منتدى العمق

مجلس الجالية المغربية بالخارج: بين سياقات التأسيس ورهانات التجديد (الجزء الأول)

تتناول هذه الورقة في جزئها الأول والثاني محاول للبحث المتفاعل، في موضوعًا راهيني بالغ الأهمية، والمتمثل في ورش تجديد مجلس الجالية المغربية بالخارج، والذي يأتي تفعيلا لما جاء خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء من قرارات بارزة تروم إحداث تحول جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج، وإصلاح الهيئات المكلفة بها.
تُقدم هذه الورقة في جزئها الأول تحليلًا شاملًا للظهير الملكي المؤسس للمجلس، وكذا عرضا ومناقشة مقترحًا لتركيبته المستقبلية، وفي نفس التناول تُسلط في جزئها الثاني الضوء على الرهانات الكبرى المرتبطة بعملية التجديد هذه.
مقدمة
لطالما شكلت الجالية المغربية المقيمة بالخارج رافدًا أساسيًا للتنمية الوطنية ورمزًا للعلاقات المتجذرة بين المغاربة ووطنهم الأم. وتأتي العناية الملكية السامية بشؤون هذه الفئة من المواطنين لتؤكد على الأهمية التي يوليها المغرب لمواطنيه في المهجر، وحرصه على ضمان حقوقهم ومصالحهم، وتوثيق أواصر ارتباطهم بهويتهم وثقافتهم الوطنية. في هذا السياق، كان إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج بموجب الظهير الشريف رقم 1.07.208 بتاريخ 21 ديسمبر 2007، خطوة استراتيجية نحو بناء إطار مؤسسي يُعنى بشؤونهم ويُمثل همزة وصل فعالة بينهم وبين مختلف المؤسسات الوطنية.
يُعنى هذا المجلس، منذ تأسيسه، بتقديم الاستشارات والاقتراحات لجلالة الملك حول القضايا المتعلقة بالهجرة وشؤون المغاربة المقيمين بالخارج، مع التركيز على صياغة السياسات، الحفاظ على الهوية، ضمان الحقوق، وتعزيز المشاركة الوطنية والمساهمة في التنمية. ومع مرور الزمن وتغير سياقات الهجرة وتزايد تطلعات الجالية، بات تجديد هذا المجلس ضرورة ملحة لمواكبة هذه التحولات وتحقيق تمثيلية أكثر شمولية وفعالية، بما يضمن استمرارية دوره كقوة اقتراحية ومحرك للتفاعل الإيجابي.
تُقدم هذه الورقة تحليلًا معمقًا لمسار مجلس الجالية المغربية بالخارج، بدءًا من سياقات التأسيس ومضامين الظهير الملكي المؤسس، مرورًا بـرهانات التجديد (الجزء الثاني) التي تفرضها التحديات الراهنة والمستقبلية. كما تستعرض الورقة التركيبة المستقبلية المقترحة للمجلس، مُحللةً إيجابياتها وتحدياتها، ومبرزةً الأهمية القصوى لضمان الشفافية، التنسيق الفعال، والمرونة في هذا الهيكل الجديد. إن التجديد المنشود لا يُعد مجرد تحديث لهيكل إداري، بل هو فرصة تاريخية لتعزيز الثقة، تبسيط الخدمات، وتحفيز المساهمة الشاملة للجالية في مسيرة التنمية المستدامة للمغرب، وتكريس دورها كجسر للتواصل الحضاري والثقافي مع بلدان الإقامة.
المحور الأول: مجلس الجالية المغربية بالخارج: قراءة في متن الظهير الملكي المؤسس
يُعد الظهير الشريف رقم 1.07.208 الصادر في 21 ديسمبر 2007، المتعلق بإحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج، وثيقة قانونية مهمة تعكس العناية الملكية السامية بالمواطنين المغاربة المقيمين في الخارج. وقد جاء هذا الظهير مؤسسا لأول مرة لهيئة استشارية خاصة تعمل على تعزيز ارتباط الجالية بوطنها والمساهمة في تنمية المغرب.
