مجتمع

فوضى الباعة الجائلين تربك مقاطعة عين الشق ومطالب بإصلاح الأسواق المهجورة

تعاني منطقة سيدي معروف التابعة لمقاطعة عين الشق بمدينة الدار البيضاء من تفاقم ظاهرة الباعة المتجولين وانتشار الأنشطة التجارية العشوائية، ما يُسهم في تدهور جاذبية الفضاءات التجارية النظامية، ويُعيق السير العادي للنشاط الاقتصادي، فضلًا عن ما تسببه هذه الظاهرة من اكتظاظ واختناق مروري وفوضى في التنظيم الحضري.

رغم التحذيرات المتكررة والدعوات التي أطلقتها فعاليات سياسية ومدنية بضرورة التدخل العاجل، إلا أن المجلس الجماعي لمقاطعة عين الشق لم يُبلور إلى حدود الساعة أي رؤية واضحة أو استراتيجية متكاملة لإعادة تأهيل الأسواق القائمة، أو لإحداث بدائل تنظيمية تُمكّن الباعة المتجولين من الاشتغال في إطار قانوني يراعي شروط السلامة والصحة والنظافة.

ويدعو عدد من الفاعلين المحليين إلى ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية بين السلطات المحلية، والمجلس الجماعي، والمجتمع المدني، من أجل بلورة مشروع متكامل لإعادة تأهيل أسواق سيدي معروف، من خلال إحداث فضاءات تجارية بديلة ومجهزة، ومواكبة الباعة المتجولين في إطار عملية إدماج تدريجية تحفظ النظام العام وتُساهم في التنمية المحلية.

وتبقى الخطوة الأولى – بحسب المتتبعين – هي امتلاك الإرادة السياسية ووضع تشخيص دقيق للوضع القائم، يليه إطلاق برنامج تأهيلي يراعي الخصوصيات السوسيو-اقتصادية للمنطقة، ويُجنبها السيناريوهات العشوائية التي باتت تهدد مستقبلها العمراني والتجاري.

وعبر عامر الفقير، رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس مقاطعة عين الشق، عن قلقه العميق إزاء الوضعية المتفاقمة التي تعيشها منطقة سيدي معروف، بفعل الانتشار الواسع والعشوائي للباعة المتجولين، وما يترتب عن ذلك من اختلالات في التنظيم الحضري، وتراجع جودة العيش بالنسبة للسكان.

وقال الفقير، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، إن اللجنة التي يرأسها سبق لها أن أثارت هذا الموضوع في عدة مناسبات أمام رئيس المقاطعة، شفيق إبن كيران، داعية إلى ضرورة التدخل العاجل لإيجاد حلول عملية ومستدامة لهذه الظاهرة التي باتت تؤرق ساكنة المنطقة وتسيء لصورتها.

وأكد المتحدث أن من بين الحلول التي جرى اقتراحها من قبل اللجنة، إعادة تأهيل مجموعة من الأسواق البلدية المهجورة أو غير المستغلة بالشكل الأمثل، على غرار سوق بومال وسوق “فورصة” المتواجد بمنطقة الخير.

وأشار إلى إلى أن هذين الفضاءين التجاريين يضمان ما يزيد عن 200 محل تجاري قابل للتوظيف في تنظيم التجارة وتنقيل الباعة الجائلين إليها، مما من شأنه تقليص حدة الفوضى المنتشرة في الشوارع والأزقة.

وأضاف الفقير أن “هيكلة هذه الأسواق وتأهيلها بالشكل المطلوب لن يكون فقط حلا لمعضلة الباعة المتجولين، بل سيمثل خطوة مهمة نحو إعادة الاعتبار لأسواق القرب، وتنشيط الدورة الاقتصادية المحلية، وتوفير بيئة تجارية منظمة تضمن كرامة التاجر وتحترم حقوق المستهلك”.

ورغم هذه المبادرات والاقتراحات العملية، يقول الفقير، فإنها قوبلت بتجاهل غير مبرر من طرف رئيس المقاطعة، الذي لم يبد أي تجاوب ملموس أو إرادة حقيقية للمضي في هذا الاتجاه، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول أولويات المجلس المحلي والتزامه بقضايا الساكنة.

واعتبر الفقير أن الإهمال الذي طال هذه الأسواق من طرف الجهات المسؤولة، وعدم استثمارها كرافعة لتنظيم القطاع غير المهيكل، يعكس فشلا في تدبير الشأن المحلي، لاسيما في ظل تنامي مظاهر العشوائية والاحتلال غير القانوني للملك العمومي، التي أصبحت تسيء لسمعة المنطقة وتعرقل جهود التنمية.

وختم الفقير تصريحه بالتأكيد على أن اللجنة الاقتصادية والمالية ستواصل الضغط والترافع من أجل تفعيل هذه الحلول، مطالبا بإشراك كافة المتدخلين، من سلطات محلية ومجتمع مدني، في وضع تصور شمولي لمعالجة هذا الملف بما يضمن التوازن بين البعد الاجتماعي والبعد التنظيمي.