أكدت رئيسة منظمة النساء الحركيات، خديجة الكور، أن المشاركة السياسية للمرأة المغربية لا يمكن اختزالها في مجرد الحق في التصويت، بل تتطلب انخراطاً فعلياً في الحياة العامة وصناعة القرار السياسي، معتبرة أن ضعف تمثيلية النساء في مراكز النفوذ والتأثير يطرح تساؤلات حول مدى تحقق المساواة السياسية المنشودة، رغم التقدم الدستوري والتشريعي الذي شهده المغرب.
وأضافت الكور أن التزامات المغرب الدولية، ومن ضمنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وتوصيات مؤتمر بيكين، لم تُفعل بالشكل الكافي، ما يجعل الفجوة بين النص القانوني والتطبيق العملي قائمة.
وأشارت إلى أن الخطابات الملكية المتكررة، خاصة منذ خطاب 2003 المتعلق بإصلاح مدونة الأسرة، أكدت على مركزية قضية المرأة في المشروع الإصلاحي المغربي، إلا أن ذلك لم ينعكس بالشكل المطلوب على الواقع السياسي والمؤسساتي، حيث ما زالت النساء بعيدات عن مواقع القرار التنفيذي والحزبي.
وشددت الكور خلال مداخلة لها ضمن الندوة الوطنية حول موضوع “أدوار المجتمع المدني في ورش تعديلات القوانين الانتخابية”، التي نُظمت بالرباط يوم السبت الماضي، على أن الجهود المبذولة لتوسيع قاعدة المشاركة النسائية عبر آليات التمييز الإيجابي، مثل اللوائح الوطنية والجهوية، قد أفضت إلى نتائج إيجابية نسبياً، لكنها تبقى غير كافية، نظراً لأنها لا تستند إلى معايير الكفاءة والاستحقاق، بل تعتمد على حصص مؤقتة لا تضمن استدامة الحضور النسائي.
وأكدت أن المجتمع المدني، وعلى رأسه الجمعيات النسائية، لعب دوراً محورياً في الترافع وتقديم المقترحات من أجل تمكين النساء سياسياً، غير أن هذه المبادرات تصطدم بعدة عوائق ثقافية واقتصادية ومؤسساتية، منها ضعف الإمكانيات، واستمرار الصور النمطية، ومحدودية الدعم الحزبي للنساء، إضافة إلى تنامي العنف السياسي. كما نبهت إلى خطورة تفشي ممارسات غير ديمقراطية داخل الأحزاب، كاعتماد قرابة عائلية في تزكية المرشحات، مما يُفرغ اللوائح النسائية من مضمونها الإصلاحي.
وفي هذا الإطار، دعت الكور إلى إدخال تعديلات جوهرية على القوانين الانتخابية، تفرض التناوب الإلزامي بين النساء والرجال، وتربط الدعم العمومي الموجه للأحزاب بمدى إشراك المرأة في الهياكل التنظيمية والمواقع القيادية، مع ضرورة تضمين التكوين السياسي والمواكبة القانونية ضمن البرامج الوطنية.
كما اقترحت تطوير اقتصاد الرعاية عبر الاستثمار في البنيات الاجتماعية والخدمات العمومية، بما يتيح للنساء التفرغ للممارسة السياسية. وخلصت إلى أن تمكين النساء في الحياة السياسية لم يعد شأناً حقوقياً فحسب، بل ضرورة استراتيجية لبناء دولة ديمقراطية قوية ومجتمع متوازن في ظل التحولات الوطنية والدولية.