ويمكن قراءة مضامين هذا المحور من خلال الجوانب التالية:
أولا: الأسباب الموجبة والإطار العام
يستهل متن الظهير بالتأكيد على العناية الملكية السامية بالمغاربة المقيمين بالخارج وحرص جلالة الملك على تمكينهم من حقوق وواجبات المواطنة الكاملة. ويسعى إلى توثيق أواصر الارتباط بين الجالية وبلدهم الأم، وتوفير مؤسسة فعالة للتشاور والمساهمة في صياغة وبلورة سياسات الهجرة. كما يستجيب هذا الإحداث لتعهد ملكي سابق بتجاوب مع الرأي الاستشاري لمجلس حقوق الإنسان بإنشاء مجلس للمغاربة بالخارج كهيئة استشارية بجانب جلالة الملك. يؤكد الظهير على أهمية اختيار أعضاء المجلس من الشخصيات المغربية المعروفة بخصال التشبث بمقدسات الأمة وهويتها، والكفاءة والخبرة والنزاهة والمصداقية. ويشدد على ضرورة ضمان تمثيلية حقيقية ومتوازنة وذات مصداقية للجالية، مع مراعاة الإنصاف بين الأجيال، والمساواة بين الجنسين، والتوزيع الجغرافي لمناطق إقامة المغاربة بالخارج.
ثانيا: الرسالة والأهداف
تتمثل الرسالة الأساسية للظهير في إحداث “مجلس الجالية المغربية بالخارج” كهيئة استشارية رئيسية بجانب جلالة الملك. يهدف المجلس إلى إبداء الرأي في شؤون الهجرة، وخاصة القضايا التي تهم المواطنين بالخارج. تتعدد أهداف المجلس لتشمل:
صياغة السياسات: المساهمة في بلورة السياسات المتعلقة بالهجرة وشؤون الجالية.
الحفاظ على الهوية: ضمان الحفاظ على أواصر الارتباط الوثيق بهويتهم المغربية، لا سيما ما يتعلق بتعليم اللغات والتربية الدينية والعمل الثقافي.
ضمان الحقوق والمصالح: اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان حقوق المغاربة المقيمين بالخارج وصيانة مصالحهم، خاصة من هم في وضعية صعبة أو هشة.
المشاركة الوطنية: حث المغاربة المقيمين بالخارج على المشاركة في المؤسسات ومختلف مجالات الحياة الوطنية.
المساهمة في التنمية: تقوية مساهمة المغاربة بالخارج في تطوير قدرات بلدهم الأصلي وطنيا وجهويا ومحليا، في مجهود التنمية البشرية المستدامة وتحديث المجتمع.
التواصل الدولي: تطوير استراتيجيات عصرية للتواصل والتفاعل والتعاون مع بلدان المهجر على المستويات الثقافية والبشرية والاقتصادية.
رصد التطورات: رصد التطورات المتوقعة في مجال الهجرة على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.
ثالثا: الهيكل التنظيمي والاختصاصات
يتكون المجلس من الجمعية العامة، الرئيس، مكتب المجلس، الأمانة العامة، ومجموعات العمل. يتمتع المجلس بالاستقلال الإداري والمالي.
أبرز الاختصاصات:
إبداء الرأي: بشأن المشاريع الأولية للنصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بشؤون الهجرة وقضايا المغاربة المقيمين بالخارج.
التوصيات: يرفع المجلس إلى جلالة الملك توصيات بشأن الرقي بأحوال الجالية.
التقارير: يعد تقريراً سنوياً عن أنشطته، وتقريرًا عامًا كل سنتين يحلل فيه اتجاهات الهجرة المغربية وإشكالياتها، بالإضافة إلى تقارير خاصة حول قضايا محددة.
التعاون مع المؤسسات: تلتزم المؤسسات والإدارات العمومية والهيئات العامة بتزويد المجلس بالمعلومات اللازمة لإنجاز مهامه.
تأليف المجلس والعضوية:
يتكون المجلس في ولايته الأولى من خمسين (50) عضوًا بالإضافة إلى الرئيس، يتم تعيينهم بظهير شريف. تضم العضوية أيضًا ممثلين عن السلطات الحكومية المعنية ومؤسسات وطنية كبرى. العضوية تطوعية، مع إمكانية صرف تعويضات عن المهام والمشاركة في الدورات. وتحدد شروط فقدان العضوية (الإدانة الجنائية، التغيب غير المبرر، الإخلال بأخلاقيات العضوية).
رابعا: دور جلالة الملك
 يؤكد الظهير على أن جلالة الملك سيكون “ملكًا-مواطنًا” داعمًا لعمل المجلس وحريصًا على صيانة استقلاله في نطاق احترام فصل السلط وفي حدود اختصاصه. هذا التأكيد يعكس أهمية دور المجلس كمؤسسة استشارية بجانب جلالته.
باختصار، يمثل الظهير الشريف لإحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج خطوة استراتيجية نحو تعزيز دور الجالية في التنمية الوطنية وضمان حقوقهم ومصالحهم، وذلك من خلال إطار مؤسسي يجمع بين الاستشارية والاستقلالية والتمثيلية المتوازنة.
المحور الثاني: التركيبة المستقبلية لمجلس الجالية المغربية بالخارج
نتناول هذا المحور من خلال عرض مضامين المقترح، ثم تحليل ومناقشة هذه التركيبة المقترحة.
أولا: عرض مضامين الصيغة المقترحة
يتألف مجلس الجالية المغربية بالخارج في صيغته المستقبلية وفق المقترح من أربع فئات رئيسية، مرتبة كالتالي:
1- فئة الخبراء (8 أعضاء)
يُختار هؤلاء الأعضاء من بين المغاربة المقيمين داخل وخارج المملكة، ممن يتمتعون بتخصص في قضايا الهجرة. يتم تعيينهم مباشرة من قبل الملك، بناءً على كفاءاتهم، مؤهلاتهم، وخبرتهم الواسعة في مجال اختصاص المجلس.
2- فئة ممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات التنمية (8 أعضاء)
يراعى في اختيار هذه الفئة التمثيل الجغرافي والديموغرافي للمغاربة المقيمين بالخارج، ويُوزعون كما يلي:
أربعة (4) أعضاء: يمثلون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الأكثر نشاطًا في قضايا المغاربة المقيمين بالخارج. يتولى رئيسا مجلسي البرلمان تعيينهم مناصفة، وذلك بعد استشارة الفرق والمجموعات البرلمانية المعنية.
أربعة (4) أعضاء: يمثلون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الأكثر نشاطًا في قضايا المغاربة المقيمين بالخارج. يُعينهم رئيس الحكومة بموجب مرسوم خاص.
فئة ممثلي الهيئات والمؤسسات الوطنية (4 أعضاء)
تضم هذه الفئة ممثلين عن مؤسسات وطنية بارزة، وهي: المجلس العلمي الأعلى، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة وسيط المملكة، ومؤسسة التضامن، بالإضافة إلى هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. يعين كل ممثل من قبل رئيس المؤسسة أو الهيئة التي يمثلها.
فئة ممثلي الدولة (5 أعضاء).
تضم هذه الفئة ممثلي الإدارات والمؤسسات الحكومية التي تضطلع بمهام رئيسية وذات صلة مباشرة بمجال عمل الهيئة. يعين كل ممثل من قبل رئيس الإدارة أو المؤسسة التي يمثلها، وذلك لضمان التنسيق الفعال وتكامل الأدوار بين الهيئة والقطاعات الحكومية.
تحديدًا، يمكن أن تضم هذه الفئة ممثلين عن:
وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج: نظرًا لدورها المحوري في إدارة العلاقات الخارجية ورعاية مصالح المغاربة حول العالم.
وزارة الداخلية: لمسؤوليتها عن الشؤون الإدارية، الهوية، والتنسيق مع الجماعات الترابية، والتي تتقاطع مع قضايا المواطنين داخل وخارج الوطن.
وزارة العدل: لأهمية تمثيل الجانب القانوني والقضائي، خاصة فيما يتعلق بحقوق المواطنين والتشريعات ذات الصلة.
وزارة الاقتصاد والمالية: لدورها في السياسات المالية والاقتصادية، وتشجيع الاستثمار، وتحويلات مغاربة العالم، بالإضافة إلى الجوانب المتعلقة بالجوانب الضريبية والجمارك.
المؤسسات العمومية ذات الصلة المباشرة: مثل مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، أو وكالة التنمية الاجتماعية، أو أي هيئة حكومية أخرى ذات اختصاص وثيق بمهمة المجلس.
ثانيا: تحليل ومناقشة التركيبة المستقبلية المقترحة لمجلس الجالية المغربية بالخارج
تُقدم التركيبة المقترحة لمجلس الجالية المغربية بالخارج إطارًا تنظيميًا يسعى لتمثيل مختلف الأطراف المعنية بقضايا المغاربة المقيمين بالخارج. سنقوم بتحليل هذه التركيبة ومناقشة جوانبها المختلفة:
1. فئة الخبراء (8 أعضاء)
تُعد هذه الفئة من خلال متن الصيغة المقترحة ركيزة أساسية للمجلس، حيث تُعول على الكفاءات المتخصصة في قضايا الهجرة. اختيارهم من داخل وخارج المملكة يضمن منظورًا واسعًا وتجربة متنوعة. كما أن تعيينهم من قبل جلالة الملك يعكس الأهمية التي تُولى لخبراتهم ويُضفي عليهم شرعية قوية.
ويمكن النظر إلى هذه الفئة ضمن تركيبة المجلس المقترحة في مستويين:
الإيجابيات: وجود خبراء يضمن اتخاذ قرارات مبنية على دراية عميقة بالتحديات والفرص المتعلقة بالجالية. تنوع أماكن إقامتهم (داخل وخارج المغرب) يُثري النقاش ويُقدم رؤى شاملة.
التحديات المحتملة: يجب أن تكون معايير “الكفاءة” و”الخبرة” واضحة وشفافة لضمان اختيار الأكفأ والأكثر تمثيلاً للتوجهات المختلفة في مجال الهجرة.
2. فئة ممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات التنمية (8 أعضاء)
تُعطي هذه الفئة مساحة مهمة للمجتمع المدني الفاعل في قضايا الجالية للحضور في تركيبة المجلس المقبل. حيث التركيز على “التمثيل الجغرافي والديموغرافي” للمغاربة بالخارج خطوة إيجابية لضمان شمولية التمثيل. تقسيم الاختيار بين رئيسي البرلمان ورئيس الحكومة يعكس توازن القوى والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويمكن النظر الى هذه الفئة كذلك من خلال مستويين:
الإيجابيات: إشراك ممثلي الجمعيات يعزز مشاركة الجالية ويُمكنهم من التعبير عن تطلعاتهم ومشاكلهم بشكل مباشر. مراعاة التمثيل الجغرافي والديموغرافي يضمن عدم إقصاء أي شريحة أو منطقة جغرافية مهمة.
التحديات المحتملة: وتبقى في هذا الإطار متمثلة في أمرين أساسيين:
معيار “الجمعيات الأكثر نشاطًا”: نرى أنه يجب تحديد معايير واضحة وموضوعية لتقييم “نشاط” الجمعيات لتجنب أي تحيز أو تفضيل. هل يعتمد ذلك على عدد الأنشطة، حجم التأثير، عدد الأعضاء، أم معايير أخرى؟
آلية الاختيار: على الرغم من أن تقسيم التعيين بين البرلمان والحكومة يُعد توازنًا، إلا أن الشفافية في عملية الاختيار والاستشارة مع الفرق البرلمانية يجب أن تكون فعالة وحقيقية لضمان تمثيل حقيقي.
3. فئة ممثلي الهيئات والمؤسسات الوطنية (4 أعضاء)
تُشير هذه الفئة ضمن تركيبة المجلس المقبل إلى أهمية التنسيق بين المجلس والمؤسسات الوطنية ذات الصلة بقضايا المواطنين وحقوق الإنسان والشؤون الدينية. تعيين كل ممثل من قبل رئيس المؤسسة المعنية يضمن أن يكون الممثل ذا دراية تامة بمجال عمل مؤسسته.
وفي هذا السياق، يمكن تقييم هذا مقترح هذه الفئة على شكلة الفئتين السابقة، حيث النظر إليها من خلال ايجابياتها وتحدياتها المحتملة :
الإيجابيات: يُعزز هذا التمثيل التكامل بين عمل المجلس وعمل المؤسسات الوطنية الأخرى، مما يُسهم في توحيد الجهود ومعالجة القضايا بشكل شمولي (على سبيل المثال، المجلس العلمي الأعلى في الشؤون الدينية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حماية حقوق الجالية).
التحديات المحتملة: يجب أن يكون دور هؤلاء الممثلين واضحًا داخل المجلس، وهل يقتصر على نقل وجهة نظر مؤسساتهم أم يشمل المشاركة الفعالة في صياغة قرارات المجلس؟
4. فئة ممثلي الدولة (5 أعضاء)
تُبرز هذه الفئة الدور الحكومي المباشر في المجلس، مما يعكس اهتمام الدولة بقضايا الجالية وتنسيق السياسات العامة.
وهي الأخرى يمكن قراءة موثقها من التركيبة المستقبلية للمجلس من خلال رصد اجابياتها وتحدياتها المحتملة .
الإيجابيات: يضمن وجود ممثلي الدولة التنسيق المباشر مع الوزارات والإدارات المعنية بشؤون الجالية، مما يسهل تنفيذ التوصيات والقرارات الصادرة عن المجلس.
التحديات المحتملة: يجب تحديد الوزارات أو القطاعات الحكومية التي سيمثلها هؤلاء الأعضاء لضمان التنوع والشمولية في التمثيل الحكومي. كما أن عدد الأعضاء (5) يُعد مقبولًا لضمان صوت حكومي مؤثر دون أن يطغى على الفئات الأخرى.
خلاصة عامة
تُشكل هذه التركيبة المقترحة خطوة إيجابية نحو إطار مؤسسي متكامل يُعنى بقضايا المغاربة المقيمين بالخارج. لكن ولضمان فعالية هذه التركيبة، يجب التركيز على:
الشفافية والدقة: تحديد معايير واضحة وموضوعية لاختيار الأعضاء في جميع الفئات، خاصة فيما يتعلق بـ”الخبراء” و”الجمعيات الأكثر نشاطًا”.
التنسيق الفعال: بناء آليات تنسيق قوية بين مختلف الفئات داخل المجلس، ومع المؤسسات الوطنية والحكومية.
المرونة والتقييم: يجب أن تكون التركيبة قابلة للتقييم والتعديل المستقبلي بناءً على التجربة العملية لضمان فعاليتها واستجابتها لتطلعات الجالية.
خاتمة
شكل تأسيس مجلس الجالية المغربية بالخارج عام 2007 نقلة نوعية في التعامل مع قضايا المغاربة المقيمين بالخارج، مؤكدًا على دورهم الحيوي في التنمية الوطنية. ومع تطور سياقات الهجرة، أصبح تجديد هذا المجلس ضرورة ملحة لمواكبة التحديات الجديدة وتعزيز تمثيليته وفعاليته.
لقد وضع الظهير الملكي المؤسس أهدافًا واضحة للمجلس، تركزت على توثيق الارتباط بالوطن، توفير إطار للتشاور، وضمان مشاركة الجالية الكاملة في الحياة الوطنية، بالإضافة إلى صياغة السياسات، الحفاظ على الهوية، وضمان الحقوق والمصالح. كما منح المجلس استقلالية ومهام استشارية هامة في شؤون الهجرة.
وإذا كانت التركيبة المستقبلية المقترحة للمجلس تسعى لتحقيق الشمولية والفعالية عبر دمج فئات متنوعة من الخبراء، ممثلي المجتمع المدني، الهيئات الوطنية، وممثلي الدولة. ورغم الإيجابيات الكبيرة لهذه التركيبة في ضمان التنوع وتكامل الأدوار، إلا أنها تتطلب وضع معايير واضحة وشفافة لاختيار الأعضاء، وآليات تنسيق فعال بين جميع الفئات، مع التأكيد على ضرورة أن تكون التركيبة مرنة وقابلة للتقييم والتعديل لضمان استمرارية فعاليتها وتلبية تطلعات الجالية.