مجتمع

رغم الجدل القانوني.. شركات تواصل استعمال “الصابو” ومواطنون يبتكرون طرقا لفكه

الصابو

تتواصل في عدد من المدن المغربية، وعلى رأسها الدار البيضاء والرباط، موجة الجدل حول ما يعرف بـ”الصابو” أو “الكماشة”، وهي أداة حديدية تثبّت على عجلات السيارات لشل حركتها بدعوى مخالفة قانونية في الوقوف.

وبينما تعتبرها الجماعات المحلية وسيلة لضبط مواقف السيارات، يصفها مواطنون وحقوقيون بأنها ممارسة غير قانونية تمس بحقوق الملكية وحرية التنقل، ما دفع بعضهم إلى البحث عن حلول بديلة لفك “الصابو” بطرق ذاتية أو عبر مبادرات خاصة.

إطار قانوني مثير للجدل

المحامي والحقوقي بهيئة الرباط، محمد ألمو، يؤكد في تصريح لجريدة “العمق” أن وضع “الصابو” على سيارات المواطنين “أمر غير قانوني”، لكونه يشكل “عقلا مباشرا لممتلكات خاصة”، مشيرا إلى أن أحكاما صادرة عن بعض المحاكم الإدارية اعتبرته غير مشروع.

وأوضح ألمو أن هذه الممارسة تندرج ضمن اختصاصات الشرطة الإدارية التي لا يجوز تفويضها، مبرزا أن “العقد المبرم بين المجلس الجماعي وشركة خاصة يفوض بمقتضاه للجماعة اختصاصا حصريا، بينما يقتصر حضور العون الجماعي على إضفاء الشرعية الشكلية”.

وأضاف أن فرض المجالس الجماعية لتسعيرة مالية مقابل فك “الصابو” يعد “تطاولا على اختصاصات السلطة التشريعية التي يحددها الفصل 71 من الدستور”، مما يجعله مساسا بمبدأ المشروعية وفصل السلط.

ضغط نفسي وابتزاز مالي

من جهته، جدد رئيس الجمعية الوطنية لحماية الملك العام، د. سللي عبد العالي، رفض جمعيته لكل أشكال احتلال الملك العام، معتبرا أن “الصابو” يفتقر للسند القانوني، وأن القضاء الإداري المغربي حسم في عدم مشروعيته، مستشهدا بأحكام نهائية صادرة ضد جماعات محلية، منها الرباط وطنجة، ألغت قرارات السماح بوضعه.

وأشار سللي إلى أن الاستمرار في استعماله، خاصة في الدار البيضاء، يسبب أضرارا نفسية ومادية للمواطنين، من ضغط مالي وابتزاز مادي، إلى تقييد حرية التنقل، وأحيانا إلحاق أضرار مادية بالسيارات.

كما لفت المتحدث ذاته إلى بروز مبادرات فردية وتجارية لصناعة وبيع مفاتيح خاصة لفكه، في ظل غياب أي إطار قانوني يجيز هذا الإجراء.

صناعة مفاتيح لفك “الصابو”

زكرياء، أحد الشبان الذين ابتكروا أدوات خاصة لفك “الصابو”، يروي لجريدة “العمق” أن الفكرة راودته سنة 2018 بعد تعرضه لموقف محرج في حي بورغون بالدار البيضاء، حين تركت سيارته محتجزة بالصابو لساعات دون استجابة من المسؤولين، مبرزا: “شعرت بالإهانة وقررت البحث عن حل، فصنعت أول أداة بيدي، ثم طورتها لاحقا”.

ويضيف زكرياء أن نشاطه بدأ فعليا سنة 2021، ويشمل الدار البيضاء والرباط ومدن أخرى، حيث يشتري البعض المفاتيح لحاجة فعلية، وآخرون بدافع الفضول أو التحدي.

ورغم تواصل بعض الأجهزة الأمنية معه، يؤكد زكرياء أن ما يقوم به “ليس فوضى أو تعديا على القانون”، معتبرا أن الفوضى الحقيقية هي “غياب قرار واضح من الدولة”. ويرى زكرياء أن إزالة “الصابو” ستكون “انتصارا”، فيما تبقى المبادرات الفردية رد فعل على ما يعتبره تجاوزا لحقوق المواطنين.

بين القانون والواقع

تظهر المعطيات التي استقتها جريدة “العمق” أن الجدل حول “الصابو” في المغرب يتجاوز البعد التقني لضبط مواقف السيارات، ليصبح قضية حقوقية وقانونية تلامس صميم علاقة المواطن بالمؤسسات.

وبينما يرى المحامون والحقوقيون أنه ممارسة غير مشروعة تمس الملكية وحرية التنقل، يبتكر مواطنون حلولهم الخاصة لمواجهتها، في انتظار حسم مؤسسات الدولة في هذا الملف الشائك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *