منتدى العمق

الخطاب الملكي السامي ينشر الفرحة ويهز عرش أباطرة الغلاء

قبل أن أدخل في الموضوع، أود من هذا المنبر أن أبارك لجلالة الملك محمد السادس والعائلة الملكية، وللشعب المغربي الأصيل، ولكل مسؤول حر غيور على وطنه، حريص على مصلحة الشعب والوطن، بمناسبة حلول شهر رمضان الأبرك، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وضبط السلوك والأخلاق وتقويم العقل والذات. إنه شهر منحه الله لكل ذي عقل حكيم وسلوك سليم، ليكون محطةً ليست روحية فقط، بل فرصةً لتهذيب السلوك وترميم ما تم كسره. سائلين الله العلي القدير أن يجعله شهر غيث، وشهر توبة ورجوع إلى الفطرة التي فطر الناس عليها.

كان الشعب المغربي والمسؤولون في حوار غير معلن حول غلاء المعيشة، خاصةً مع اقتراب شهر رمضان المبارك، حيث يستغل ضعاف النفوس وعديمو الضمائر مثل هذه المناسبات لإشعال نار الغلاء، خصوصًا في المواد الأساسية للعيش. لا أريد التطرق إلى جميع المواد التي تم التلاعب بأثمانها، لكني سأتوقف عند اللحوم، التي تعد من أساسيات العيش، وخاصةً الأضاحي. فعيد الأضحى هو مناسبة سنوية يحيي فيها الشعب المغربي المسلم شعيرةً من شعائر الله وسنةً مؤكدةً من سنن نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يسلم من جشع عباد المال الذين لا يملكون أي إنسانية، فرفعوا أسعار الأضاحي بشكل مبالغ فيه.

وبغض النظر عن الجفاف الذي تعيشه بلادنا منذ أكثر من ست سنوات، وعن قلة العلف، كان من الممكن اقتناء أضاحي العيد بأسعار تناسب دخل المواطنين، لولا تدخل سماسرة الغنم وأباطرة الغلاء، حتى أصبح شراء الأضحية عقبة يصعب على الكثير تجاوزها بسهولة. بل أصبح الهم الأكبر قبيل عيد الأضحى هو تدبير ثمن الأضحية، خوفًا من الإحراج، وطمعًا في الامتثال للعادات والتقاليد.

لكن نباهة جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، وحكمته الدائمة، واهتمامه بأحوال شعبه، حسمت هذه السنة حيرة شريحة كبيرة من المغاربة، حين أعلن جلالته عن تجاوز أداء شعيرة ذبح أضحية العيد لهذا العام. وإن دل هذا القرار على شيء، فإنه يدل على أن جلالته يتابع عن كثب أحوال رعيته، ويحرص على مصلحتهم، وفي الوقت نفسه، يغلق الأبواب أمام قراصنة الفرحة وأباطرة الغلاء.

لقد كان هذا الموقف الملكي القوي، الذي استقبله الشعب المغربي بالفرح، دليلاً واضحًا على أن جلالة الملك محمد السادس هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بكرامة شعبه الوفي والعرش العلوي المجيد.

وقبل الختام، أرجو من جلالته أن يقطع دابر هؤلاء اللصوص الذين يحرمون الشعب من الفرح والرخاء والكرامة، وأن يُقدَّم كل هؤلاء السماسرة والأباطرة إلى القضاء ليأخذوا جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة. وعلى الله قصد السبيل.