شهدت التحقيقات الجارية في قضية اختطاف المؤثر الجزائري المعارض، المعروف باسم “أمير دي زاد”، تطورات لافتة أمس الثلاثاء، حيث أفادت مصادر إعلامية فرنسية، بينها صحيفة “لو باريزيان”، بوضع خمسة أشخاص جدد رهن الحراسة النظرية. ويأتي ذلك في إطار التحقيق الذي تجريه السلطات الفرنسية حول حادثة الاختطاف التي وقعت في منطقة فال دو مارن يوم 29 أبريل الماضي، والتي تشير خيوطها الأولية إلى احتمال تورط جهات رسمية جزائرية.
وتشتبه السلطات الفرنسية في أن الموقوفين الجدد هم جزء من المجموعة التي نفذت عملية اختطاف أمير بوخرص، الاسم الحقيقي للمؤثر، حيث انتحل أفرادها صفة رجال شرطة قبل تخديره واحتجازه، ثم إطلاق سراحه لاحقا في إحدى الغابات. وتكشف التحقيقات أن بوخرص، البالغ من العمر 42 عاما والمقيم كلاجئ سياسي في فرنسا، كان هدفا لعملية مدبرة. وقالت وسائل إعلام فرنسية إن المؤشرات واضحة على أن هذه العملية السرية تحمل بصمات النظام الجزائري الغاضب من هذا المعارض السياسي. ويذكر أن السلطات الجزائرية أصدرت بحقه سبع مذكرات توقيف، ويواجه في بلاده تهما قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
ووفقا للسيناريو الذي يعمل عليه المحققون والقضاة الفرنسيون، كان المخطط يهدف إلى تهريب بوخرص قسرا إلى إسبانيا، تمهيدا لنقله إلى الجزائر. غير أن المنفذين، ولأسباب لا تزال غامضة، تراجعوا عن إكمال المهمة. وتُشير التحقيقات التي تجريها الشرطة الجنائية والمديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي إلى أن التخطيط لعملية الاختطاف ربما تم على مستويات دبلوماسية جزائرية عليا في فرنسا، وتحديدا من داخل السفارة الجزائرية بباريس والقنصلية الجزائرية في كريتاي، حيث يُعتقد أن عناصر استخباراتية كانت تنشط تحت غطاء دبلوماسي.
وكانت صحيفة “جورنال دو ديمانش” قد كشفت في وقت سابق عن اشتباه المحققين في تورط نائب السفير الجزائري في هذه العملية، والذي وُصف بأنه ضابط في جهاز الاستخبارات الخارجية الجزائرية، ويُنسب إليه الإشراف على تنفيذ عمليات سرية تستهدف مواطنين جزائريين على التراب الفرنسي، وذلك بتكليف مباشر من الرئيس عبد المجيد تبون.
كما يبرز اسم مشتبه به آخر يشغل منصبا في القنصلية الجزائرية بكريتاي، يُعتقد أنه كان مسؤولا عن موظف في وزارة المالية الفرنسية تم “تجنيده” من قبل الاستخبارات الجزائرية لتسريب معلومات حساسة عن لاجئين سياسيين من أصل جزائري في فرنسا. وتعزز “أدلة مادية”، مثل تحليلات مواقع الهواتف وتحركات مالية مشبوهة لأحد المتورطين، من الشبهات حول ضلوعهم في عملية الاختطاف، وفقا لـ”لو باريزيان”.
يشار إلى أنه ومنذ بداية القضية، تم توجيه الاتهام رسميا لثلاثة رجال وأودعوا السجن، من بينهم موظف قنصلي في كريتاي يحمل جواز سفر خدمة لكنه لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. وقد أدى اعتقاله إلى تفاقم التوتر الدبلوماسي بين باريس والجزائر، حيث نفت السلطات الجزائرية أي علاقة لها بالحادثة، وردت في وقت سابق بطرد دبلوماسيين فرنسيين، مما دفع فرنسا لاتخاذ إجراء مماثل. وتأتي الاعتقالات الجديدة لتضيف المزيد من التعقيد على هذه القضية الحساسة التي تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين.