سياسة

الجزائر تنفث سمومها ضد المغرب .. دعم بريطانيا لمخطط الحكم الذاتي يخرج نظام تبون عن جادة الصواب

كشف بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عن حالة من الانزعاج والرفض لدى النظام الجزائري تجاه الموقف الأخير للمملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء الداعم لمخطط الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب. ولم تكتف الجزائر بإبداء “أسفها” لعدم اعتماد مخطط الحكم الذاتي كأساس للمفاوضات، بل صبت جام غضبها على المقترح المغربي الجاد نفسه، واصفة إياه بـ”الفارغ المحتوى” و”غير القادر على الإسهام في تسوية جادة”، في محاولة واضحة للتقليل من شأن المبادرة التي تحظى بدعم دولي متزايد كحل وحيد وذي مصداقية للنزاع.

وكشف البيان الجزائري عن استمرار نظام العسكر في نهجه العرقلة للتوصل إلى حل سياسي واقعي. فقد ادعى البيان أن الهدف من مخطط الحكم الذاتي المغربي ليس حلا، وإنما هو “قطع الطريق أمام أي مساع جادة” و”كسب المزيد من الوقت” لـ”تعويد المجموعة الدولية على الأمر الواقع الاستعماري المتمثل في الاحتلال غير الشرعي”، في ادعاءات تتجاهل حقيقة أن المغرب يسعى لحل سلمي ودائم يضمن حقوق سكان المنطقة في إطار سيادته ووحدته الترابية، وتظهر تمسك الجزائر برواية متجاوزة للنزاع.

ولم تسلم بريطانيا من النقد الجزائري إذ وصفت الموقف البريطاني بـ”ذي الخاصية المزدوجة”، مما يؤكد أن الجزائر لا ترضى إلا بالمواقف التي تتبنى بالكامل أجندتها المعادية للمغرب وتدعم الطرح الانفصالي. وفي محاولة لتضليل المجتمع الدولي، ختم البيان بمطالب لبريطانيا، بصفتها عضوا في مجلس الأمن، بأن تواصل “مساءلة المغرب عن مسؤولياته الدولية” وتطبيق “عقيدة الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار”، في مغالطة واضحة لطبيعة النزاع الإقليمي الذي تعتبر الجزائر طرفا رئيسيا فيه وليست مجرد ملاحظ.

وتعليقا على بيان الخارجية الجزائرية، قال الإعلامي الجزائري وليد كبير، في تصريح لجريدة “العمق”، إن البيان الذي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية تعليقا على الموقف البريطاني الأخير بشأن قضية الصحراء، قد صدر في “توقيت قياسي”، ويعكس في جوهره “تناقضا وارتباكا واضحا” في الخطاب السياسي للنظام الجزائري بخصوص المسألة.

وأضاف كبير أن سرعة إصدار البيان، بعد ساعات قليلة من الموقف البريطاني، تؤكد أن النظام الجزائري “يعيش في عالم آخر”، وينكر “الواقع الدولي المتغير”، ويصر على تجاهل “تغييرات جوهرية في المواقف الدولية”، لا سيما مواقف الدول الكبرى والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مثل فرنسا والولايات المتحدة واليوم بريطانيا، إضافة إلى الموقف الإسباني الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي منذ عام 2007. ويرى أن هذا الإنكار المستمر يبرز “عزلة الدبلوماسية الجزائرية” التي ما زالت “أسيرة لخطاب تجاوزه الزمن”.

وانتقد الإعلامي ذاته البيان الجزائري لكونه كرر مصطلحات “قديمة تجاوزها الزمن” مثل الحديث عن الاستفتاء كـ”خيار واقعي”، في حين أن الأمم المتحدة لم تعد تعتبره كذلك منذ عام 2001، وتدعو باستمرار إلى حل سياسي واقعي ودائم ومقبول. وأشار إلى أن البيان انتقد مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب، لكنه في المقابل “لم يقدم بديلا واقعيا وسياسيا”، وهو ما يؤكد، في نظر كبير، أن النظام الجزائري “لا يمتلك النية الصادقة من أجل حل المشكل، بل يريد الإبقاء على الوضع الحالي” وإبقاء الملف “مفتوحا دوما على مستوى مجلس الأمن”.

واعتبر المصدر ذاته أن البيان تضمن “تعابير غير دقيقة” و”ارتباكا”، مستشهدا بوصف الحكم الذاتي بـ”المزعوم”، والحديث عما سماه البيان بـ”بوابة لشرعنة الأمر الواقع الاستعماري”، رغم أن الأمم المتحدة لا تعتبر المغرب قوة استعمارية في الصحراء، مضيفا أن البيان لم يستطع تقديم تحليل قانوني أو عقلاني لمواقف الدول الداعمة لعدالة قضية المغرب، ولم يتعامل مع حقيقة أن بريطانيا عضو دائم في مجلس الأمن، وأن دعمها لمقترح الحكم الذاتي يمثل “تغيرا جوهريا وكبيرا” في هذا الملف، مما يدل على أن الموقف البريطاني الداعم للمغرب “يضعف” النظام الجزائري الذي يعيش “خارج الإطار الزمني” للقضية.

وخلص كبير إلى أن البيان الصادر عن الخارجية الجزائرية هو “إعلان لهزيمة سياسية ودبلوماسية كاملة الأركان” للنظام. وقال إن البيان يؤكد مجددا أن النظام الجزائري هو “الطرف الرئيسي” في هذا النزاع، مشيرا إلى أن الصحراء المغربية ستبقى مغربية، وأن الملف “سيتم طيه قريبا “، مرجحا ألا تقف الصين ولا روسيا ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

يذكر أن بريطانيا، أعلنت بشكل رسمي انضمامها إلى الدول الدعمة للمقترح المغربي للحكم الذاتي بالصحراء المغربية، ضمن زخم دولي كبير للموقف المغربي الذي بات يحظى بدعم أكبر الدول المؤثرة، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، وعشرات الدول الأخرى من أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا، وهو ما يزيد من عزلة المشروع الانفصالي للجزائر وجبهة “البوليساريو”.

واعتبرت المملكة المتحدة مقترح الحكم الذاتي، المقدم من قبل المغرب في 2007، بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

وأعلنت المملكة المتحدة أنها “ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، لاسيما في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع”.

جاء ذلك في بيان مشترك وقعه، اليوم الأحد بالرباط، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.

تعليقات الزوار