الجزائر تعتقل “الجن” وتسجنه في البليدة

أورد تقرير لمجلة “جون أفريك” الفرنسية أن السلطات الجزائرية ألقت القبض على المدير العام السابق للأمن الداخلي، عبد القادر حداد، المعروف بلقب ناصر الجن، بعد أقل من شهر على فراره الذي أحدث هزة قوية في أعلى هرم الدولة، وأفاد التقرير بأنه تم إيداعه الحبس المؤقت في سجن البليدة العسكري بعد تقديمه فورا أمام وكيل الجمهورية لدى المحكمة العسكرية.
وكشفت المجلة أن عملية الاعتقال، التي وقعت يوم 15 أكتوبر حوالي الساعة الرابعة والنصف مساء في حي على مرتفعات الجزائر العاصمة، تمت وسط تكتم رسمي كامل، حيث لم يصدر أي بيان عن النيابة العسكرية بخصوصها، وذلك على غرار ما حدث عند انتشار خبر فراره في ليل 17 إلى 18 شتنبر الماضي. وأشار المصدر إلى أن هذا الصمت يتعارض مع عادة النيابة العسكرية في الإعلان عن سجن كبار ضباط الجيش، الذين يقبع العشرات منهم حاليا في سجن البليدة.
وأوضح التقرير أن السرية الكبيرة التي تحيط بقضية ناصر الجن تعود إلى مساره المهني الحساس والمنصب الذي شغله، بالإضافة إلى التداعيات العميقة التي أحدثها فراره داخل دوائر النظام الجزائري. وشغل الجن، الذي يعد من قدامى ضباط مكافحة الإرهاب، منصب مدير مركز “عنتر” سيء السمعة اعتبارا من عام 2021، وهو المركز الذي ارتبط اسمه بقضايا حساسة تمس مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الجن تمت ترقيته في يوليو 2024 ليتولى رئاسة المديرية العامة للأمن الداخلي، وهو الجهاز الذي يصفه البعض بالشرطة السياسية، وقد حظي حينها بثقة علنية من الرئيس عبد المجيد تبون، لكن مسيرته على رأس الجهاز كانت قصيرة، حيث تمت إقالته بشكل مفاجئ في مايو 2025 دون تقديم أي تفسيرات، وهو ما يتماشى مع حالة عدم الاستقرار التي طبعت مناصب رؤساء أجهزة المخابرات في عهد الرئيس تبون.
ورجحت بعض المصادر التي استند إليها التقرير أن إقالته المفاجئة جاءت كعقوبة له بعد أن فتح ملفات تتعلق بـ”إثراء مشبوه” طالت شخصيات من الدائرة المقربة للرئيس الجزائري وأعضاء من محيطه. ويبدو أن الجن شعر بالتهديد من ملاحقات قضائية محتملة قد تؤدي به إلى السجن لسنوات طويلة على غرار مصير العديد من كبار الضباط، مما دفعه إلى الفرار في 18 شتنبر رغم أنه كان يخضع للإقامة الجبرية وممنوعا من مغادرة التراب الوطني.
وأضافت “جون أفريك” أن حادثة فراره، سواء كان مختبئا داخل البلاد أو قد نجح بالفرار إلى إسبانيا حيث تحدثت تقارير صحفية عن امتلاكه عقارات هناك، تسببت في زلزال حقيقي داخل رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية وعالم الاستخبارات. ووفقا لما أورده المصدر، تم فرض طوق أمني على العاصمة ووضع أجهزة استخبارات أجنبية في حالة تأهب، وهو ما يعكس حجم الضرر الذي سببته هذه الحادثة، التي تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ المخابرات الجزائرية التي يفر فيها رئيس سابق لجهاز مكافحة التجسس.
اترك تعليقاً