مرة أخرى، نودع شابا في مقتبل العمر خطفته مياه وادي درعة وهذه المرة بجماعة مزكيطة إقليم زاكورة. شاب يبلغ من العمر 18 سنة قَدِم من الدار البيضاء لقضاء عطلة الصيف بين أهله فعاد جثة هامدة بعد أن جرفته المياه على بعد كيلومترات من مكان استحمامه.
الفاجعة تكررت ومآسي الغرق في هذا الوادي أصبحت مشاهد مألوفة مع كل صيف جديد. كم من ضحية نحتاج بعد، كي ندرك أن السباحة في مياه درعة خاصة خلال فترات إطلاق مياه سديّ المنصور الذهبي وأكدز ليست نزهة بل مغامرة محفوفة بالموت؟
المؤلم أن التحذيرات لم تغب والتنبيهات لم تتوقف. فعاليات جمعوية محلية وناشطون غيورون على المنطقة ما فتئوا يدقون ناقوس الخطر. لكن لا آذان صاغية! لا من الجهات المسؤولة ولا من أولياء الأمور الذين يركنون للتجاهل أو الاستهانة.
أين هي الحواجز الوقائية؟ أين اللافتات التحذيرية؟ أين المسابح الجماعية أو البدائل الآمنة؟ بل أين الحملات التحسيسية الموجهة نحو فئة الشباب تلك الفئة التي لا تجد في عز حر الصيف غير الوادي ملاذًا من لهيب الشمس دون أن تدري أنها تسبح نحو الموت؟
ليست هذه الفاجعة الأولى ولن تكون الأخيرة ما لم نمر من الحزن إلى الفعل ومن التأثر إلى التحرك. ما يحدث في وادي درعة لا يجب أن يظل مجرد مأساة عائلية بل ينبغي أن يعترف به كجريمة صمت جماعية وصمة عار في جبين من يتقاعس عن حماية الأرواح.
نحن بحاجة إلى أكثر من الحداد:
نحتاج إلى حملات توعوية مستمرة تبدأ من الدواوير او مساجد الدواوير وتمتد إلى الفضاءات العامة.
نحتاج إلى بنية تحتية وقائية تضع حدا لهذا النزيف السنوي.
نحتاج إلى بدائل ترفيهية حقيقية من مسابح ومراكز رياضية وثقافية مفعلة تستقطب الشباب وتبعدهم عن مواطن الخطر.
ونحتاج قبل كل شيء إلى وقفة ضمير تقول بملء الفم: كفى من الإهمال كفى من الموت المجاني كفى من الغرق في صمت.
رحم الله الفقيد وألهم أهله الصبر والسلوان وجعل من فقده شرارة توقظ الغافلين وصرخة حياة في وجه اللامبالاة. إنقاذ ما تبقى من شباب هذه المنطقة ليس ترف بل واجب مستعجل وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته.