وجهة نظر

القلوش والماستر والكنز الخفي!

كبرنا، وكبرت معنا الكثير من حكايات الباحثين عن الكنوز. حكايات ملفوفة بالغموض والإثارة، في عالم غرائبي تختلط فيه الحدود بين عوالم الإنس والجن، عالم ليلي محروس بالسرية، حيث تتمازج: الشعوذة، الحلم، البخور، القرآن، الخوف… وصفة بمثابة طقوس نحو الثراء، وإن كان الأمر أقرب إلى اضطرابات متلازمة الميتومانيا (الحلم بالحصول على المال بشكل فجائي).

طقوس العبور إلى الكنز (القلوش) صعبة ومعقدة، يجب أن تُنجز بالكثير من الدقة، فأي خطأ ستكون كلفته ثقيلة. مرة، سمعت عن شخص كان مكلفًا بالحفر، تصرف بحماقة مع الجني حارس الكنز، ولم يعرف كيف وجد نفسه في منطقة آيت اعتاب، مرميًا بعيدًا عن منطقة الحفر بأكثر من مئة كيلومتر! سمعت حكاية الشخص المعني وهو يحكي عن تجربته!

حكايات كثيرة عن القلوش والذهب والثروة، لدرجة أننا كنا ضحية “القلوش” على مستوى بناء جهازنا الإدراكي والتحليلي.

كنا نسمع تفسيرًا وحيدًا لتغير الوضعية الاقتصادية والمالية لعائلة أو لشخص ما: أن السبب هو استخراج القلوش!

كما كانت الاضطرابات العقلية تُفسَّر على أنها نتيجة القلوش، بسبب صراع مع الجني أو بسبب نزاع حول القلوش.

سمعت الكثير من الحكايات عن ضحايا القلوش، أغربها أن شخصًا وجد قلوشًا بمساعدة “الفقهاء ديال سوس”، وسوّلت له نفسه أن يغدر بشركائه، فأخرج بندقية صيد وأطلق تهديدًا.

تقول القصة إن الانتقام كان قاسيًا، بتسليط جنيّ عليه، كل مساء ما بين العصر والمغرب، يمارس عليه الجنس بطريقة سادية، حسب ما كنا نسمع!

اليوم، حين كبرتُ ودخلتُ الجامعة أستاذًا، وجدت أن هذه الحكايات ما زالت تتكرر، وأن مسلسل البحث عن الذهب والثروة ما زال مستمرًا، وأنها حكايات قد لا تنتهي ما دام الردع غائبًا.

الفرق بين قلوش قريتنا وقلوش الجامعة هو فرق في التكلفة، وفي النتيجة، وفي الوسيلة. قلوش قريتنا لم يكن يُنتج ضررًا على القرية، ما دامت عمليات الحفر تتمّ ليلًا، باستثناء حفر بعض المزارات التي تحظى بالتوقير لدى الساكنة المحلية.

أما قلوش الجامعة، فالأمر مرعب ومدمّر، ينسف سمعة الجامعة، ويُبخس مجهودات الأطر الإدارية والتربوية الجادة، حين جعل من الماستر سلعة تُباع لمن يدفع، وليس لمن يدرس!

لذا سأطالب بفتح تحقيق في كل الشهادات التي كان يُدرّس فيها الموقوف، لاسيما أولئك القادرين على الدفع، فالأمر ضروري لإيقاف هذا العبث.

تعليقات الزوار