر المركزي للوزارة بباب الرواح، والذي سيتمحور جدول أعماله حول عرض الحصيلة السنوية لتنزيل بنود اتفاقي 10 و 26 دجنبر 2023 وتنفيذ مقتضيات المرسوم رقم 224.140 الصادر في 23 فبراير 2024 في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية، وكذا استكمال تدارس القضايا الأخرى المتعلقة بتنزيل مضامين الاتفاقين والمرسوم سالفي الذكر.
من جانبه، صرح الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، يونس فيراشين، بأن النقابات ستعقد اجتماعًا مع الوزير غدًا الثلاثاء في إطار اللجنة العليا، وبناءً على نتائج هذا اللقاء، سيتم اتخاذ القرار بشأن المشاركة في لقاء اللجنة المشتركة من عدمه. وأوضح أنه إذا لم يتم الالتزام بمضامين الاتفاقات السابقة، فإن حضور اللجنة التقنية سيكون دون جدوى. وأضاف أن عدم وضوح نتائج لقاء الوزير غدًا سيجعل لقاءات اللجنة التقنية فاقدة للمعنى، مشددًا على أن الحوار دون تنفيذ الالتزامات لا يحقق أي قيمة.
وفيما يتعلق بتغيير تشكيلة اللجنة التقنية، وانتقال صلاحيات اتخاذ القرارات من الكاتب العام إلى ثلاثة أشخاص، أشار فيراشين ضمن تصريح لجريدة العمق إلى أن هذا القرار يعود إلى الوزارة، والتي ينبغي عليها توضيح هذا الموضوع بشكل جلي. وأضاف أن ما حدث يُعد إساءة إلى تاريخ الإدارة بشكل عام ووزارة التربية الوطنية بشكل خاص، والتي كانت دائمًا معروفة بضبط المراسلات واحترام الشكليات الإدارية.
وبخصوص الملفات الملحة، أكد الفاعل النقابي أن الوزارة لم تلتزم بتخفيض ساعات العمل كما تم الاتفاق عليه مع اللجنة الوزارية. كما أصر على ضرورة إقرار تعويض تكميلي للفئات المعنية، مشيرًا إلى أن الوزارة لم تلتزم بشكل واضح في هذا الملف. كما شدد على أهمية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاءات السابقة للجنة التقنية المشتركة، مثل المباراة المهنية التي خصص لها 6000 منصب، والمحدد لها تاريخ 22 فبراير الجاري، إضافة إلى مباراة الدكاترة التي كانت قد وصلت إلى مراحلها النهائية. كما أشار إلى أن الحركة الانتقالية لم يصدر بشأنها أي قرار حتى الآن. وأكد فيراشين أن ما تم الاتفاق عليه بشأن التسقيف في المادة 81 لا يزال دون ترخيص من رئيس الحكومة حتى الساعة.
وأعرب فيراشين عن أسفه لما يحدث داخل الوزارة، حيث يُحاول البعض إثارة التوتر في القطاع وخلق الاضطرابات على غرار ما حدث في الموسم الماضي. وقال: “لا أفهم ما هي مصلحة هذه الأطراف في تصعيد الوضع، خاصة أننا قطعنا شوطًا كبيرًا في العديد من الملفات”. وأوضح أن النقابات لا تطالب بأي مطالب جديدة، بل تطالب فقط بتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة مع النقابات. وأضاف أن ما يحدث قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر، مما قد يدفع الشغيلة إلى حراك أقوى من حراك الموسم الماضي، وفق تعبيره.