مجتمع

“ثروة مهملة وسموم قاتلة”.. تقرير رسمي يحذر من خطر النفايات الإلكترونية بالمغرب

دق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ناقوس الخطر بشأن التزايد المهول لنفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في المغرب، التي يتوقع أن تلامس 213 ألف طن بحلول عام 2030.

وفي رأي بعنوان “نحو اقتصاد دائري للأجهزة الكهربائية والإلكترونية: من نفايات إلى موارد”، كشف المجلس عن ضعف مهول في تثمين هذه النفايات التي تشكل “منجما حضريا واعدا” لكنها تتحول إلى “سموم” تهدد البيئة والصحة العامة بسبب سوء التدبير وهيمنة القطاع غير المنظم.

وأشار المجلس إلى أن المغرب أنتج 177 ألف طن من نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في عام 2022، مقابل 127 ألف طن في عام 2015. وعلى الرغم من الإمكانات الاقتصادية الهائلة لهذه النفايات – والتي تقدر قيمتها السوقية بحوالي 1.2 مليار درهم من المعادن الثمينة كـ 630 مليون درهم من الذهب، 403.5 مليون درهم من النحاس، 31.5 مليون درهم من الفضة، و63 مليون درهم من البلاديوم، و11 مليون درهم من الألومنيوم – فإن نسبة ما يعاد تدويره لا تتجاوز 13% فقط، في حين تتجاوز دول الاتحاد الأوروبي 70%.

ويعتبر هذا الرقم صادما بالنظر إلى أن البطاقات الإلكترونية وحدها، والتي تشكل 7% من هذه النفايات، تحتوي على كميات معتبرة من الذهب والبلاديوم. وشدد المجلس على أن الأسر هي المصدر الرئيسي لهذه النفايات بنسبة 74%، مما يزيد من تعقيد عملية جمعها وفرزها.

وكشف رأي المجلس عن حقيقة مقلقة أخرى تتمثل في التصدير غير الرسمي لكميات هائلة من نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية إلى الخارج، حيث يتم شحن ما يقارب 5.1 مليون كلغ سنويا، 64% منها عبر قنوات غير رسمية، حيث أن هذه الظاهرة لا تمنع فقط المغرب من الاستفادة من هذه الموارد الثمينة محليا، بل تساهم أيضا في تفاقم المخاطر البيئية والصحية.

وحذر مجلس اعمارة من أن حرق هذه النفايات في المطارح العشوائية، خاصة في القارة الإفريقية التي تستورد كميات كبيرة منها من أوروبا بشكل غير قانوني، يؤدي إلى انبعاث مواد سامة وخطيرة مثل الديوكسينات والمعادن الثقيلة والرصاص، مما يسبب تلوثا خطيرا للهواء والتربة والمياه الجوفية، ويؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان، خاصة العاملين في القطاع غير المنظم والسكان المجاورين.

وأشار إلى أن مطرح “أغبلوغبي” في أكرا بغانا، الذي يستقبل 20 ألف طن من هذه النفايات سنوياً من أوروبا بشكل غير قانوني، يُعد من بين أكثر المواقع تلوثاً في العالم.

في سياق متصل، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة إنشاء سلسلة قيمة وطنية مستدامة ومسؤولة لتدبير نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، واعتبرها رافعة أساسية للاستراتيجية الوطنية للانتقال نحو الاقتصاد الدائري.

وأوصى المجلس بمراجعة التصنيف القانوني الحالي الذي يدرج هذه النفايات ضمن “النفايات الخطرة”، بما يمنع تثمينها بشكل فعال، وإدراج نفايات الألواح الشمسية ومعدات التنقل الكهربائي والهجين ضمن الإطار القانوني لضمان تغطية شاملة، وإدماج مبادئ التصميم الإيكولوجي وفرض التزامات صارمة تتعلق بالاستدامة وقابلية الإصلاح ضمن “المسؤولية الموسعة للمنتجين”.

كما دعا إلى إعداد مصنف موحد لمكونات نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، مع جرد وطني للمواد والمعادن الاستراتيجية لتتبعها وتيسير إعادة استخدامها، وإرساء آليات تحفيزية مالية وجبائية لتشجيع الاستثمار في إعادة التدوير، واستهداف المنتجين والموزعين والفاعلين في التدوير والمبتكرين، وتهيئة مطارح خاصة لهذه النفايات بمعايير صحية وبيئية صارمة.

ومن جملة توصياته، إدماج القطاع غير المنظم من خلال تشجيع انتظام العاملين في تعاونيات، واعتماد وسم إلزامي على الأجهزة الكهربائية والإلكترونية يتضمن عبارة “لا يُرمَى في القُمامة”، وبيانات حول كيفيات الإصلاح والصيانة والمكونات الخطرة، وإبرام شراكات إقليمية وإفريقية لتضافر الجهود في جمع النفايات وبناء سلسلة قيمة إقليمية متكاملة.